* في لمحات قليلة ومحسوبة بذاكرة (أكل العيش!) قدّم بعض أفراد الكوميديا في السودان نقداً للواقع السياسي من خلال السخرية؛ دون أن يقطعوا الشعرة مع السلطة..! وميزة النكات أنها تتسلل بلا رقيب نسبة لمحمولاتها المحددة التي تتعامل معها أيَّة جهة في إطار الترويح، سواء كانت هذه الجهة غافلة أو منتبهة..! وليس مهماً أن يكون راوي النكتة مصادماً، بقدر أهمية أن يكون صاحب رسالة ذكية تختصر المسافة للوعي بدرجاته المتفاوتة..! ومن ثم يتفاعل المجتمع مع (النكتة المحددة) على ضوء جهد الراوي في (التوعية) وبث التغيير الإيجابي في المجتمع..! * الوقائع التي تحكيها (النكات) وإن لم تكن جديدة أو مدهشة؛ إلاّ أن مفعولها يظل مقبولاً وسط قطاعات عريضة أكثر من أي (مقال)..! والنكات السياسية على قلتها عندنا محكومة لدى أبطالها بتلخيص الموقف وفق الواقع؛ شريطة أن يلعب الخيال أحياناً دوراً تكميلياً (يرضي السلطة في الغالب) ولا ينفِّر الجمهور.. أي عمل موازنة ليست صعبة بين كيان السلطة القاهر؛ وبين الشعب باختلاف معايير استيعابه..! * بهذه المناسبة؛ لابد من التذكير بأسبقية الشعر الفكاهي السوداني في معالجة كثير من القضايا ولفت الأنفس نحوها؛ خصوصاً في أخريات القرن العشرين.. ولا يفوتنا التأشير لكتاب الباحث عبد الحميد محمد أحمد (الفكاهة في الأدب السوداني) وقد بنى كاتب هذه السطور دراسة طويلة حوله، ستجد حيزها المقدر.. لكن تقديراتنا للنكتة السياسية (المُشاهدة) سواء كانت ضمن مسرحية أو (اسكتش) يظل محل حفاوة؛ وذلك بالتأثير المباشر الحي والأكثر رسوخاً لدى العامة. النص: * أرسل لنا بعضهم أحدث النكات المتعلقة بظاهرة الفساد.. ويكاد الأخير أن يكون في عالم اليوم أسلوب حياة مقنن؛ ليس (ظاهرة)..! وعلى عمومها تظل النكات المتعلقة بالأنظمة الدكتاتورية وفسادها ليست جديدة؛ إنما في الأرجح يتجدد (القالب).. وحتى لا تشغلنا النكات عن الذين يقفون خلفها؛ لابد من التنبيه لفضل (المنكِتين) على البرية.. فمن عبقرياتهم التي نظلمها كثيراً بتوجيهها نحو عالم المساطيل؛ يأخذ الواقع نكهة ومعنى..! * تقول النكتة: إن مواطن إحدى الدول طاله (فقرٌ كافر!) مع الاعتذار للكفار..! المهم أن المواطن هذا حكى للرئيس الأمريكي ظروفه الصعبة عبر الهاتف؛ قائلاً: (حبيبنا يا أوباما، أخوك مفلِّس شديد.. يا ريت تشوفو بى حاجة). ردّ أوباما على الفور: (حاضر ياحبوب.. أصبر بس).. ثم أرسل أوباما (1000) دولار للمواطن بواسطة زعيم الدولة الذي كان معه وقتئذ. حينما حضر الزعيم لبلاده هاتف الوالي قائلاً: (عندك مواطن اتصل على أوباما، ورسّل ليهو 750 دولار معاي، تعال استلمها.. و.. سلِّمها ليهو). بعد قليل الوالي تكلم مع مسؤول المحلية قائلاً: (عندك مواطن اتصل على أوباما، ورسّل ليهو 500 دولار، تعال شيلها ليهو). لحظات واتصل مسؤول المحلية برئيس اللجنة الشعبية: (عندك مواطن تبرع له أوباما ب"250" دولار، تعال وصِّلهَا ليهو). * حينما حضر المواطن أمام رئيس اللجنة الشعبية؛ وبّخه الأخير قائلاً: (عالم ما بتستحي.. إنت طلبت من أوباما دولارات؟)! فردّ المواطن: (أيوا). * انفعل رئيس اللجنة الشعبية في وجهه: (فضحتنا الله يفضحك.. يا خي ما بتخجل تشحد من أوباما.. أها قال ليك: الله كريم)!! خروج: * الفساد الآن كائن هرمِي؛ بالمقلوب أو (بالدغري)..! أعوذ بالله التغيير