لم يتوقع اكثر المتشائمين ان يتم ايقاف او مصادرة او حتى تعليق اي صحيفة في ظل اجواء الحوار الوطني التي تسود البلاد لكن تعليق صدور الزميلة التيار لاجل غير مسمى كان بمثابة الصدمة التي اصابت الوسط الصحافي. عملية التعليق التي تمت باخطار رئيس التحرير تلفونيا امس الاول اعادت الى الاذهان مراحل مظلمة في تاريخ الممارسة الصحفية يسعى الجميع الى عدم عودتها. وربما لذلك اشار رئيس تحرير التيار عثمان ميرغني الى ان قرار لتعليق كان غير متوقع بالنسبة له لان الصحافة عموما عاشت خلال هذه المرحلة حالة من الاسترخاء الصحفي واعتبرها ازهي عهود الحرية وقال انه لم يتوقع اي مصادرة في الوقت الراهن ،مشيرا الى انه لم يجد حتى الان تفسير لسبب التعليق واعتبر هذا الاجراء بمثابة ايقاف قد يطول وربما يكون للابد او الى يوم القيامة. واشار ميرغني، خلال مؤتمر صحافي بمقر الجريدة، الا ان السلطات لم تذكر له الاسباب التي ادت الى هذا القرار وقيل له انه سيتم توضيح اسباب التعليق لاحقا، لكنه اعتبر ان عدم الاجابة اجابة في حد ذاتها مؤكدا عدم وجود اسباب تؤدي لهذا الاجراء الذي اتخذ ضد الصحيفة، وقال ان تعليق الصدور سيؤثر على الصحفيين والعاملين بالصحيفة بشكل مباشر معتبرا ان الازمة ازمة وطن وليست ازمة صحيفة التيار وحدها. وقال انه سيتعامل بحسن ظن مع الحكومة وسيتبع الاجراءات القانونية ولن يرفع راية داعش على حد قوله، منوها الى انه تم استدعائه من قبل مجلس الصحافة والمطبوعات والتقى بلجنة الشكاوي التي دعته لاجتماع طارئ وقالت له (انت تحرض الشعب على التظاهر والربيع العربي وضد الحكومة ) من خلال ما كتبه في عموده الشهير ب (ام فكو ) واشار الى ان صحيفته تم مصادرتها 15 مرة خلال العام 2015 قبل تعليقها الان، مبينا انه سيسلك طريق القانون لانه ديدن التيار، واوضح انه عاد ليقدم من جديد طلبا للمحكمة الدستورية من اجل حماية الحق الدستوري للصحيفة التي عاودت الصدور بعد تعليقها الاخير بقرار من المحكمة، واعرب عن امله في ان تستجيب الدستورية للطلب المقدم باقصى سرعة ممكنة. من جانبه أشار الخبير القانوني نبيل اديب الى ان حرية الصحافة هي اساس لكل الحريات ولذلك توصف بالسلطة الرابعة، بيد انه عاد وقال" في الوقت الراهن هي ليست سلطة رابعة لانها مكبلة بالقيود ولو اتيحت لها حرية العمل ستتحقق مقولة السلطة الرابعة". واشار الى ان نجاح صحيفة التيار في كسب الطعن الذي رفعته ضد قرار تعليقها السابق يعد جوهرة في صدر المحكمة الدستورية التي كذبت من ظنون كثيرين في القانون السوداني، ونوه الى ان جهاز الامن ليست لديه سلطة تعليق الصدور وذلك وفق قانون المحكمة الدستورية المادة 24 وابدى استغرابه من ان تتم مصادرة التيار في ظل الحوار الوطني والحديث عن الحريات العامة. يشار الى ان صحيفة التيار تعرضت للمصادرة من المطبعة خلال يوم الاثنين ومنعت من طباعة عدد الثلاثاء قبل ان يخطر رئيس تحريرها في ذات اليوم بقرار تعاليقها لاجل غير مسمى. من جانبه توعد الرئيس البشير الإعلام بالحسم بعد أن اتهمه بالتآمر ضد حكومته، قائلا إنه سيتولى ملف الإعلام بنفسه وندد البشير بهجوم الصحافة على وزير المالية بشأن رفع الدعم عن الخبز والكهرباء والوقود وكانت التيار قد عاودت الصدور في يونيو من العام 2014 بعد ايقافها لعامين وفق قرار من المحكمة الدستورية. واعتبر رئيس تحرير الصحيفة عثمان ميرغني،حينها، قرار المحكمة نصراً للصحافة السودانية، واعتبره قراراً تاريخياً للقضاء السوداني. واصدرت شبكة الصحفيين السودانيين من جهتها بيانا ادانت فيه عملية المصادرة وقالت ان قرار جهاز الامن بتعليق صدور التيار يعتبر ذروة انتهاك هذا الجهاز القمعي للصحافة والحريات الصحفية والترصد بالصحفيين ودعت كافة الصحفيين لتسجيل موقف قوي في وجه القرار الجائر وفي وجه مواجهة السلطة لازماتها عبر الحلول الامنية [email protected]