إن لم نقدم شيئاً للمواطن، بإمكاننا الانسحاب (...) هذا رأي مولانا الميرغني في الشراكة لم نحقق واحداً على ألف مما نوينا فعله ! تلك المكاتب المطلة على شارع النيل بالقصر الجمهوري، حيث كان يجلس فيها النائب الأول السابق علي عثمان محمد طه لإدارة معظم العمل التنفيذي في الدولة، آلت إلى مساعد أول رئيس الجمهورية الحسن الميرغني لإدارة مهامه فيها.. غير أنه هجرها مؤخرًا لعدة أسباب. ظهر أمس (الأربعاء) زرت مكتب الحسن الميرغني بالقصر، التقيت بسكرتارية مكتبه، السفير عبد الله الشيخ، السيد حيدر حسن، والسيد مهدي الشيخ إدريس.. كانوا يؤدون مهامهم ويجرون اتصالاتهم بشكل عادي، استفسرتهم عن (زعلة) الميرغني، فنفوا ذلك، وأشاروا إلى أوراق كانت بأيديهم تتعلق بتقارير يطلبها مساعد أول رئيس الجمهورية منهم.. طلبت منهم التحدث مع الميرغني الموجود في القاهرة حالياً للتأكد من أنه سافر بغرض الاستشفاء، لا لشعوره بالغضب وذكرت لهم أني كنت ضمن آخر مجموعة من الصحفيين حضرت إلى جنينة السيد حينما تحدث بنبرة شاكية من عدم توليه أي ملفات. وبالفعل اتصل السيد حيدر بالميرغني وأبلغه عن رغبتي توجيه سؤال له، فوعد بأن يجيب بعد خروجه من الطبيب. الإفادة أكدت أن سفره بغرض الاستشفاء، لكنها لم تنف الأسباب الأخرى، فالرجل ذهب إلى الإمارات وبقي هناك لأكثر من أسبوعين وغادر بعدها إلى القاهرة وسيسافر إلى تايلند خلال الأيام المقبلة.. عاود الحسن الاتصال بعد فترة قليلة، وأبلغ سكرتارية مكتبه بإجابة مقتضبة لم تكن كافية بالنسبة لي..طلبت من السيد حيدر أن يناولني الهاتف لدقائق قليلة، ففعل. كان مساعد أول رئيس الجمهورية واضحاً في إجاباته.. قال إنه سافر للاستشفاء لكنه لم ينف استياءه من شراكة حزبه الاتحادي الديمقراطي الأصل مع المؤتمر الوطني، قدم معلومات جديدة حول الملفات التي اقترحها على مؤسسة الرئاسة ولم يتلق ردًا حولها وأقر بعدم قدرة حزبه على الإيفاء بالوعود التي قطعها في الفترة السابقة "لأن الأشياء لا تسير بالصورة المطلوبة".. حاورته عبر الهاتف: لينا يعقوب *السيد الحسن الميرغني.. طال غيابك خارج السودان بعيداً عن القصر، هل أنت (زعلان)؟ ما زعلان.. في الحقيقة ذهبت للعلاج ومن الطبيعي أن يسافر الإنسان للاستشفاء، أي أن الأمر ليس غريباً أو شيئاً فوق العادة، لكن بصراحة أشعر أنني غير قادر على خدمة البلد لأن الأشياء لا تسير بالصورة المطلوبة، للوقت قيمة وهناك عشرات الناس الذين بقوا في مناصبهم لكنهم لم يقدموا شيئاً للبلد، ونحن لا نريد أن نكون منهم، بصراحة هناك استياء. *إذًا أنت مستاء؟ نحن لسنا محبطين إنما مستائين لأننا لم نستطع تحقيق شيء كان من المفروض علينا تحقيقه، لقد أمهلنا أنفسنا 180يوماً ووعدنا الناس بإحداث تغييرات حقيقية على أرض الواقع، لكننا لم نحقق واحداً على ألف مما كنا ننوي فعله.. *ولا واحد على ألف؟ كان لنا دور في تحقيق أشياء تتعلق بحريات الإعلام وأشياء أخرى، لكن الأشياء الأساسية لم نحققها.. *وماهي ؟ أول شيء يعنينا هو (عيشة) المواطن، أن يتمتع بحياة كريمة، وألا تكون الدولة عبئاً عليه، مازال الناس يعانون في الصحة والغذاء والتعليم والمياه والكهرباء ومعظم الخدمات.. المواطنون يعانون حتى في المواصلات.. *اشتكيت من عدم توليك أي ملفات.. ما الجديد؟ لا يوجد جديد.. ليس لدي ملفات موكلة لي. *ولماذا لم تبادر باقتراح ملفات تتولى أمرها؟ لم نكن عاجزين عن ذلك، بإمكاني القول أن شيئاً خيالياً من المقترحات قدمته لمؤسسة الرئاسة، لكن لم يوكل إلينا شيء.. في الفترة السابقة (ما كنا قاعدين ساكت) *عفوًا.. ما هي الملفات المقترحة؟ قدمت مقترحا لتولي ملف العلاقات الخارجية خاصة العلاقة مع الولاياتالمتحدة لما لنا من علاقات، ملف سلام دارفور لعلاقات قوية تربطنا مع مختلف الأطراف، أيضا ملف التنمية وعدد آخر كثير من الملفات. *وماذا كان الرد؟ أنا لم أقترح توليها هكذا، إنما قدمت دراسات وأوراق تحتوي على رؤية كلية، وليس في تلك الملفات فقط، إنما حتى في جانب الإصلاح والاقتصاد وتحسين معاش الناس.. كان لنا لقاء دوري كل ثلاثاء مع النائب الأول نبحث فيه عدداً من المواضيع على سبيل المثال لا الحصر، دور المؤسسة العسكرية في بناء الوطن خاصة في مجال السلاح الطبي والإشارة وسلاح المهندسين وغيرها من المواضيع.. *وبعد أن اشتكيت علناً أمام وسائل الإعلام من عدم توليك ملفات، ألم يصلك أي رد سلباً أو إيجاباً؟ لم يصلني رد. *منذ آخر لقاء كان لك في (الجنينة) مع مجموعة محدودة من الصحفيين لم تذهب لمكتبك في القصر، هل تدير مهامك من الجنينة ؟ حتى رئيس الجمهورية والنائب الأول، لا يديران مهامهما من القصر الجمهوري فقط.. صحيح أني لم أذهب لمكتبي في القصر لكني أتابع مع السكرتارية، وكما قلت لك قبل قليل، القصر ليس لي فيه مهام إلى الآن.! *عفوًا، ولكن مساعدي رئيس الجمهورية الآخرين يشرفان احتفالات ومناسبات ومؤتمرات، لكنك لا تظهر في أي محفل عام.. هل أنت مهمش أم أنك تقاطع هذه المناسبات؟ (الوجاهة كويسة) لكن السؤال هل تم اعطاؤنا هذا المنصب كحق أم كامتياز، إن كان امتيازاً فمن المفترض أن نبحث ونسعى ونسخر جهودنا لخدمة الشعب وليس لخدمة أنفسنا. *ما هي خطوتك القادمة في ظل الوضع الراهن؟ الخطوة الآن، أن ننتهي من الحوار الوطني المنعقد حالياً حتى يصل إلى خواتيمه وإلى أن تطبق القرارات الرئاسية على أرض الواقع، تحسين الوضع الاقتصادي ومعاش الناس وتنفيذ القوانين التي تحترم حقوق الإنسان وهناك أشياء أخرى تشكل محوراً كبيراً في اهتماماتنا. وهل تتابع الحوار؟ نعم أتابع، موقفنا واضح أننا مع الحوار الوطني، والآن كلفت مكتبي بإعداد تقرير تقييمي حول الحوار ومخرجاته وهل حقق النتائج المنشودة. *تقييم شراكة الحزب الاتحادي الديمقراطي مع المؤتمر الوطني بعد مرور سبعة أشهر؟ إلى الآن سيئة جداً، كنت أردد أننا لا نريد مشاركة إنما شراكة، والآن ما عادت اسمها شراكة، يمكن أن نسميها شيئاً آخر. ماذا يمكن أن نسميها؟ ممكن "نفتش ليها" اسم. *هل تقصد الشراكة في المستوى التنفيذي أم ماذا؟ الشراكة في أي شيء، الاقتصاد، المشورة، وضع الميزانية والأولويات وحل مشاكل البلد، لن تكون شراكة، هذه شراكة متفرج لا ترضينا. *ما هي فرصة معالجة الأمر بينكم والمؤتمر الوطني؟ نعم هناك فرصة إن رغب الطرف الآخر في معالجة الإشكال وتعامل مع الحزب كشريك وأقر مبدأ الشراكة وليس المشاركة. *إن رأى الحزب أنه لا يرغب في الشراكة مع المؤتمر الوطني، هل يمكن أن يمتثل لتوصيتهم؟ سأناقشهم ونتخذ بعد ذلك القرار، رأي الجماعة دائماً ما يكون الأقوى ويسير في نهاية الأمر، والمعلوم أن أي مقترح يأتي لمؤسسة الحزب لابد أن يكون موضوعياً، إن أراد الحزب الاستمرار، ما السبب؟ وإن لم يرغب في الشراكة، ما هو السبب؟ *وإن بقي الوضع كما هو عليه؟ أنا أؤكد للجميع أن الشراكة ليست شيئاً منزلاً إنما أمر متغير، إن كنا سنقدم شيئاً للمواطن سنستمر، وإن لم نقدم شيئا للمواطن سننسحب. *هل يتابع رئيس الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني ما يدور بينكم والوطني؟ نعم، مولانا يتابع أي شيء وكل صغيرة وكبيرة، وحتى أمس – أي يوم الثلاثاء- كانت خطوطنا مفتوحة معه، وتحدثنا حول عدة أشياء، كما أن حامد ممتاز الأمين السياسي للمؤتمر الوطني التقى به ليتأكد أن مولانا على علم بما يدور ورأيه في الشراكة. وما هو رأي مولانا الميرغني في الشراكة؟ رأيه أن أي شيء ينعكس على المواطن ويحقق له منفعة يمكن فعله والاجتهاد فيه، أما ما لم يعد على المواطن لن نتمكن من المساهمة فيه، فموقفنا واضح لأننا "ما ناس مراوغة". *متى ستعود؟