* يبدو ان الحكومة تعتبر قضية حلايب مجرد ورقة لكسب التعاطف الشعبى والاعلامى أكثر من جديتها فى استرجاعها للحضن السودانى، اذ ظلت وزارة خارجيتها تخرج علينا كل فترة بالبيانات والتصريحات عن تمسكها بحلايب وشلاتين فى اجهزة الاعلام بدون ان نرى منها فعلا على ارض الواقع، مستندةً فى ذلك على الرفض المصرى للمقترح السودانى إما بالتفاوض المباشر او اللجوء للتحكيم الدولى مثلما حدث سابقا فى النزاع بين مصر اسرائيل حول منطقة طابا التى كسبتها مصر، وكان لدار الوثائق السودانية وقتذاك دورا مقدرا فى النصر المصرى إذ أمدت بمصر بوثائق مهمة تثبت تبعية طابا للدولة المصرية!! * قبل يومين دخل رئيس المجلس الوطنى فى جدل مع وزير الخارجية قبل ان يلقى الأخير بيانه أمام المجلس، لأن وزارة الخارجية أودعت بيانين مختلفين لدى المجلس قبل إلقاء البيان، وهو ما يخالف الاعراف البرلمانية، واحتوى الثانى على فقرة عن العلاقات السودانية المصرية وقضية حلايب، وفقرة أخرى عن العلاقات السودانية الاثيوبية، لم يتضمنهما البيان الأول !! * زميلتنا القديرة سعاد الخضر تابعت النزاع، وخرجت بخبر مطول لعدد الامس نستقطع منه الآتى: * تسبب تسليم وزارة الخارجية لبيان من نسختين مختلفتين للبرلمان أمس، في حدوث ربكة وجدل داخل قبة البرلمان، ودخل وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور في مغالطات مع رئيس المجلس الوطني بروفيسور ابراهيم أحمد عمر، بخصوص ايداع الوزارة نسختين مختلفين احداهما عند الساعة الثانية من ظهر امس الأول، والثانية عند التاسعة من صباح امس، اشتملت على فقرة تؤكد عدم تنازل الخارجية عن حلايب قيد أنملة، مما أدى الى رفع الجلسة بسبب تأخير طباعة البيان وتوزيعه على النواب قبل بدء الجلسة ..إلخ!! * المهم، ظهر فى آخر الأمر بأن الوزارة قدمت بالفعل بيانين مختلفين للمجلس لم يكن اولهما يحتوى على ما احتوى عليه الثانى من حديث عن العلاقات السودانية المصرية وموضوع حلايب والعلاقات السودانية الاثيوبية، مما اضطر وزير الخارجية الى الاعتراف بأن احد السفراء أحضر نسخة قديمة تم تعديلها، ثم اعتذر قائلا :" (الاعتذار فضيلة وسنحاسب من فعل ذلك". * يتضح من ذلك ان الوزارة لم تكن ترغب فى عرض موضوع حلايب على المجلس تفاديا لأية أسئلة خارج النص، تسبب لها الاحراج وتعجز عن الاجابة عليها، ولكنها اضطرت (فيما يبدو) لاجراء تعديلات على البيان وإضافة فقرتين عن العلاقات السودانية المصرية والسودانية الاثيوبية، لأنه لم يكن مقبولا ان يخلو بيان وزير الخارجية امام المجلس من هذين الموضوعين!! * ورغم التعديل لم يتضمن بيان الوزير شيئا جديدا عن حلايب، بل كرر الوزير تصريحات سابقة ادلى بها مرارا للصحف بأن الوزارة لن تفرط فى حلايب، وأنه قد تحدث مع وزيرى الخارجية المصرى والسعودى بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين (وبالمناسبة فإن الاتفاق السعودى المصرى يضع حلايب وشلاتين ضمن حدود مصر الجنوبية، وهو ما لم يشر اليه الوزير فى حديثه أمام المجلس أو فى تصريحاته السابقة)، ولم يتضمن بيان الوزير اى شئ عن اتصالات او اجراءات سودانية دولية لاسترجاع حلايب، الأمر الذى انتقده بعض النواب!! * لا يعنى ذلك سوى شئ واحد هو أن قضية حلايب صارت بالنسبة للحكومة مجرد موضوع اعلامى، لا أكثر ولا أقل، لاكتساب نوع من التعاطف الشعبى، كلما احتاجت إليه الحكومة، بينما لا يوجد فى الواقع اى نوع من الفعل الدبلوماسى الجاد لتحريك الملف!! مناظير الخميس 5 مايو، 2016 زهير السراج [email protected]