5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    بنك الخرطوم يعدد مزايا التحديث الاخير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني إسراء سليمان تبهر المتابعين بإطلالة جديدة بعد عام من الغياب والجمهور يتغزل: (ملكة جمال الإعلام وقطعة سكر)    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية المتابعين.. الصحفي إبراهيم بقال يتجول رفقة بعض أفراد الدعم السريع داخل مكاتب الولاية وهو يحمل رتبة "فريق" وينصب نفسه والي لولاية الخرطوم    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تظهر في لقطات رومانسية مع زوجها "الخواجة" وتصف زواجها منه بالصدفة الجميلة: (أجمل صدفة وأروع منها تاني ما أظن القى)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تظهر في لقطات رومانسية مع زوجها "الخواجة" وتصف زواجها منه بالصدفة الجميلة: (أجمل صدفة وأروع منها تاني ما أظن القى)    المريخ يوقِع عقداً مع شركة (Sport makers)    مفاوضات الجنرالين كباشي – الحلو!    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    مستشفي الشرطة بدنقلا تحتفل باليوم العالمي للتمريض ونظافة الأيدي    مليشيا الدعم السريع تجتاح قرية البابنوسة شرق مدني وتقتل وتصيب 8 أشخاص    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    تعرف علي أين رسم دافنشي «الموناليزا»    عقار يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    كوكو يوقع رسمياً للمريخ    برقو لماذا لايعود مديراً للمنتخبات؟؟    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يتحاورون مع النظام سيصبحون جزءاً منه إن نجحت الوثبة ، و ستصبح تنظيماتهم حطاماً متناثراً مضاره أكثر من نفعه لقضينا إن فشل الحوار..
نشر في الراكوبة يوم 14 - 08 - 2016

الحوار الوطني الذي وقعوا خارطة طريقه كما تنص عليه الخارطه هو نفسه حوار الوثبة "تقر الأطراف الموقعة بأنً الحوار الوطني افتتحه رئيس الجمهورية في اكتوبر 2015) حسب نص الخارطة ، و من يقول بانً الحوار هو غير ذلك ليأتي بدليل. ..الخطوة التالية أيضاً حددتها الخارطة و تقول" بعد التوقيع ستجتمع لجنة (7+7) مع الأطراف الموقعة في أديس أبابا لمناقشة الخطوات المطلوبة ليكون الحوار الوطني شاملاً"، و للتذكير، لجنة (7+7)، يرأسها عمر البشير وتضم كل من المؤتمر الشعبي، حزب الحقيقة الفيدرالي، الاشتراكي الناصري، حزب منبر الشرق الديمقراطي، تحالف قوى الشعب العاملة،حزب الأمة القومي وحركة الإصلاح الآن + الأحزاب المشاركة في الحكومة المؤتمر الوطني للشؤون حركة التحرير والعدالة ، الاتحادي الديمقراطي الأصل، الاتحادي الديمقراطي، مؤتمر البجا، حزب الأمة الفيدرالي، مجلس أحزاب حكومة الوحدة الوطنية.
ما فعلته التنظيمات التي وقعت على خارطة طريق التفاوض مع النظام لا يمثل و لا يشرف أي مواطن سوداني متضرر من النظام و السبب المباشر هو أنً الموقعون قبلوا بالتسوية مع النظام بشروطه و من منطلق ضعف، و من له رأي غير هذا يحتاج لدليل مضاد لما سأسوقه هنا من أدلة، أوًلها أن جميع الأطراف الموقعة كانوا ينكرون أنهم سيفعلون حتًى الأمس القريب و يضللون الشعب السوداني بأنً خارطة الطريق التي سيوقعون عليها لا بدً و أن تعبر عن طموحاته، أي تفكيك النظام و ذهابه..
" ياسر عرمان، الأمين العام للحركة الشعبية كثيراً ما تحدث بأنً المعارضة لن تستجيب لأي ضغوط للتوقيع على خارطة الطريق التي اعتبرها عديمة الجدوى.
ووصفها مراراً و تكراراً بأنًها تمثل رؤية النظام...و ذهب أبعد حيث قلل من أهمية توقيع الحكومة عليها، وقال إن ما تم التوقيع عليه هو وثيقة لا قيمة لها الغرض منها إلحاق أربع قوى سياسية وعزل الآخرين." (الراكوبة 26/03/2013)، وصفها بأنها وثيقة حكومية و أنهم قرروا عدم التوقيع عليها (سودان تربيون 30 مارس 2016)..، و من يقرا تصريحات جميع التنظيمات الأربعة الموقعة عليها خلال سنة كاملة يكاد يجزم أنهم لن يوقعوا عليها إلاً بتضمين مطالبهم..،
لكن قبل شهر من الآن بدأ كل شئ يتغير ، أصبحوا يحدثوننا عن فوائد التوقيع على خارطة الطريق (كما هى) ، مع أنً نفس الشروط التي وضعها الموقعون الأربعة ظلت كما هى لم تتغير.. (وقف الحرب، فتح الممرات الأنسانية ، الحريات الأربعة، إطلاق سراح المعتقلين..الخ) لكنًهم أخيراً وقعوا عليها و نفس التي وقعوا عليها هى التي رفضوا التوقيع عليها قبل سنة كاملة دون إكراه من أحد، حتى المجتمع الدولي نفسه لم يجبرهم على التوقيع عليها ولا يمتلك الأخير أي سلطة عليهم.
تحدثت الحركة الشعبية في بيان منشور قبل وقت قصير من التوقيع، أي في 25 يوليو 2016م (الراكوبة) عن عشر نقاط و ثلاث خطوط حمراء بعنوان (ماذا دار في باريس وأي سلام وحوار سنوافق عليه) حددوا فيه الموقف من خارطة الطريق في عشر نقاط: الأول (تحول التوقيع على خارطة الطريق من حدث لإلحاق أربعة تنظيمات من تنظيمات نداء السودان بحوار الوثبة الي عملية سياسية تمر بإجراءات تهيئة المناخ من وقف الحرب وتوفير الحريات وغيرها) و هذا غير صحيح...، من وقع على الخارطة هم الأربعة فقط...، والثاني(تم الحفاظ على وجود نداء السودان بدلاً من عزل الأربعة تنظيمات عن بقية القوى السياسية المكونة لنداء السودان.)، الأول و الثاني لم تحدث، و الثالث فيها لا ضمانات عليه ( ...أصبحت مطالبنا في حوار متكافئ هي الأساس بدلاً عن إلحاقنا بحوار الوثبة. ) بل على العكس تلزمهم خارطة الطريق التي وقعوا عليها أن يلتحقوا بحوار الوثبة كما أشرنا أعلاه..، الرابع مرتبط بالثلاثة الأوائل و لم يحدث (.. الحفاظ على قدر معقول من العمل المشترك بين أطراف نداء السودان.. )، الخامس يدعم الحوار بين النظام و أمريكا ويقول أنًه لن يكون منتجاً و لن يصل إلى نهاية مجدية إلاً بتحول ديمقراطي) كأنهم هنا يراهنون على أمريكا المعروفة بانًها راعي الامبريالية في العالم و أكبر داعم للأنظمة الديكتاتورية ، وهو ما يعمق معاناة الشعب السوداني ، مع ذلك فهم (الحركة) تراهن عليه و تدعمه..، السادس (النظام يطرح نفسه كقوى إستقرار إقليمي ...) هذا نتج بالأساس لأنًهم (الموقعون) فشلوا في محاصرة النظام رغم الفرص المتاحة لهم و رغم أنً النظام تطارده العدالة الدوليًة و صدرت أكثر من عشرين قراراً تحت البند السابع في مواجهته... ، السابع (مطالب قوى نداء السودان حول خارطة الطريق ستتحول الي أجندة للوصول لحوار متكافئ، وعملياً قد سقط خيار إلحاق المعارضة بحوار الوثبة وهو أهم الإنجازات. ) هذا مجرد تسويف في شقه الأوًل و لا توجد ضمانات تحميه ف شقه الثاني، و الحقيقة أنً الحاقهم بحوار الوثبة قد نجح..، الثامن مرتبط بالأول والثاني، التاسع تسويفي لا سند له...، العاشر حديث هتافي، ثم يقول بأن رفضهم التوقيع سيجعلهم في مواجهة المجتمع الدولي... ، مع أنً المجتمع الدولي لا يمتلك أي سلطة عليهم و هو أصلاً يتكون من الدول التي ذكرناه و جميعها تدعم النظام لأنً مصالحهم معه .. ، ثمً تحدث عن ثلاث خطوط حمراء تلاشت عملياً بمجرد التوقيع على الخارطة...، مبررهم في التوقيع هو خوفهم من المواجهة مع المجتمع الدولي...، لكنًهم لا يخشون المواجهة مع الشعب السوداني الذي يناضلون و يفاوضون باسمه ،..عجباً! الأمر الوحيد الذي وجدت فيه القائد ياسر عرمان صادقاً هو قوله بأنً الإنتفاضة تحتاج للعمل لا للحديث، أتفق معه تماماً في هذه النقطة، كان يمكن لحركته العمل من أجل الانتفاضة لأنًهم يمتلكون إمكانات لم تتوفر لغيرهم كما كانوا يزعمون دوماً و إلاً فحديثهم عن مقدرات حركتهم مجرد أكاذيب هى الأخرى...عموماً لا أريد العودة للوراء و أذكر أكثر من نموذج بما كان يصرح به هؤلاء و ما صاروا يفعلون...فهو واضح لدرجة أنً الأمي سيميز التناقض فيه، دعونا نترك هذا الحديث جانباً و ننتقل للأهم...، هل الحوار مع النظام الذي قبلت به الحركة الشعبية، حزب الأمة، حركة مناوي و حركة تحرير السودان، هل سيحل مشكلة الشعب السوداني أم يعقد الأمور؟ لنرى...
يوجد في عرف دراسات فض النزاعات و المفاوضات مصطلح يعرف ب"الخنوع السلبي" يتولد و يتناسل نتيجة لانسداد الأفق السياسي و الاعتقاد بأنً (الطرف الآخر ) النظام الديكتاتوري سيظل إلى الأبد...، هذا في حد ذاته يدل على عدم الفعالية، عندما ينحدر فصيل سياسي أو مسلح لمثل هذا الاعتقاد ستكون المفاوضات هى الخيار الوحيد المتاح أمامه لأنًه لا يرى أي خيار واقعي آخر ، و هذا الياس بعينه، لسان حالهم يقول" لماذا لا نكون واقعيين و نجد سبيلاً ينهي النظام الديكتاتوري بشكل تدريجي؟" العيب في هذا الخيار هو أنًه مبني على الثقة في النظام و الأمل في أنًه من الممكن أن يغير طباعه ، اليأس لدرجة يعتقد معها أن بإمكانهم مخاطبة الجانب الانساني في نظام ديكتاتوري لا علاقة له بالانسانيًة.
يعتقد هؤلاء اليائسون بأن نظاماً ديكتاتورياً كالذي عرفوه قد يتنازل إذا شجعوه على ذلك بالوقوف معه في الظروف الصعبة ، ربًما يقول لهم المجتمع الدولي هذا الكلام، أو أن النظام قد يقبل بحل يرضي جميع الأطراف، و بهذا الافتراض لا توجد حاجة للنضال طالما أنً النظام راغب في الحل السلمي و أن باستطاعة القوى الدولية الضغط عليه، و لكن هنا سؤال مهم..هل يمتلكون الحق للوقوف مع النظام الذي لا يستحق مساعدته في الخروج من ورطته؟هل يستحق النظام الوقوف معه؟ و هل يمتلكون تفويضاً من الشعب السوداني ؟ الاجابة لا ، و كل ما يتفقون عليه مع النظام يمثلهم وحدهم.
نتفق معهم في مبدأ محدد و مشروط، المفاوضات في حد ذاتها جزء من النضال و المقاومة للنظام الديكتاتوري كما يحلو لحزب السيد الامام هذا القول كثيراً..، ( حزب الأمًة ظل يؤكد و يقول أنًه لن يوقع منفرداً..). نتفق أنًه من الحكمة عدم رفض المفاوضات ، و لكن بشرط غائب، و هو أن تكون في الزمان و المكان المناسبين، لكن هذا الأمر ينطبق فقط على القضايا التي تحتمل التنازل، فمثلاً قضايا تدمير الوطن و سرقة موارده و بيع أراضيه و رهنها ، ..الجوع و الفقر و المسغبة ..هذه جميعها لا تحتمل التنازل، و لا يمتلكون الحق بالتنازل عن أي منها إلاً بالرجوع لأصحاب الحق و هذا لم يحدث...، قضايا القتل و الاغتصاب و الجرائم ضد الانسانية ، قضايا الحق العام و الجرائم ضد الوطن لا تحتمل التنازل...الخ، القاعدة العامة عندما تكون المشكلة انتهاك كرامة و مصادرة حريات و تدمير أمه ووطن و مساس بالمقدرات الدينية و الانسانية و التطور المستقبلي للمجتمع أو الحاضر المزري.. الخ، في مثل هذه الحالات لن تجدي المفاوضات و ستكون نتائجها الحتمية كارثية لأنً مثل هذه القضايا لا يمكن المساومة عليها و بالتالي يستحيل التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف إلاً بشرط واحد غير موجود و لا تمتلكه التنظيمات الأربعة الموقعة و هو "موازين القوى" و السند الشعبي..لأنً الطرف الأقوى هو الذي يحصل على تنازلات أكبر(ما حدث في جنوب افريقيا مثال جيد).. اكتساب القوة المؤثرة التي تجبر النظم الديكتاتورية على التنازل نحصل عليه من خلال النضال و ليس المفاوضات..، تفرق كثير عندما نتحدث عن المفاوضات مع العمال المضربين بشأن تحسين أوضاعهم ، و بين التفاوض مع نظام باع الوطن و قتل و شرد مواطنيه ، لأنً صاحب العمل عندما يتفاوض مع عماله المضربين برفع اجورهم في هذه الحالة ستستمر مصالح الطرفين بمبدأ لا ضرر و لا ضرار، أمًا تقديم تنازلات لنظام قاتل هذا يعني مشاركته الجريمة...هل يوجد مصطلح آخر؟
في حالتنا، لا يمكن للمفاوضات أن تكون حتًى خياراً متاحاً بسبب أنً النظام يسيطر على كل شئ و يشعر بالأمان التًام، إذاً لماذا عليه أن يقدم تنازلات؟ عودنا النظام دائماً على شراء كل من يمكنه شراؤه، يبدو أن الكثيرين يمكن شراؤهم بثمن بخس و لا تفسير غير هذا .
جميعنا نتفهم جيداً أنً الحرب لن تحل مشكلة إذاً لم يأت عقار باكتشاف جديد..، بل كان من المفترض أن يلجأ مفاوضو الخارطة إلى حلول أخرى غير الحرب التي تضرر منها المواطن البسيط سنين عدداً ، إذاً ما ذنب الأرواح التي أزهقت و من يتحمل المسؤوليًة؟ هل هو النظام وحده كما يقولون؟ لا أظن ذلك.
النظام يعرض على الجبهة الثورية التوقف عن العنف مقابل التوقف عن شن الحرب على جنوب كردفان و النيل الأزرق و دارفور، النظام يقول بأن الحرب انتهت لصالحه لكن لا زال هنالك ما يقلق مضاجعه و يسميه تفلتات في تلك المناطق لذلك فهو يعرض على الحركة الشعبية اعادة الاعتبار لكرامة الانسان في مناطقها، وقف التعذيب و الانتهاكات بحقهم، وقف عملياته العسكريه، و ربما الاعتذار لهم،... فالنظام هو الأقوى عسكرياً باعتراف الحركة نفسها، و هذه لا شك فيها، لذلك فهو يعرض عليهم الاستسلام تحت شعار السلام، و حتى لو كان العكس صحيحاً و أن الحركات المسلحة أقوى من النظام لن يتغير الأمر كثيراً ، عندما تقبل التفاوض معه ، في هذه الحالة ، سيكون النظام لاهثاً خلف التفاوض لأنًه يريد الاحتفاظ بأكبر قدر من المكاسب التي حققها خلال 27 عاماً و ثرواته و ضمان عدم المحاسبة الذي كفله له نداء السودان...، في جميع الأحوال فإنً المفاوضات تعني مساعدة النظام على تحقيق أهدافه...، و الأهم أنً المفاوضات يرأسها رئيس النظام بنص خارطة الطريق.
أمًا فيما يتعلق بالقوى التي لا تحمل سلاحاً (الأمة) الحال أسوأ، ً النظام يعرض عليهم التفاوض في الوقت الذي يعاني الناس من الاضطهاد و الظلم و القهر، النظام هنا يعرض عليهم الاستسلام بطريقة سلمية تحت مسمى المفاوضات بينما يستمر هو في العنف حتى يتم القضاء عليهم تماماً و تفتيتهم أكثر ممًا فعل في السابق حتًى يختفي أثرهم و يتفككوا لأفراد متناحرون حول الفتات الذي سينالونه مكافأة على استسلامهم..و التجارب كثيرة...، و في كل الأحوال ما يقوم به النظام و المفاوضون لا يمثل الشعب السوداني في شئ و لا يتطرق إلى معاناته أو مستقبله، ...الصحيح في مثل هذه الحال أن يكون هدف المفاوضات هو التسليم والتسلم و المحاسبة و لا شئ دون ذلك يمكنه حل المشكلة ، كل شئ دون هذا سيساعد في تعقيد المشكلة و اطالة عمر النظام.
القاعدة العامة و المعروفة في المفاوضات هى أن قوة كل طرف تحدد حصيلة المفاوضات لأنً المفاوضات تعني تنازل الطرفين و لا يمكن أن تقوم مفاوضات يكسب فيها طرف واحد، و لكن ما هى المكاسب و حجمها هنا السؤال، و التاريخ ليس ببعيد.
سؤال آخر، ما الذي يستطيع أن يفعله أي طرف في سبيل الوصول إلى أهدافه إذا فشلت المفاوضات؟ و كيف؟ مثلاً..يستطيع النظام أن يستمر كما كان قبل المفاوضات، لكن هل ستستمر التنظيمات الموقعة كما كانت من قبل ؟ التجارب تقول لا ، ما من مفاوضات عقدت مع النظام و فشلت لم يعقبها تفكك و انقسامات..الأمة و الحركة الشعبية مروا بنفس التجارب في التاريخ القريب.
ما الذي يستطيع أن يفعله كل طرف إذا لم يلتزم الطرف الآخر بما تم الاتفاق عليه في المفاوضات و استخدم القوة التي يمتلكها لتحقيق أهدافه ضارباً بالاتفاقية عرض الحائط؟ لدينا تجارب كثيرة..جميع تنظيمات الجبهة الثورية تعرفها جيداً فقد لدغت من النفس الجحر سابقاً.
ما هى أهداف النظام التي يمكن لقوى نداء السودان الأربعة قبولها؟ و أين الديمقراطية في هذا الأمر، أين الشرعية التي على أساسها جلسوا مع النظام للتفاوض، هم يقولون أنه فاقد للشرعية، إذا كيف هو فاقد للشرعية و تتفاوضون معه؟
حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، ما هو نوع الاستقرار الذي سينتج عن مثل هذه المفاوضات مع نظام بهكذا مواصفات؟ هل ستكون الحياة أفضل أم أسوأ للشعب السوداني؟ يبدو أنً الشعب السوداني خارج حساباتهم، لذلك السؤال الصحيح هو كيف سيكون وضع التنظيمات الأربعة؟ و ماذا عن الشعب لأنًهم جميعهم يفترضون في الشعب الغباء لدرجة تصديق أكاذيبهم و عدم الانتباه لتناقضاتهم الفجًة...إذاً من يكذب غير جدير الثقة..هل يوجد تفسير آخر؟
هل تجهل التنظيمات الموقعة دوافع النظام للهيمنة و مدى استعداده للتنازل عنها؟(القوة الثروة اعادة صياغة المجتمع المشروع الحضاري..الخ..إذا تخلى النظام عن هذه الأمور يمكنه التخلي عن كل شئ، هل سيفعل؟ لن يحدث هذا أبداً لأنًه لا توجد في التاريخ تجربة مماثلة، و لم يحدث للنظام أن فعل في جميع المفاوضات السابقة و الاتفاقيات التي توصل لها مع الحركة الشعبية و أحزاب دارفور..، إذاً لماذا قبلتم بالتفاوض معه؟ لا إجابة ثانية ، فقط تريدون مشاركته.
على مر التاريخ، و في الواقع المعاصر عندما تتخلى التنظيمات الديمقراطية عن المقاومة بسبب القمع و الاضطهاد دائماً ينتهي بهم الأمر بالخيبة و التفتت...كم حزب اتحادي اليوم، كم حزب أمًة و كم بعث و كم شيوعي و كم حركة شعبية؟ ألم تستوعبوا الدرس بعد؟
كيف سيكون شكل النظام عندما تخف عنه الضغوط الداخلية و الخارجية و لم تعد هنالك عصا ترفع في وجهه...، ماذا سيحدث عندما تزول قوى التوازن التي تقلل همجية النظام على خفًة وزنها و تضخم حجمها؟
هل كل من يستخدم كلمة مفاوضات أو سلام يهدف للسلام العادل؟ أو يريد السلام من أساسه؟ كم مرة دعى هذا النظام للسلام؟ و كيف كان سلامه؟ ألم يكن سلام القبور ؟
من يتفاوضون مع النظام سيقدمون له الشرعية بكل بساطة...، لن يستطيع النظام الاستمرار في الحكم بدون شرعية، سيقدم المحاورون له الشرعيًة التي لم يمتلكها و لا يمتلكونها..
ما يجب على المناضلين فعله ليس تقوية نقاط ضعف النظام، إنًما تحويل نقاط ضعفه لأزمات حتًى تشل قدرته و لا يمتلك القوة ليضرب ، الديكتاتور يمتلك القوًة ليضرب فقط عندما تنقصنا المقاومة....يخبرنا واقع النظام عن ضعفه بدليل أنً رئيسه مجرد معتوه كلما بحث عن وسيلة لتسليط الضوء عليه أصبحت وبالاً عليه، و كلما بحث عن مخرج من أزمة ..ضاق الخناق على عنقه...، الواقع و التاريخ يدلل على ضعف النظم الديكتاتورية التي هى اقوى بكثير من نظامنا الحالي و يثبت امكانية انهيارها خلال اسابيع فقط عندما تقاومها الشعوب..، انهار النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية و تشيكوسلوفاكيا خلال أسابيع قليلة في العام 1989، في السلفادور و غواتيمالا انهارت الديكتاتوريات خلال اسبوعان فقط، نظام شاه إيران انهار خلال أشهر معدودة، إنهار نظام ماركوس في الفلبين خلال أسابيع و تركته أمريكا التي كانت تحميه و دعمت الثور عندما اصبحت قوتهم ماثلة للعيان..السبب واحد وجود مقاومة.
لن تقوى الأنظمة الديكتاتورية على الاستمرار طالما يوجد من يقاومها لأنًها منظومة من نقاط الضعف القاتلة...، هل غابت على الموقعين هذه الحقائق التي نعرفها نحن الذين لا نرتقي إلى قاماتهم؟
من يتحاورون مع النظام سيصبحون جزءاً منه عما قريب إن نجح حوار وثبتهم، و ستصبح تنظيماتهم حطاماً متناثراً مضاره أكثر من نفعه لقضينا إن فشل الحوار، في جميع الأحوال علينا التفكير ملياً نحن الغالبية المتضررة من النظام في تنظيم صفوفنا حتى نهزم مخطط النظام و حلفاؤه الجدد.
مصطفى عمر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.