* حوى عدد صحيفة (الجريدة) ليوم أمس رصداً مهماً يدعم ما كتبناه سابقاً في شأن إتهام الحكومة السودانية باستخدام أسلحة كيميائية في دارفور.. الرصد بقلم الزميل حاتم درديري؛ استعان فيه بمجموعة من الخبراء القانونيين أفادوا بما قل ودل.. منهم المحامي بارود صندل الذي قال إن النفي غير كافٍ من وزارة الخارجية حول الإتهامات التي وجهت للسودان باستخدام الاسلحة الكيميائية في دارفور؛ وأن على الحكومة السودانية تقديم الأدلة والبراهين التي تردُّ على الإتهامات؛ واتباع كل الطرق القانونية بما في ذلك مقاضاة منظمة العفو الدولية..! وسبق أن قلنا: (لا شيء يخرس الألسن أكثر من التحقيقات النزيهة..! وأن النفي السريع من وزارة الخارجية بعدم استخدام "كيماوي" في دارفور لا يساوي أكثر من حبر على ورق.. وطالبنا بفضح منظمة العفو الدولية إذا كان حكام الخرطوم يثقون بأن جانبهم آمن.. الخ..).. كان ذلك قبل أسبوع مضى في عمود بعنوان (الكيماوي والخارجية)..! * في آخر الأنباء قال وزير الخارجية إبراهيم غندور إن مجلس الأمن لم يتهم السودان باستخدام الأسلحة الكيميائية..! بينما القضية أساساً تتعلق بمنظمة معروفة تتحدث عن (جريمة) ولابد من دحضها بالطرق القانونية والمسالك الجادة وعدم الاستهانة بالأمر (أو كما أشار بعض المتحدثين للجريدة)..! * ما الذي يمنع الحكومة السودانية من مواجهة منظمة العفو الدولية؛ بدلاً عن تكرار الأقاويل السياسية التي لا تدعم المصلحة العامة للسودان..؟! وبلا شك؛ المواجهة لا تتم إلاّ بتكوين لجنة للتحقيق في ما قيل إنها (مزاعم)..! إذا لم تتم الاستجابة للتحقيق فذلك يعني صراحة أن النفي تأكيد على (الخبث)..!! * القيادي بالحزب الحاكم في السودان إبراهيم محمود حامد؛ وفي خبر لشبكة الشروق؛ تحدى منظمة العفو الدولية بكشف أسماء الأشخاص الذين زعمت أنهم يتلقون العلاج من السلاح الكيميائي، وأسماء الذين أُجريت معهم مقابلات. * التحدي للمنظمة المذكورة لا يكون بمثل هذا الطلب الغريب؛ إلاّ إذا افترضنا الغباء في الذين يديرونها.. فلا يمكن أن تستسهل المنظمة الكشف عن أسماء ضحايا أو شهود بناء على رغبة من يستسهلون الإتهام الخطير..! ثم أن أسلوب (التحدي) يوحي دائماً (بالنقص الإفتراء) ويجب أن ينقرض ليحل محله أسلوب (الإقناع بهدوء)؛ مع وجوب الإجراءات الشفافة التي تبين مدى ثقة المتحدثين باسم الحكومة السودانية في كيانهم (المتحدي) دوماً..! * وأول تصريح شفاف كان ينبغي أن يكون على النمط التالي أو قريباً منه: (توعدت منظمة العفو بالملاحقة القانونية: الحكومة السودانية تفتح المجال للمحققين حول إتهامها باستخدام أسلحة كيميائية في دارفور). انتهى العنوان الافتراضي. * أرى أن بعض جماعة الخرطوم الحاكمة؛ يسعون بقوة (لتوريط!) البلاد في القضية التي فجرتها منظمة العفو الدولية؛ وذلك من حيث يدري هؤلاء الساسة أو لا يدرون.. والسعي الذي نقصده يتمثل في إصرار الحكومة على النفي (السهل) وإضافة (زبد) لا يفيد في موضوع كهذا..! ربما من مصلحة النظام الحاكم في السودان أن يسبب حصاراً جديداً للبلاد.. هذا ما يُفهم بالرجوع إلى لهجة المسؤولين؛ فهي تهيئ مناخاً يؤكد الرغبة في إبقاء التضييق على المواطن بالحصار الدولي .. فالطغيان كالإرهاب لا يتبختر إلاً في (بيئة الأزمة)..! * إذا كان النفي (الهوائي) يصلح حلاً للأزمات؛ لِمَا رزح السودان لعقدين مشلولاً بالحصار وسوء السمعة..!! أعوذ بالله