ما إن طبقت الحكومة حزمة السياسات الاقتصادية الأخيرة التي ترتبت عليها زيادات في المشتقات النفطية وتحرير سعر الدواء، حتى سارع المؤتمر الوطني الحزب الحاكم لتقديم المبررات للخطوة، انطلاقاً من أن زيادة أسعار الوقود والكهرباء والدواء إنما تهدف بالدرجة الأولى إلى المحافظة على الاقتصاد من الانهيار. ومع أن هذا القول جرى على ألسنة قادة الحزب الحاكم في المرات السابقة التي شهدت رفع الدعم، إلا أنه لا يزال حاضراً كوصفة تبريرية، مع أن ذلك التبرير أصبح دواءً فاقداً للصلاحية. المثير في القصة كلها أن هذا التسبيب والتبرير كان حاضراً أيضًا في الندوة التي نظمتها هيئة شباب الأحزاب السياسية بقاعة الشارقة أمس (السبت) بعنوان: "حزمة الإجراءات الاقتصادية.. الإصلاحات والبشريات". تشريح افتصادي حرص رئيس القطاع الاقتصادي بحزب المؤتمر الوطني ومحافظ بنك السودان المركزي السابق د. محمد خير الزبير على التمترس في خندق الدفاع عن حزمة السياسات الاقتصادية الأخيرة التي طبقتها الحكومة برفع الدعم عن المشتقات البترولية وتحرير أسعار الدواء، دفع محمد خير بمجموعة مبررات دعت الدولة لاتخاذ هذه الخطوات، وهذه الجراحة الاقتصادية بقوله: "إن السودان بسبب ما تعرض له من صدمات تدهورت أوضاعه الاقتصادية، الأمر الذي تسبب في ما يعرف بالعجز في الميزان التجاري الخارجي، والذي يعيش في حالة فجوة استدعت تطبيق هذه الحزمة من السياسات الاقتصادية، ولفت إلى أن توقف عائدات النفط من دولة جنوب السودان بسبب نشوب الحرب انعكس بصورة مباشرة على واردات الدولة، بجانب الحصار الاقتصادي المفروض من قبل الإدارة الأمريكية على السودان والذي تسبب في معاقبة بعض البنوك التي كان يتعامل معها السودان في إطار توفير المواد ذات الحاجة النقدية الأجنبية "الدولار"، مؤكداً أن حزمة السياسات الاقتصادية ليست جديدة، حيث كانت جزءاً من البرنامج الثلاثي في العام 2012 والذي انتقل لخماسي حتى العام 2017، حيث يستهدف في ذلك جلب مدخرات المغتربين التي تقدر بحوالي (4) مليارات دولار ودعم العملية الإنتاجية وتشجيع الزراعة والإنتاج الحيواني والنفط مع توقعات بإيرادات تفوق (3) مليارات دولار. وقطع محمد خير في الوقت نفسه بالتزام الدولة الكامل بهذه الحزمة، والعمل على تطبيقها، إذ أن التنفيذ يعتبر الضمان الوحيد لنجاح عملية الخروج الكامل من سياسية الدعم والتي بدورها توفر عائدات مالية سوف تعمل الدولة على توجيهها لشرائح الضعيفة، وشدد محمد خير على سعى الدولة لسد الفجوة الاقتصادية الموجودة بتوفير ودعم (8) سلع أساسية منها على سبيل المثال "السكر- الدواء – القمح"، منوهاً إلى أن وزارة المالية تقع على عاتقها مجموعة من المسؤوليات منها توفير النقد الأجنبي لسفارات السودان بالخارج وتوفير عدد من السلع المستوردة والخزينة العامة. وعن مدى تأثر الحكومة والحزب الحاكم بهذه السياسيات، يمضي الزبير قائلاً إن كافة التوقعات تشير لنجاح حزمة السياسات الاقتصادية، مطالباً في ذلك المواطن بتفهم الأمر، عازياً تدهور الميزان الاقتصادي الخارجي إلى توقف حركة التجارة الحدودية بين السودان ودولة جنوب السودان حيث كانت هناك (72) سلعة تذهب إلى جنوب السودان تسببت الحرب في إيقافها وانخفاض أسعار النفط عالمياً، حيث إن السودان ظل ينتج 140 ألف برميل يومياً، وأضاف: في مقابل ذلك سنقوم بدعم وتشجيع أصحاب مدخلات الإنتاج من المزارعين والحرفيين والتي تمثل على حد تقديرات محمد خير 80% من عائدات الدولة، وقال إن كل ذلك يأتي في سبيل مجابهة الانهيار الاقتصادي الذي لن نسمح بحدوثه، وليست هناك حكومة مسؤولة تقبل به قط، وتجلس وتشاهد. مدفعية الصحة بينما لجأت وزيرة الدولة بوزارة الصحة د. سمية أدريس أُكد، لتعديد مجموعة من المسوغات قالت إنها دعت لتحرير سعر الدواء منها أن القطاع الصحي عاش مؤخراً معاناة نتيجة لخروج عدد من الشركات المُورِّدة للدواء، التي كادت أن تتسبب في انهيار القطاع، أيضًا وجود الوسطاء حمَلة الشهادة (أ) وهم الذين سوف تقوم وزارة الصحة الاتحادية مع وزارة المالية بإلغاء شهاداتهم لمنع المضاربات في سبيل فتح باب الاستيراد والمناسبة لأكبر قدر من المنافسين، وأضافت سمية أن السودان به 34 مصنعاً في مجال الصناعات الدوائية و13 في طور التشييد، ولم تدخل مرحلة الإنتاج بعد. وأكدت سمية عدم تأثير تحرير سعر الدواء على العقاقير الخاصة بعلاج الأطفال والأمراض المزمنة والمستعصية من "السرطانات – السكر – الملاريا" وعلاج أمراض الطوارئ والتي رفعت وزارة الصحة الأدوية العلاجية فيها إلى ما يزيد عن 200 صنف دوائي، بجانب أنها قامت بتوفير العلاج ل(10) آلاف مريض يترددون على المستشفيات للعلاج من أمراض "الكلى القلب" من دون فرض أي رسوم وضرائب جديدة عليها، وقالت إن الدولة عملت على توفير البطاقة العلاجية ل(16) مليون مواطن من جملة 34 مليون شخص في الدولة. وأعلنت وزيرة الدولة بوزارة الصحة طرح سياسات صحية جديدة في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي من سلعة "الدواء" والتي ترتبط بأرواح المواطنين، وذلك بالمساواة ما بين سعر الدواء المستورد والمنتج المحلي لأول مره في تاريخ إنتاج السلعة. وتوقعت سمية أن تعود حزمة السياسات الاقتصادية الأخيرة لمصلحة ما يعرف بالأمن الصحي بتوفير مليار وثلاثمائة جنيه سوداني قالت إنها سوف تذهب عائداً لصالح صندوق الإمدادات الطبيبة، مع الالتزام القاطع أيضاً بتوفير الدولة ل(54) صنفاً من الأدوية بعيداً عن سوق المضاربات الدوائية على حد تعبيرها. وألمحت وزيرة الدولة بالصحة إلى مجموعة تدابير سوف تقوم بها الدولة في شأن ضبط حركة توفير العلاج للأجانب الذين يتمتعون بذات الامتيازات المقدمة للمواطن من خلال إبراز الهوية الشخصية في المرافق الصحية. الصيحة