يعاني عدد من الصيدليات بالخرطوم من انعدام لافت للأدوية المنقذة للحياة، في أعقاب قرارات وزارة المالية القاضية بتحرير سعر الدواء ، وتفيد متابعات التيار أن عدد من الشركات توقفت عن البيع بحسب ما أفاد أصحاب صيدليات، وشكا مواطنون من الارتفاع الجنوني للأسعار مع انعدام بعض الأدوية، وقال صاحب إحدى الصيدليات إن سعر "البندول شراب" كان ( 10) جنيه ولكن وصلتنا تسعيرة من قبل الشركة ليصبح سعره (5 .22 ) جنيهاً، التيار تحاول من خلال هذا التحقيق وضع صورة واضحة للوضع الدوائي عقب القرارات الاقتصادية. تحدث ل(التيار) أحد الصيادلة ،مفضلا حجب اسمه ، ومتناولاً تفاوت الاسعار واختلافها وارتفاعها الجنوني وأضاف "البندول شراب سعره سابقا ( 10) جنيه ولكن وصلنا تسعير من قبل الشركة ليصبح سعره (5 .22 ) جنيهاً وهناك بعض الادوية لم نتسلم فواتيرها رسميا ولكن بعض اطلاعنا عليها من قبل الزملاء فأسعارها مرتفعة جدا " وواصل محدثى :إن بعض الادوية زادت بنسبة 100% وأكثر ، أخري بنسبة (50%60 %) لدينا حبوب للأمراض العصبية بلغت نسبة زيادتها أكثر من ( 100% ) سعر الصندوق 70 جنيها بدلا عن 30 جنيهاً هناك عدد كبير من الشركات أوقفت البيع تماما بينما الشركات الأخرى التي لا تزال تزاول نشاطها لديها أدوية محددة وأخرى رفعت الأسعار فيها بنسب عالية جداً. إجراءات معقدة.!! هناك عدد كبير من الادوية المهمة والمنقذة للحياة غير متوفرة في الصيدليات مثلا (التاتنوس والأمراض العصبية والتشنجات) .. هناك بعض الأجراءات الجديدة التى تم تعديلها حديثاً فهى معقدة وصعبة ، ففي السابق جميع الأدوية يتم إيصالها للصيدليات مباشرة من الشركات ولكن القرار الاخير يلزم الشركات بعدم إعطاء أدوية للصيدليات مالم يتم تصديقها بواسطة المجلس وهذه الأدوية التى شملها القرار فقط أدوية الامراض العصبية وهذا الأمر يعتبر متعبا لنا ،الصيادلة .. لايمكن توقع الزيادات القادمة نسبة لعدم الاستقرار وحتى الشركات التى وصلتنا قوائمها متفاوته أسعارها والأدوية فيها شح حتى من قبل الشركات وحتى الأدوية التى تقبع في الرفوف غير مهمة ..الآن البندول لا يوجد بالرغم من أهميته لمرضى ICU وأغلبية الأدوية المتوفرة عبارة عن منشطات جنسية وفيتامينات ومضادات. هناك نسبة إقبال كبيرة من المرضى ولكن الشراء ضعيف .. شكوى الأغلبية من ارتفاع تكاليف الفحص والعيادة عندما يتفأجا أحدهم بسعر الدواء يقول لنا إنه صرف آلاف الجنيهات ولم يعد قادراً على شراء الدواء وأخرون يسألوننا عن الأدوية المهمة من بين الأدوية التى قررها الطبيب فتلجمنا الحيرة في إصدار قرار لمدى أهمية أدوية دون أخرى ، وبعضهم يطلب منا إعطاءه دواءً لمدة خمسة أيام وهذا مستحيل لأن الجرعة لايمكن إعطاؤها بالأيام ..إذا وضعنا في الاعتبار الحبوب فلا يمكن قص جزء منها والإبقاء على باقى الحبوب لأنها لم تعد صالحة وربما لا تجد من يشتريها . أدوية انعدمت وشركات أفلست.!! تحدثت ل(التيار) د.شيراز وتناولت بالتفصيل ارتفاع الأسعار الجنوني وتتفاوت نسب الزيادة حيث اشارت إلى أن هناك بعض الادوية التى تمت زيادتها من قِبل بعض الشركات ومنها علاج الروماتيزم حيث تجاوز مبلغ (247) جنيهاً بعد ان كان سعره سابقا ب(203) جنيه ..أيضا هناك أزمة في بعض الأدوية والمعدات كالدربّات والمحاليل الوريدية وسيور الدربات والفراشات والادوية المنقذة للحياة ، وتعود هذه الأزمة لوقف الشركات للبيع ،وكذلك ارتفاع أسعار الاموكلان بكل الانواع على التوالى (107129) ،(5065) ، (80 95) جنيهاً ..أما الشراب "أموكلان" فبلغ سعره (65 92 105) جنيهاً ،ويعتبر من أول الأدوية التى زادت أسعارها ، لكن على المرضى الاّ يتمسكوا بالأموكلان بالاسم لان هناك بعض الادوية تعطى المفعول نفسه وبأسعار زهيدة ، أما الأدوية المنقذة للحياة معدومة تماما وتحديدا " الفانتولين" ففي شارع الحوادث لدينا عدد (55) صيدلية، جميعها تخلو من الادوية المنقذة للحياة. نسب الزيادة حتى الان في بعض الادوية 50% واخرى قد تتجاوز 150% ، بعض الشركات أفلست لأنها لا تستطيع استيراد أدوية في ظل الارتفاع الجنوني للدولار ، وبالمقابل ضعف رأس المال ، عدد كبير من المرضى يعاودوننا يوميا ولكنهم لا يستطيعون شراء الدواء وتمسك بعض المرضى بمسمى الدواء خطأ لان هناك بعض الادوية التي تعطي المفعول نفسه بأسعار زهيدة ولكن نسبة لرسوخ أدوية بعينها في أذهان الاطباء يقررها الطبيب للمريض بالرغم من تكلفتها العالية نحاول إقناع المرضى ولكن البعض منهم يصرّ على دواء بعينه. غياب البدائل.! توقفت قليلاً في إحدى الصيدليات لكى أقف على الحقيقة بنفسي ، وفعلا لحسن الحظ لدقائق اكتظت الصيدلية بالباعة ولكن في أقل من دقيقة أصبحت الصيدلية خالية تماما ، ومن خلال ملاحظتى جميع الذين جاءوا لم يعثروا على الأدوية التى يطلبونها ليخرجوا بحثاً عنها في مكان أخر ..ذهبت مباشرة للصيدلية لأسأل .. د. محمد نعيم تحدث أولاً عن نسبة الزيادات المتوقعة وأشار إلى أنها قد تصل ل150% و 100% ، كذلك تحدث عن شح الأدوية وتوقف الشركات عن البيع لمدة خمسة أيام وأضاف" الزيادات لم تكن وليده رفع الدعم فقط ، بل هناك أدوية كثيرة ارتفعت منذ فترة ولكن بعد رفع الدعم ستصبح أسعارها جنونيه وبعض الشركات تحدثت إلينا بصراحة بإن الزيادات ستفوق 100%" الأدوية خلال هذا العام تضاعفت أسعارها عدة مرات ابتداءً من الأدوية التى كانت تباع في السابق ب (10) جنيهات تعدت مبلغ ال(40) جنيهاً الآن. بعض المرضى يأتون إلى الصيدليات لكنهم لا يستطعون شراء الادوية وحتى البدائل لم تعد في متناول أياديهم .. سابقاً كانت الأدوية الإنجليزية الصنع سعرها لا يتعدى ال(70) جنيهاً ، والهندية سعرها للدواء نفسه ب(15) جنيه ، ولكن في الآونة الأخيرة، الهندي وصل سعره إلى (70) جنيها والإنجليزي تجاوز ال(120) جنيهاً ، ورغم معرفتنا لحاجة المريض للدواء لكن ليس باستطاعتنا فعل شيء ، فمثلا حقنة غسل الكلي سابقاً قبل ستة شهور ب (90) جنيه، والآن ب(218) جنيه ،والمريض يحتاجها عند كل جلسة غسل ، ومن المتوقع أن تصل لمبلغ (450 500) جنيه. صيدليات مكتظة بلا دواء.!! وعندما سألته عن سبب اكتظاظ الصيدلية، وفي لحظة يخرج منها المرضى بدون دواء أجاب" ما في دواء اصلاً عشان كدا أعمل ليهم شنو؟ لكن الأخطر من كل هذا أن هناك ادوية مهمة غير متوفرة تماما والذين خرجوا قبل قليل يبحثون عن أدوية على شاكلة فيتامين ومسكن الآم وغيرها ".. الجيلي المبارك مواطن تحدث ل (التيار) ويكسو ملامحه اليأس ،حيث قال" هناك بعض الصيادلة يقومون بطمأنتنا رغم اختلاف الأسعار وارتفاعها عندما نسأل عن سبب الارتفاع يعزونه للشركات المورّدة وجميع الصيدليات لديها أسعار خاصة بها " وأضاف" ذهبت للصيدلية الآن وطلبت ارخص فيتامين موجود وجدته ب59 جنيهاً ، ولعدم مقدرتنا لشراء الادوية نلجأ (للقرض) كعلاج بالرغم من أنه غير مفيد ..الأدوية سابقا كنا نشتريها بأسعار مناسبة ولكنني اليوم الأدوية اشتريتها ب300 جنيه ، مع أنه في السابق لا يتجاوز سعرها ال50 جنيهاً ".. حبوب السكرى كنت اشتريها ب1 جنيه ..اليوم وجدتها ب4 جنيه وكذلك حبوب المنظم في السابق سعرها 2 جنيه واليوم ب 8 جنيهات ، وعند كل صباح الاسعار في زيادة مستمرة ولا ندرى إلى أين تذهب بنا؟ ضغط وصداع نصفي.! بينما كنت واقفاً أمام إحدى الصيدليات وقرب مستشفي معروف استوقفت إحدى السيدات ولكنها حدثتني صراحة أنها مستعجلة تريد إيصال الدواء لمريضها ولكنها أدلت بإفادتها حول ارتفاع أسعار الدواء. تقول السيدة إنها فوجئت بتضاعف أسعار الدواء بالرغم من أنها لم تشتر سوى (حبوب ضغط وصداع نصفي) وجدتها بمبلغ (400) جنيه مع أنها سابقا لا تتجاوز مبلغ (200) جنيهاً. وأضافت " الأسعار غالية جداً والعلاج أصبح غالياً ولم يعد هناك شيء رخيص، والزيادات صعبة ولم يعد بمقدورنا تحملها" الكثيرون قابلتهم ،فعبّروا صراحة عن المأساة التى يعيشون فيها والقادم الأسوأ الذى ينتظرهم .. بعضهم كان متضجراً وآخرون لم يجدوا كلمات لتعبر عن حقيقة أوضاعهم سوى الصمت ويرددون "حسبى الله ونعم الوكيل" وبعضهم نبرات أصواتهم توحى بأن الأمر لم يعد تحت السيطرة، والحياة تسحقهم من كل ناحية ، فما بين لحظة وأخرى تجن الاسعار جنونها ، والمرض لا يعرف الغنى ولا الفقير ولكنهم اختاروا الصبر ترياقا للابتلاء