شهدت الآونة الأخيرة عدداً من حالات تسلل حملة جوازات أجنبية إلى السودان بطرق غير شرعية، لأغراض تأدية مهام تصفها الحكومة بأنها تندرج تحت أنشطة العمل المخابراتي والتجسسي، لا سيما وأن العامل المشترك بين جميع أصحاب هذه الحالات هو انحصار وجودهم في مناطق وبؤر النزاع السودانية. وتحفل أضابير السلطات بحالات لأجانب عبروا الحدود السودانية قادمين من الخارج للقيام بأنشطة عدائية استخباراتية. وفي الصدد تعتبر فئة الصحافيين الأجانب هي الأكثر حظاً وعدداً في سلك حالات التسلل إلى السودان يليهم مباشرة النشطاء، ومن ينسى الممثل الأمريكي جورج كلوني تعددت حالات التسلل إلى الأراضي السودانية والسبب واحد. حدود مفتوحة تمثل حدود السودان وانفتاحها على سبعة دول مدخلاً لولوج عناصر تحتقب أجندات خاصة. وربما لذات الوضع الجغرافي يحبذ الراغبون في الوصول إلى القارة الأوروبية العجوز المرور عبر السودان وصولاً إلى سواحل الأبيض المتوسط الليبية. وعلاوة على موقعه الجغرافي الوسطى، فإن مجاورة السودان لسبع دول بعضها يشهد اضطرابات أمنية وسياسية، يزيد من عبء حالات اندساس أصحاب الأجندات في أوساط اللاجئين، ويفاقم كذلك من حدة الحروب الداخلية بداخله، حيث شهد السودان أطول حرب أهلية في القارة السمراء، والتي انتهت في العام 2005م بإبرام اتفاقية السلام الشامل نيفاشا، وما لبثت أن عادت بنهاية الاتفاقية لتشب في ثوب عدد من الولايات بداية من العام 2010م، أضف إلى ذلك اقتداح شرارة الحرب بدارفور منذ العام 2003م والتي لم تُحسم حتى الآن بصورة نهائية، وفرضت كل هاتيك الظروف واقعاً مختلفاً في البلاد التي صارت قبلة للمنظمات الأجنبية والوفود والإعلاميين الأجانب الذين يعمل بعضهم لصالح جهات خارجية ويتسللوا عبر هذه اللافتات لأداء مهام أخرى. صراعات ساعدت الصراعات التي تشهدها عدد من المناطق داخل السودان خاصة في إقليم دارفور في بروز حالات التجسس ونقل المعلومات إلى الخارج،وتحفظ دفاتر السلطات عدداً كبيراً من قضايا التسلل بطرق غير شرعية لفنانين وصحافيين وشخصيات عامة تسللوا إلى مناطق الصراعات وسربوا معلومات مغلوطة عنة الأوضاع في تلك المناطق، وأبرز تلك الحالات ما أقدم عليه الممثل الأمريكي المشهور جورج كلوني الذي دخل إلى جنوب السودان قبيل قيام الاستفتاء ونقل معلومات عن الأوضاع الإنسانية أغلبها لم تكن صحيحة لدرجة أنه قاد حملة ضد الحكومة السودانية وصلت حد أن يتبرع من ماله الخاص مع عملاق التكنولوجيا "قوقل" والأمم المتحدة لمراقبة السودان عبر الأقمار الاصطناعية. وقاد كلوني حملة أخرى تطالب بمحاكمة القيادة السودانية، ونظم وقفة احتجاجية مع عدد من الفنانين والممثلين أمام السفارة السودانية بواشنطن. وقضت محكمة جنايات الخرطوم الأسبوع قبل الماضي، بسجن صحافي تشيكي متَّهم ب"التجسس"، وأدانت المحكمة الصحافي بيتر جاسيك بتهم "التجسس، وإثارة الكراهية ضد الطوائف الدينية، ودخول البلاد بصورة غير شرعية، ونشر أخبار كاذبة، وتصوير أماكن عسكرية، والعمل لصالح منظمة طوعية غير مسجلة رسميًا". وأصدرت المحكمة حكمًا بالسجن المؤبَّد على الصحافي جاسيك، ودفع غرامة مالية قدرها نحو 15 ألف دولار أمريكي. وأوقفت السلطات الأمنية السودانية الصحافي التشيكي بيتر جاسيك، في العام 2015، بعد دخوله البلاد بأربعة أيام، ومن ثم اعتقلت السلطات الأمنية البريطاني فيليب كوكس، في مدينة الفاشر ، في الثاني من يناير الماضي، حيث خضع للتحقيقات، وسجل اعترافات بدخوله السودان بطريقة غير شرعية. وكشفت نتائج التحقيقات عن تورطه في أنشطة ضارة بالبلاد، ويوم (الأربعاء) الماضي جرى إطلاق سراحه بموجب عفو من الرئيس عمر البشير، وسلم إلى سفارة بلاده بعد إقراره قانونياً وتعهده كتابياً بعدم تكرار ما فعل. عمل استخباراتي انتقد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط السفير عثمان السيد في حديثه مع (الصيحة) سلوك السودانيين المتسامح مع الأجانب في استقبالهم وإسكانهم دون التحقق من هويتهم وطبيعة عملهم، وأشار عثمان السيد إلى أن كثيراً من الأجانب الذين يجولون في السودان لهم مآرب وأهداف غير التي يدعونها، وأضاف بأن السودان مستهدف خاصة في فترة الستة أشهر المقبلة والتي تتزامن مع المهلة التي منحتها الإدارة الأمريكية للخرطوم للإيفاء بتعهداتها فيما يخص ملفات (مكافحة الإرهاب، الهجرة غير الشرعية، العمل على استقرار دولة جنوب السودان، محاربة جيش الرب، العمل على استقرار الأوضاع الأمنية في دارفور والمنطقتين) توطئة لرفع اسمه بالكلية من قوائم العقوبات الاقتصادية الموقعة بحقه منذ العام 1997م. واعتبر السيد أن الفترة المقبلة هي الأصعب على السودان وينبغي أن يجتازها بسلام ليعبر لمرحلة رفع العقوبات. ولم يستبعد السيد استهداف السودان حتى من الدول المجاورة، ورأى أن الحل بجانب تطبيق القانون مع المخالفين هو الدور المجتمعي الذي يجب أن يقوم بدوره الرقابي كاملاً،وزاد بأن التجسس موجود في السودان من أشخاص يدخلون البلاد بصورة رسمية،أما عن الذين يدخلون بطرق غير شرعية فيعده رجل المخابرات السابق جريمة كبرى مؤكداً على ان كل من تسلل إلى البلاد دون إذن رسمي هو جاسوس. بدوره يرى الخبير الأمني العميد (م) ساتي سوركتي أن دخول الأجانب والصحافيين للسودان بطرق غير شرعية يرجع لعمل عدائي ضد البلاد، وشدّد ساتي على أن الدخول لأي دولة بطريقة غير شرعية يعتبر جٌرم كبير يُحاسب عليه القانون، وأضاف بأن مجرد دخول شخص للبلاد دون إذن رسمي فإن هذا يثبت سوء النية والمقصد. ونبه ساتي إلى أن المنطقة الإفريقية والعربية بصورة عامة تشهد حرباً سرية كبيرة يقودها مجهولون يتسللون إلى البلدان المستهدفة دون أن يعرفهم أحد، وعاب مبدأ العفو في حق من ارتكبوا مثل هذا الجُرم باعتبار أنها قضية أمن قومي، منوهاً إلى أن العفو من شأنه أن يُغري الآخرين لتكرار ذات المسلك الضار بالبلاد، قائلاً إن الحل لوقف هذه التجاوزات يكمن في تطبيق القانون وبصرامة في مواجهة المتورطين. الصحيفة