*ما أكتبه اليوم قصة حقيقية ,أبطالها حقيقيون,يعيشون بيننا,ولا يشعر بهم احد...!!!؟ *كان الفتي اليافع أحمد يعيش حياته طولآ وعرضا,وساعده في ذلك عمله التجاري الناجح الذي يقوم به...!!! *ما أن تغرب الشمس,حتي يستعد صاحبنا لمغامرة جديدة,فقد كان ينتقي من الشارع أجمل ما فيه من حسان....!!! *وذات يوم استعد فيه لمغامرة جديدة,وهو يطوف بسيارته الفارهة,رأي فتاة أثارت انتباهه رغم انها لم تكن كبقية بنات الشوارع,لم تكن تلبس تلك الملابس التي تلفت نظر الشباب,بل علي العكس كانت تلبس اسمالآ,ثوب لم يبخل عليه الدهر بالثقوب والخروق,وقميص بال مهترئ,تخشي ملامسته كي لا يذوب بين يديك,ورغم كل هذا راي جمالآ ملائكيآ من خلال تلك الأسمال...! *أوقف السيارة بجانبها,وطلب منها باسلوب رقيق بالركوب فركبت في صمت,لم تظهر اعجابها بالسيارة الفارهة كما يفعلن الأخريات عادة,ولم تتجاوب مع الأغنية التي كانت تصدح,ولم تسأل عن فنان معين لتستمع اليه,فقد كان حديثها الصمت المطبق...!!! *ووصل الركب الي العمارة التي تحوي شقة الشاب,ورغم أن الشقة كانت من الطراز الرفيع,الا أنها لم تسترع منها انتباهآ,كلما كان تفعله الأخريات لم تفعل منه الفتاة شيئآ...!!! *طلب منها خلع ثوبها ففعلت في صمتها الرهيب,والآن انتبهوا جيدآ,فانما جري بعد ذلك من أحداث يقبض الأنفاس..!!! *أنت لست كمن كن يأتين معي من فتيات,لا تتكلمين ولا تظهرين أي نوع من الفرحة,صامتة طوال الوقت ماذا بك...!؟ *وهنا انكسر صمتها ببكاء حار ومر,وبعد محاولات عديدة منه صمتت من البكاء وتحدثت ولأول مرة بعدما يقارب الساعتين من الصمت,وبثت في حديثها مأساتها...!!! *نحن اثنان في هذه الدنيا أنا وأمي,هي وحيدتي وانا وحديتها,مات أبي ولم يترك لنا سوي القليل,فقد كان رحمه الله عاملآ بسيطآ,أمي اليوم تعاني من المرض,وقد اضطرتني الحوجة الخروج الي الشارع علي أجد ما يساعدني علي شراء الدواء لأمي المريضة..!! *وهنا خرج الشيطان من قلب الفتي,وحل مكانه الانسان,فقال لها باسلوب كله رحمه(البسي توبك ويلا نمشي بيتكم أشوف أمك)..!!! *فجرج الاثنان وتركا الشيطان صريعآ يتلوي...!!! *سألها عن الحي,وكان من الأحياء الطرفية المهمشة,وفي الطريق الذي وصفته الفتاة,يمين شمال طوالي,توقفا أمام منزل أكلت تضاريس الدهر من جدرانه,فصارت نحيفة رهيفة تهزها الرياح مهما تضائلت قوتها,الباب مرقع بقطع أخشاب غير متجانسة,من ذلك النوع الذي تجده ملقآ في الشوارع...!!! *أما في الداخل فغرفة واحدة,وعنقريب تدلت حباله حتي بلغت الأرض,وشبح انسان يرقد علي العنقريب البالي,ويغطيه ثوب مهترئ تعانقت خيوطه مع حبال العنقريب,علهما يتوقان الي الأرض ليدفنا فيها...!!! *وتكمل الصورة المأساوية لمبة قجوج لم تكن لتنير الا مساحة صغيرة لا تصلح الا لتجمع الناموس حولها...!!! *(ده منو المعاك يا فاطنه)سألت الأم ابنتها بصوت بذلت فيه كل طاقتها,وهنا تقدم احمد وانحني الي السرير واحتوت يداه كتفيها ورجليها,فقد كانت خفيفة الوزن,عظام يكسوها الجلد حتي فاض عليها فتدلي جلدها كما حبال العنقريب وخيوط الفركة التي كانت تغطيها...!!! *حملها بين يديه وقال (افتحي الباب يا فاطنه)وفتحت فاطنه الباب وارقدها في المقعد الخلفي للسياره,وركبت فاطنه في المقعد الأمامي,وتوقف أمام أكبر المستشفيات الخاصة,واتصل باصدقائه من الاخصائيين,الذين حضروا وعاينوا المريضة,وبدأوا العلاج الذي استمر شهرآ كاملآ,لم يغادر أحمد المستشفي طوال هذه المدة وتعافت الأم تمامآ...!!! *وفي المنزل تحدثت الأم(والله يا ولدي ما بقدر أجازيك,جزاك عند الله)وهنا رد الفتي الصالح(يا حاجه والله جزاي عندك وجزاي بس تعرسي لي فاطنه دي)....!!! *كيف حالك قارئي العزيز...!؟ألم تفرح ودموع الفرح قد انهمرت مدرارا..!!؟ *تلك فرحة غمرت الأم وأحمد وفاطنه كما أظنها قد غمرت الملائكة في السموات السبع...!!! *وتزوج أحمد فاطنه وانتقلت العائلة بأكملها الي الفيلا التي يمتلكها أحمد,اما الشقة فرغم أنه تركها الا أنه احتفظ بها فقد كانت سببآ في التغيير الجذري في حياته وتحوله من شيطان الي انسان...!!! *وأمنا السودان في حوجة لمثل هذا الابن,ليرعاها وليطلب لها الأخصائيين من اقتصاديين ومهندسين واطباء ليعالجوا امراضها السياسية والاقتصادية والزراعية,فيا ابناء السودان أمكم في حوجة لكم فهل لها من ابناء برره...!!!؟؟؟ [email protected]