في تطور لافت للأحداث وبعد فشل المبعوث الأمريكي الخاص برينستون ليمان في الالتقاء بمسؤولي الحكومة نهاية الاسبوع الماضي وصل الخرطوم في زيارة تستغرق 3 ايام مساعد وزيرة الخارجية الامريكية لشؤون حقوق الإنسان ميشيل بوسنر لمراجعة سجلات حقوق الإنسان بالسودان في وقت رفضت فيه الحكومة اعتبار زيارة المساعد ردة فعل لتعثر لقاءات المبعوث الامريكي الخاص، وحسب مراقبين فان احداث ولاية جنوب كردفان ستتصدر اجندة موفد الخارجية الامريكية بجانب الاوضاع في دارفور والحريات الدينية والسياسية والصحفية والدستور الجديد اضافة الى معرفة ماتم في شأن توصيات المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الانسان المقرر التئامه في سبتمبر المقبل . ورغم التقدم المضطرد لملف حقوق الإنسان في السودان كما ترى الحكومة الا ان الخارجية الامريكية مازالت ترى ان اوضاع حقوق الانسان في السودان مثل ما كانت من قبل دون تغيير وان انتهاك الحقوق لايزال مستمرا لاسيما في دارفور الى جانب الحريات الدينية ، وجاء حسب التقرير السنوى الذي اصدرته الخارجية الامريكية للعام الماضي، غير ان تقرير الخارجية الامريكية ليس الوحيد فقد دعمه تقرير الخبير الاممي لحقوق الانسان محمد عثمان شاندي الذي اتهم الحكومة بانتهاك حقوق الإنسان، مشيرا الى أن الحقوق الأساسية، بما فيها حرية التعبير والتجمع وتكوين التنظيمات، لا زالت تنتهك من قبل السلطات ، مستشهدا بالاجراءات الصارمة التي قابلت بها الحكومة تظاهرات يناير التي انطلقت في الخرطوم عقب ثورتي تونس ومصر ، واحتجاز قادة المعارضة وناشطي المجتمع المدني دون توجيه أي اتهام إليهم، ودون منحهم حق الطعن في قانونية احتجازهم أمام المحاكم. واعرب شاندي في تقريره عن قلقه حيال المضايقات والاعتقالات التي تتعرض لها قوى المعارضة قبل ان يستنكر عدم تقديم المتهمين في ارتكاب جرائم باقليم دارفور الى العدالة رغم وجود حوالي 120تحقيقا لم يتم حسمها أو يقدم مرتكبوها إلى العدالة. وقال شاندي إن الأممالمتحدة لا تزال قلقة بشأن استمرار التحقيق وضعف القدرات مما يعوق وصول الجناة إلى العدالة، وطالب كافة الأطراف بالعمل لتحقيق كافة متطلبات العدالة، وحول دارفور أوضح شاندي أن القتال زادت كثافته بين القوات الحكومية والمتمردين منذ ديسمبر الماضي، من العام الماضي وأضاف إنه زار نازحين بالمنطقة، واصفا وضعهم بالبائس معتبرا أبيي نقطة ساخنة يحتمل أن تخرج عملية السلام بأكملها عن مسارها وطالب شاندي قبل مغادرته الخرطوم الحكومة بإطلاق سراح كافة المعتقلين، بمن فيهم المعتقلون السياسيون أو أن توجه لهم اتهامات محددة لمحاكمتهم وفقا للقانون، غير ان الحكومة اعتبرت تقرير شاندي الذي قدمه أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف ، بأنه غير متوازن ، وبررت ذلك لاستخدامه تعبيرات مطلقة مستندة على وقائع إعتقال د. حسن الترابي أمين عام المؤتمر الشعبي في الفترة السابقة وإيقاف جريدة رأي الشعب، لسان حال المؤتمر الشعبي وأوضحت الحكومة بان شاندي أشار في تقريره إلى انتكاسة في حقوق الإنسان من خلال تلك الوقائع . ويرى مراقبون ان الفترة الماضية لم تشهد تحسناً في أوضاع حقوق الانسان، وهو مادعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المتحدة الى وصف تقرير الحكومة عن حقوق الإنسان في البلاد والذي قوبل ب 167 توصية منها 127 توصية قبلتها الحكومة و21 حمل النظر بينما رفضت19 توصية بالضعيف وغير المقنع، حيث لم تترد الدول الغربية في توجيه انتقادات لتقاعس السودان في عدم الإيفاء بالتزاماته حسب قولها، خاصة في بعض القضايا التي تتعلق بالحريات الصحفية حيث طالبت بريطانيا الحكومة باحترام حقوق الإنسان والحفاظ على أمن المواطن اما إيطاليا فقد انتقدت عقوبة الإعدام وركزت على ضرورة محاربة ختان الإناث، في حين طالبت أستراليا الحكومة السودانية بالمصادقة على اتفاقية المرأة (سيداو) والمصادقة على اتفاقية مناهضة التعذيب دون تحفظ ومن جهة ثانية دعت سويسرا الى تحقيق عاجل في كل الانتهاكات التي تمت في دارفور، وتقديم المدانين للعدالة. ولم ينجُ قانونا الامن الوطني الصادر في العام 2009م والصحافة والمطبوعات 2010 من نقد مجلس حقوق الانسان لاسيما في مخالفته المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ووثيقة الحقوق الواردة في الدستور الانتقالي نظرا لحده من حرية التعبير على اساس حماية الامن القومي والنظام العام وحماية الصحة والاخلاق كما ان القانون لايتضمن حق الصحفي في الحصول على المعلومات من جهات الاختصاص لنشرها وذلك لعدم وجود قانون لحماية حرية الحصول على المعلومات في السودان . وتوقع المحلل السياسي والاستاذ بجامعة الخرطوم بروفسير الطيب زين العابدين ان تكون احداث جنوب كردفان و ماتردد من انتهاكات في سلم اولويات موفد الخارجية الامريكية لاسيما مع مطالبة الحركة الشعبية بلجنة دولية للتحقيق في تلك الاحداث غير ان زين العابدين رأى بان افضل رد من الحكومة يتمثل في فتح السودان امام مندوبي حقوق الانسان والمنظمات الحقوقية للبحث والتقصي في وجود انتهاكات بالسودان محذرا الحكومة من اتباع السياسة السورية التي منعت الاعلام والمنظمات الدولية من دخول البلاد قبل ان تصبح مدانة دون ان تجد فرصة للدفاع عن نفسها . واعتبر المحامي نبيل اديب موقف الحكومة الحقوقي غير مشرف لاسيما في ظل الهجمة على الصحف ومحاكمة الصحفيين على ابداء آرائهم كما شهدت الفترة الماضية الغاء ترخيص صحيفة اجراس الحرية بجانب 4 صحف سياسية اخرى ناطقة بالانجليزية واعتبر اديب ان القوانين السائدة في العام 2009 لم تكن افضل من السنوات السابقة واستمرت في مخالفتها للدستور وحقوق الانسان ولم يتم استبدالها بقوانين تلائم وثيقة الحقوق والواجبات . الصحافة