*ان العدل والاستبداد ضدان لا يلتقيان,وحضور أي منهما ينفي وجود الآخر...! *وطوال سبع وعشرين عامآ عشنا استبدادآ مطلقآ,فالمستبد يلغي كلما سواه,هكذا حال الفراعنة علي مر العصور...!!! *كنت دائمآ أتمني أن يتغير الحكم من داخله,فالتغيير ان أتي من الخارج فسوف يكون ثمنه باهظآ,والتغيير من الداخل يشمل الانقلاب العسكري,فالجيش مهما كان ضعيفآ,فهو الأقدر علي حفظ الأمن,الذي تحيط به المهددات من كل جانب...!!! *فالشارع السوداني اكتظ بكل ما يهدد أمنه,ففيه الأعراب الأشد كفرآ ونفاقا يحملون السلاح جهارآ نهارا,واللاجئين من كل حدب وصوب مع النازحين,والله اعلم ما تحويه صدورهم,يمشون في الأسواق بلا رقيب أو حسيب,ومع ذلك كله يفتقر الشارع الي معارضة سياسية قوية,حيث تقودها قيادات كسيحة نطيحة أكل منها السبع ما شاء له ان يأكل,أضف الي ذلك عدم تأثر المواطنين بكل من المعارضة وحزب النظام الحاكم,فالنظام الحاكم انكفأعلي نفسه وانعزل عن الشعب الذي ادعي أنه جاء لحماية حقوقه,أما زعماء المعارضة فقد استعصموا بالبعد عن الشعب بالعيش خارج الحدود,واختاروا فنادق النجوم الخمس,ميادين لقتالهم...!!! *ومما يزيد الأمر تعقيدآ أن المواطن فقد الانتماء الي الوطن,كما أن النظام فتح البواب مشرعة لكل لاجئ ونازح,واغرب ما في الأمر أنهم يجدون عملآ,لا يجده المواطن,الذي تجد غاية امانيه الهجرة من هذه البلدة الظالم نظام حكمها,وهنا يخلو المناخ لكل طامع حضر للبلاد نازحآ كان أم مهاجرآ,وتدخل الشاحنات محملة بالأسلحة,وتتحول الشقق السكنية الي مصانع للقنابل لتضرب الأمن القومي في مقتل,هؤلاء ليس لديهم ما يخسرونه,بعد أن خسروا أوطانهم وهجروها,خاصة بعد أن نال عدد معتبر منهم الجنسية السودانية وجواز السفر,وعدم اهتمام الأجهزة الأمنية بنشاطهم,وهؤلاء هم نواة الفوضي الخلاقة فليس لديهم ما يخسرون...!!! *هذا الي جانب الفساد الذي عم البر والبحر,ذلك الفساد الذي ينفيه جلاد النظام,ويطالب المواطن بتقديم الوثائق التي تثبت ذلك الفساد,رغم وجود جهاز رقابة يستطيع أن يكشف كل فساد مهما خفي,وحتي حين يثبت الفساد علي أحدهم يجري لي عنق القانون فيبرأ,وان كان قد ثبت عليه,فان في قانون التحلل منجاة له...!!! *الجهاز التنفيذي الذي تم تدميره عمدآ,تارة بما عرف بالصالح العام,وأخري بالتخلص من مرافق القطاع العام,وثالثة بالخصخصة,هذا الجهاز أعيد الي العمل مرة أخري,بتعيين رئيس وزراء,بعد أن غاب حوالي ثلاثة عقود من الزمان,عاث فيها المفسدون في الأرض فسادا...!!! *وبالجهاز التنفيذي وحده يستطيع أي نظام حكم جاد ان ينفذ الي قلوب المواطنين بما يقدمه لهم من خدمات,وبغيابه غابت صلة الوصل بين النظام والمواطن,ومن هذا الغياب جاء الفساد,فكل وزارة أصبحت مملكة قائمة بذاتها,لا يسأل الوزير فيها عما يفعل,الا في واحدة هي ذكر الذات الرئاسية بسوء,هنا فقط تدور عليه الدوائر...!!! *وفي تكليف نائب الرئيس بقيادة الجهاز التنفيذي تفسيران,فيهما حسن الظن وسوءه في أن,حسن الظن(وهذا مستبعد)أن البشير شعر بعد كل هذه السنين العجاف التي تجاوزت السقف القرآني(سبع سنوات)مثني وثلاث ورباعيع,شعر(مجرد شعور)بأن يصلح من الداخل,فلجأ الي رفيق دربه وأوكل المهمة اليه,أما التفسير الثاني وهو الأقرب الي الواقع,أنه أراد أن يشاركه أحد اللعنات التي تنصب عليه صباح مساء من المواطن المغلوب علي أمره,فخص بها رفيق دربه بكري...!!! *والجهاز التنفيذي هو الذي يستطيع قلب الطاولة علي الرئيس,ورئيسه يمكنه أن يكسب قلوب المواطنين بما يقدمه لهم من خدمات ترفع المعاناة ولو قليلآ عن كاهلهم ,وتنازل البشير عن سلطاته لنائبه العسكري فيه ما يشير الي أن البشير يريد أن تكون السلطة بيد الجيش,لاعتبارات عديدة منها النجاة من المسائلة القانونية,ومنها أيضآ أنه لا يريد أن يكون للسياسييين -حتي اؤلئك الذين أيدوه واستخفهم فأطاعوه-دور في قيادة البلاد ولعل هذه الحسنة الوحيدة في حياته ان قبلت كحسنه...!!! *من يقف علي راس الجهاز التنفيذي يجب أن يكون له قبل كل شيئ مشروع انقاذ لما تبقي,وخطة تطوير للخدمات,وهذه تتضمن اصلاح كل خدمات المياه والنقل والزراعة والصحة والتعليم,وهذه لا يمكن اصلاحها الا بواسطة اهل العلم والخبرة,فقد عاني السودان اقسي المعاناة من أهل الثقة الذين لا خبرة لهم ولا علم,وقد أوصلوا البلاد الي حافة الهاوية بتخبطهم وعدم مسائلتهم عما اقترفوا من اخطاء قاتلة وفساد مستطير...!!! *ورئيس الجهاز التنفيذي سيواجه صعوبات وضغوطات جمه,منها مبدأ المحاصصة الذي ينتظرة عطالي السياسة,الذين عاشوا خارج البلاد أكثر مما عاشوا داخلها,وبالرغم من عطالتهم حولوا فنادق النجوم الخمس ميادين لحربهم النظام,وبعد أن ضاقت بهم السبل جاؤا لمصالحته وهو الذي انقلب عليهم...َ!!! *ورئيس الوزراء الجاد هو ذلك الذي يختار وزراءه بالكفاءة لا بالمحاصصة,والسودان في حوجة ماسة الي من يعيد بناءه,ورئيس الوزراء أيآ كان يجب أن يضع نصب عينيه اصلاح ما تم تخريبه وهذا يوفره أهل المعرفة من مهندسين وأطباء وزراعيين وجيولوجيين واقتصاديين,أما أصحاب الأيكة من عطالي السياسة وقد بلغوا من العمر عتيا فيريدون المحاصصة واقتسام السلطة والثروة,النظام طالما تحجج بعدم وجود الثروة,واستعاض عنها برفع الدعم وفرض الضرائب المبالغ فيها...!!! *المواطن لا يريد سوي خدمات مياه للشرب والزراعة والرعي وهذا ما فشل فيه النظام وقبله فشل فيه من يريدون محاصصته اليوم,وكانت العاقبة أن نشبت أزمة دارفور,والمواطن يريد وسيلة نقل سريعة لينقل انتاجه الي الأسواق,ولكن المحاصصين شلوا السكة الحديد أما النظام فواراها مثواها الأخير,ونتجة لذلك اضحت منتجاتنا عرضة للتهريب...!!! *الشعب لا يريد الكثير فقط الخدمات الأساسية,ليس في حلم أي مواطن بسيط شراء فيلا في دبي أو فتح حساب في ماليزيا أو قضاء الصيف في سويسرا,هل تستطيع حكومة محاصصة توفير هذه الأساسيات؟اشك في ذلك كثيرآ...!!! *كثيرآ ما خاطبت البشير بعبارة بقي ذراع ولكنه سد أذنيه بأصبعيه,وهائنذا أكررها لبكري عسي ولعله يدرك معناها.. [email protected]