أي تواضع تربّعَ عرْشًا فوق أرض السودان.. وأي جودٍ حاكى جودَ السماءِ بالماءِ.. لقطات معبرة جسدت حضور سمو الشيخة موزا الطاغي الآثر حاصدة القلوب، صغارا وكبارا.. لقد مثلت زيارتها التاريخية للسودان عيدا وإنَّ العيدَ مثل العُرْسِ.. زيارة طرقت سويداء القلوب السمر وفتحت مغاليقها.. هناك جلست بين أطفال وتلاميذ وقد زادها التواضع هيبة ووقارا.. هناك بدت المرأة النبيلة بدرا لامس ضوءه هامات أطفال كالورود الوليدة وهم يستشرفون آفاق مشاريع تعليمية جديدة، فما فتئ سراج الوصل أزهرا بين أمومة حانية بديعة وطيور تزقزق كأنها في عرس مستمر، تردد لحنا شجيا خذي عهدا بحبنا وقرِّ عينا أيتها النبيلة. مثلما زارت ملكة بريطانيا إليزابيث السودان من قبل تقوم الشيخة موزا اليوم بزيارة تاريخية مماثلة بعد زيارتها المشهودة لغزة في 23 أكتوبر 2012.. قبل 52 عاما، في العام 1965 حطت طائرة الملكة إليزابيث في مطار الخرطوم، وشمل برنامج زيارتها زيارة مدينة الأُبيِّض (بضم الهمزة على الألف وتشديد كسرة الياء) وعدد من المعالم الثقافية والمشاريع الإنتاجية.. الشيخة موزا كانت أكثر جرأة وجسارة فقد زارت ذات المدينة التي تقع على بعد نحو 588 كيلو مترا جنوبي غرب الخرطوم العاصمة.. وزارت سموها أطفال المدارس ثم زارت حضارة أجدادهم وأهراماتهم التي يرقدون فيها منذ ما قبل سبعة آلاف سنة وبجانبهم آثار أكبر أكاديمية عرفتها الإنسانية، ولا تزال شاخصة لم تتهدم والتي تعرف بالمصورات.. نعم ثقافة سموها الواسعة تدرك العمق الحضاري الذي تحتضنه أرض السودان. ليس صدفة أن تنال سمو الشيخة موزا ثقة منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2003 لتعتمدها مبعوثًا خاصًا للتعليم الأساسي والعالي، وبصفتها هذه تروج للعديد من المشاريع الدولية الهادفة إلى تحسين مستوى التعليم وجعله متوافرًا في مختلف أنحاء العالم.. وكذلك اختيارها في عام 2005 لتكون أحد أعضاء المجموعة الرفيعة المستوى حول تحالف الحضارات التابعة لمنظمة الأممالمتحدة.. وهكذا أطلقت في عام 2008، مبادرتها الخاصة (صلتك) التي توفر التدريب المهني والمساعدة لرجال الأعمال الشباب في إطلاق مشاريعهم في قطر والعالم العربي..هذه المبادرة تؤكد أن داخلها دنيا من الطموحات لا تنتهي بتوفير مليون وظيفة للشباب في السودان. فضلا عن توقيع 5 اتفاقيات تعاون ذات طابع إنساني. وأبرمت "صلتك" تلك الاتفاقيات، مع عدة مؤسسات مثل معتمدية اللاجئين، والمجلس الأعلى للرعاية والتحصين الفكري، والتنمية الاجتماعية، والبنك الزراعي، وبنك الادخار. قناة CNN الأمريكية تحدثت عن سموها قائلة: "تعرف الشيخة موزا بإنجازاتها الكثيرة وذكائها"، بينما أسمتها مجلة "فوربس" الأمريكية، من بين النساء المائة الأكثر سلطة في العالم، وصنفتها مجلة "تايمز" اللندنية، من بين قادة الأعمال الأكثر تأثيرا في منطقة الشرق الأوسط.. بكل تأكيد تجعل منها إنجازاتها ونشاطها المتصل سيدة خارقة، جريئة، مقتحمة، عبقرية، تحملها أفكارها ومشروعاتها وأحلامها لتكون سيدة العرب الأولى. لقد ألقت زيارة سموها للمناطق الأثرية على بعد نحو 200 كيلو متر من العاصمة الخرطوم، أضواء كاشفة على حضارة إنسانية لم تجد حظها من الإعلام. وتشتمل المنطقة التاريخية على موقعين كوشيين مهمين هما النقعة والمصورات الصفراء. وأبرز ما يميز تلك المنطقة وجود أكثر من 200 هرم في ثلاث مجموعات، أُطلق عليها اسم الأهرامات الكوشية. ومعلوم أن قطر والسودان وقعتا قبل عدة أعوام بالدوحة على اتفاقية للتعاون المشترك في مجال تنمية الآثار. وجاءت الاتفاقية في إطار مشروع تنقيب الآثار القطري السوداني المشترك والذي تموله قطر ب(135) مليون دولار لتطوير الآثار بولايتي نهر النيل والشمالية. وقد زارت سعادة الشيخة المياسة السودان في فبراير 2011 حيث قامت بزيارة تلك المناطق الأثرية. الشرق