والي الخرطوم الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين رجلٌ مباشرٌ في تصريحاته.. أمس نقلت عنه وسائط الأخبار حديثاً صريحاً ومُثيراً للدَّهشة. والي الخرطوم قال: (ناس صلعتهم وصلت حقتي دي وما لقوا ليها حلول.. ولو صلعكم وصلت صلعتي ما بتلقوا ليها حل..) والوالي يقصد مشكلة "المواصلات في ولاية الخرطوم".. وكان يتحدث في ندوة "مُلتقى النقل والمواصلات". الوالي عبد الرحيم محمد حسين لتأكيد استحالة حل مشكلة المواصلات بالخرطوم اختصر الأمر قائلاً: (ما عندنا حل للإشكال ده) على حسب ما نشرته أمس الزميلة صحيفة "الجريدة" الغراء. وطالما أنّ السيد والي الخرطوم كَانَ صريحاً في حديثه وعلى رؤوس الأشهاد بأنّ حكومته (فشلت!) في حل مشكلة المواصلات.. وأنّ (ناس صلعتهم وصلت حقتي دي وما لقوا ليها حُلول) على حَد قوله.. فيكون منطقياً أن تمنح الفُرصة لآخرين قادرين على إيجاد الحل.. مُدن كثيرة في العالم فيها أضعاف سكان عاصمتنا الخرطوم ومع ذلك تنساب فيها الحركة والمواصلات بمُنتهى اليُسر، لدرجة أنّ الناس تفضل استغلال وسائل النقل العامة على الخاصّة، توفيراً للمال والوقت والجهد لأنها أسرع وأرخص وأفضل. بدون الحاجة ل(الصِلع).. هذه المشكلة تقع تحت عنوانين، الأول هندسي والثاني إداري.. فأما الهندسي فقد دفعت فيه ولاية الخرطوم في عهد الوالي الأسبق – د. عبد الحليم المتعافي – أموالاً صَعبة لبيت خبرة إيطالي أنجز (المُخطّط الهيكلي لولاية الخرطوم) وأُجيز المُخطّط ليس من مجلس وزراء الخرطوم فحسب، بل من مجلس الوزراء الاتحادي وأصبح في مقام القانون.. ثُمّ تلاه الوالي السابق (د. عبد الرحمن الخضر) فأنجز بيت الخبرة ذاته مُخطّطاً للمرور في ولاية الخرطوم.. بعد دراسة دقيقة للغاية لحركة المركبات والناس في طرق وجسور العاصمة الخرطوم. فهل بعد كل هذه الأموال – بالعُملة الصعبة – التي دُفعت للخبراء وبيت الخبرة الإيطالي.. وكل الدراسات التي أُنجزت لا يزال الأمر في حاجة إلى (صِلع) أخرى؟ أما الشق الإداري؛ فهو بيت القصيد.. فحكاية (الكاش يقلِّل النقاش) التي ذكرها السيد الوالي للدلالة على أنّ الأمر مُتوقِّفٌ على التمويل هي أيضاً واحدة من (خزعبلات) الإدارة على قول صديقنا مصطفى البطل.. فالمال الذي يدفع هدراً في الحُلول الإسعافية في ولاية الخرطوم كَافٍ لحل مشاكلها لنصف قرن قادم.. على سبيل المثال لا الحصر انظروا لما تنفقه الولاية في ترتيبات فصل الخريف كل عام.. ومع ذلك تغني الولاية في كل موسم (إني أغرق.. إني أغرق). العاصمة الوحيدة في العالم التي تبكي من الماء مَرّتين.. مرة إذا غاض في المواسير.. وأخرى إذا فاض في الشوارع مع أول (مطرة). يا سعادة الوالي أما آن لكم أن تترجّلوا من هذه المسؤولية؛ لا حرج – بل من الشجاعة – أن تعلنوا فشلكم في حَل المُشكلة.. لكن يَظل السُّؤال لماذا لا تفسحوا المجال لمن هُم قادرون على حلها..؟ وبدون (صِلع)..!! التيار