انتقد د. موسى آدم مادبو القيادي بالتيار العام بحزب الأمة العددية الكبيرة من الأحزاب التي تشكلت منها حكومة الوفاق الوطني, وأضاف انه لا توجد حكومة في العالم تضم أكثر من مائة حزب سياسي في إشارة لحكومات العالم المتقدم والتي لا تتعدى الثلاثة أو خمسة أحزاب. وقال مادبو إن بعض المواقع كانت تحتاج لأهل الخبرة والكفاءة والتكنوقراط مع وجود برنامج مفصل بصورة أكبر يشكل مناحي عمل الحكومة وفق القضايا الأساسية التي يجب أن تكون في قائمة الأولويات والمهام, لكنه قال إن الأمل معقود في إقرار دستور دائم للبلاد في فترة السنوات الثلاث القادمة, منادياً بضرورة إطلاق الحريات العامة وإقامة انتخابات حرةً ونزيهةً وصولاً في ذلك للديمقراطية الكاملة, وأبان أن الحزبية في العالم مازالت هي الأنموذج الأمثل للديمقراطية والحكم, وقال عندما تكون هناك ديمقراطية تأتي عمليات المتابعة والمحاصرة للأخطاء بالإضافة لوجود البرنامج السياسي والاقتصادي والإداري الذي يمكن السلطة من الأخذ به والانطلاق. كذلك انتقد بشدة تقديم بعض رؤساء الاحزاب لأنفسهم في المناصب الوزارية، واصفاً ذلك بالطريقة غير الديمقراطية. وحول مستقبل التيار العام بحزبه وخياراته بعد عدم التوصل إلى شيء ايجابي في جهود لم الشمل قال مادبو إن لجنة لم الشمل وصلت إلى طريق مسدود في هذا الصدد، إضافةً للاشارات غير الايجابية والأقوال التي صدرت عن رئيس الحزب الصادق المهدي في هذا المنحى.. كاشفاً عن أن التيار العام سيجري اتصالاته بالقواعد في المركز والولايات والخارج، وذلك للوصول إلى رؤية حول المستقبل والتي من بينها قد يكون هناك اتجاه لتكوين حزب جديد, وعدد من الأسئلة كانت حاضرةً في هذا الحوار الذي أجريناه معه والذي بدأناه بالسؤال: * الحكومة الجديدة ما لها وما عليها ماذا تقول؟ الناس كانوا يتوقعون أن يكون هناك شيء جديداً في التكوين الحكومي، وذلك من حيث العددية التي كان يجب ألا تكون بهذه الصورة الكبيرة, إضافةً إلى أن المسألة كانت تحتاج لأهل الكفاءة والخبرات والتكنوقراط, وكذلك لا بد من وجود برنامج مفصل بصورةٍ أكبر والذي يشكل مناحي عمل الحكومة، فهناك قضايا أساسية يجب أن تكون في قائمة الأولويات والمهام، فلا يوجد تركيز على القضايا الجوهرية، وغالبية من شاركوا في هذه الحكومة لا أعرفهم، ولا توجد حكومة في العالم تضم أكثر من أربعة أو خمسة أحزاب ناهيك عن أكثر من مائة حزب, فأية حكومة بمثل هذا التكوين لا يمكن أن تتخذ القرار ليكون القرار النهائي بيد حزب الأغلبية وهو المؤتمر الوطني, ومع ذلك فالأمل معقود على إقرار دستور دائم للبلاد في فترةِ السنوات الثلاث القادمة، وكذلك من الضروري إطلاق الحريات العامة وإقامة انتخابات حرةٍ ونزيهةٍ وصولاً في ذلك للديمقراطية الكاملة. * هل الحزبية بمفهومها العريض تصلح لأن تكون أنموذجاً أمثل لحكم السودان وللديمقراطية فيه بالمقارنة مع الديمقراطية الموجهة؟ الحزبية في كل العالم هي الأنموذج الأمثل للديمقراطية خاصةً العالم الغربي والذي هو أساس الديمقراطيات, وصحيح في بعض بلاد أوروبا الشرقية قد تكون المسألة هنا أخف ومختلفة نوعاً ما.. غير أنه في البلاد الأساسية مثل أوروبا الغربية وبعض المناطق الإفريقية نرى أن الديمقراطية هي الأساس, والديمقراطية تكمن أهميتها في الاستماع إلى آراءِ الناس، فهي تقتضي ألا يتم فرض أناس بعينهم على أناس آخرين، وهنا تبرز أهمية الديمقراطية, فعندما تكون هناك ديمقراطية تكون هناك متابعة ومحاصرة للأخطاء بالإضافة لوجود البرنامج السياسي والاقتصادي والإداري بما يمكن السلطة من أخذ جزء من هذا البرنامج للسير به للأمام. * من الملاحظ أن رؤساء الأحزاب ساروا في نفس السلوك الذي هزم الديمقراطية الثالثة، وذلك عندما قدم البعض منهم أنفسهم لأكثر من مرة في المنصب الوزاري دون اتاحة الفرصة لغيرهم ممن هم في حزبهم، وكذلك بعض رؤساء الأحزاب الكبار اختاروا مرشحيهم المشاركين في حكومة الوفاق عن طريق شخصي وغير مؤسسي، ومن هذه الأحزاب من لم يعقد أي مؤتمر عام له أصلاً.. فهل تتفق مع هذا القول؟ نعم أتفق مع هذا القول، لأنه من الملاحظ أن كل رئيس حزب نراه قد قدم نفسه للمواقع الوزارية، وهذه ليست طريقة ديمقراطية, ورؤساء الأحزاب لو كانوا جادين كانوا قد جلسوا واختاروا عن طريق ديمقراطي أهل الخبرة والكفاءة دون تقديم أنفسهم، بما يعني أن التفكير في المصالح فقط, فعدم التجديد في الشخوص والاستئثار بالمناصب هو أسلوب غير ديمقراطي. * طالما تحدثنا عن الديمقراطية والممارسة السياسية فأين يقع التيار العام داخل حزب الأمة وكيف يجد نفسه الآن؟ في الإجابة عن هذا السؤال نقول وبكل أسف إن لجنة لم الشمل التي كونها الصادق المهدي هي قد وصلت إلى طريق مسدود, فنحن قد تقدمنا بخطاب مكتوب وطلبنا الرد فلم يصلنا أي رد هنا, ولذلك فإن الاتجاه العام والغالب هو أن يقوم التيار بالاتصال بالقواعد في المركز والولايات والخارج، وذلك للوصول إلى رؤية حول المستقبل، وقد يتجه الناس إلى تكوين حزب جديد يستقطب الشباب والقطاعات كافة المهتمة بهذا الشأن. * إذن معنى هذا القول أنه انقطع الأمل في التفاهمات واللقاء بين التيار العام وحزب الأمة الصادق المهدي، بل وانغلق حتى الباب الذي كان موارباً أليس كذلك؟ نعم الطريق انقطع هنا، وسنفكر عبر الاتصالات في عدد من الخيارات من بينها قيام حزب جديد, وفي ما يختص بإنشاء حزب جديد أو كيان يكون جزءاً من حزب الأمة فهذا الأمر سيخضع للدراسة والتشاور. وكما ذكرت لك فقد صار الأمل ضعيفاً في لجنة لم الشمل التي كونها الصادق المهدي في هذا الصدد، بل أن ما وصلنا وما سمعناه من حديث للصادق المهدي في هذا الجانب غير مشجع، فهو يقول إن مؤسساتنا هذه ليست لها قيمة وليس لها سند شعبي وإنها ليست جادة. * الصراع القانوني بين الصادق المهدي ومبارك الفاضل حول اسم الحزب.. إلى أي مدى تنظر لذلك الخلاف؟ بالطبع هناك خطأ، وكان لا بد لمجلس الأحزاب أن يتخذ القرار في هذا المنحى. والصادق الهادي هنا أراه قد سار في الخط الصحيح من حيث تقديم الشكوى لمجلس الأحزاب كجهةٍ معنيةٍ باتخاذ القرار, ولا أعتقد أن هذه قضية أو مشكلة كبيرة، فيحق لأي شخص تغيير اسم الحزب. * مبارك الفاضل كان في مجموعة التغيير وأنتم تمثلون التيار العام، وبالتالي كان همكم واحداً.. فلماذا خرج عن ذلك منفرداً بمجموعته؟ حقيقة لقد قلنا له لا نرى هناك دواعي لعقد مؤتمر في ظل وجود لجنة لم الشمل، وهو يعتقد أن الصادق المهدي لن يحقق شيئاً في هذا الاتجاه (لم الشمل)، ولذلك ذهب إلى ما ذهب إليه. * كيف هي علاقاتكم مع القوى السياسية المعارضة كالتحالف المعارض على سبيل المثال؟ هذا يرتبط بتحديد مساراتنا المستقبلية، فبعد أن نصل إلى تنظيم قائم بذاته سنقيم علاقاتنا السياسية هنا بالصورة التي نراها سواء كانت مع الأحزاب الحاكمة أو المعارضة أو حملة السلاح. * ما هي نظرتك للمائة حزب وأكثر خاصة من شاركوا؟ هذه الأحزاب ليس لها سند جماهيري، بل تعتمد على علاقتها مع الحكومة للحصول على المواقع التنفيذية أو السياسية، ولا أحد من هذه الأحزاب يملك القناعة بأنه لو شارك في انتخابات جادة وصادقة يمكنه أن يحقق شيئاً. * هل ترى أن الحركة الإسلامية بعيدة عن السلطة الآن؟ أنا أعتقد أن الحركة الإسلامية قد سقطت في امتحان السلطة، وأعتقد أيضاً أن أي إدعاء بأنها بعيدة عن السلطة إدعاء غير صحيح. * كيف تقرأ شخصية د. علي الحاج في هذه المرحلة؟ أنا أعتقد أن د. علي الحاج واضح الشخصية، وذلك من خلال أقواله وتصريحاته، فهو يريد للفترة المقبلة أن تكون فيها حريات سياسية أكبر وديمقراطية حتى يكون هناك أمل للأحزاب للدخول في الانتخابات, وعلي الحاج من خيرة القيادات السياسية الموجودة في الساحة الآن، وهو الآن أحد مشاعل الإصلاح السياسي المطلوب. * هل الثقل السياسي والجماهيري الآن عند الأحزاب المعارضة والممانعة أم عند الأحزاب المشاركة؟ من المؤكد ان الثقل السياسي والجماهيري مازال عند الأحزاب المعارضة والممانعة، فهناك قوى سياسية كبيرة موجودة خارج هذه المشاركة, وكما قلت لك أن الأمل الوحيد يبقى في اتاحة الحريات العامة للأحزاب في المرحلة المقبلة، حتى تمارس الأحزاب نشاطاتها وتتهيأ للانتخابات، فالتحول الديمقراطي له مطلوبات لا بد من السير فيها.