الخرطوم:محمد صديق أحمد: لم تعد الحركة المسرحية بالبلاد كسابق العهد بها إذ تراجعت خطاها لجملة أسباب ليس عصيا على أي متابع الوقوف عليها والتي على رأسها ارتفاع تكلفة الإنتاج المسرحي والدرامي الكبير بجانب تدهور الحالة الاقتصادية للسواد الأعظم من الشعب السوداني بالإضافة إلى الانفتاح والغزو الفضائي واتساع رقعة البدائل التي تصل على الفرد وهو مسترخ على قفاه في عقر داره،وغير ذلك من الأسباب الموضوعية وربما نفس الأسباب مهدت الطريق إلى بزوغ فجر الفرق الفكاهية التي اتخذت النكتة عموداً فقرياً ووجدت مسرحا خاليا فتمكنت وزاع صيتها حتى يخيل للناس ألا وجود للكوميديا،الأمر الذي يفرض سؤالا عن أثرها في حركة المسرح والدراما بالبلاد ومعرفة ما لها وما عليها بحسب رؤية أهل الدراما .. تيار فرض نفسه لفترة يقول المخرج أبوبكر الشيخ إن الفرق الكوميدية تيار فرض نفسه لفترة والناس الآن في حاجة ماسة للبديل وهي لا تعدو عن كونها ظاهرة يمتد أثرها لأجل محتوم ومن ثم تبدأ رحلة الخفوت وهذا عين ما حدث ويحدث للفرق الكوميدية بالبلاد. وأمن الشيخ على أن بالفرق خامات متميزة تحمل مواهب جمة وأضاف أن نجوماً كباراً شهدت لهم الساحة الدرامية بالبلاد لمسات واضحة أمثال عبد الحكيم الطاهر والفاضل سعيد قد بدأوا بالفرق الكوميدية غير أنهم لم يتوقفوا عند محطتها كثيرا وغادروها إلى الأعمال الدرامية الكبيرة ولم يتخذوا النكتة احترافا. ويرى الشيخ أن يكون الظهور بالفرق مرحلة انتقالية تنطلق بعدها الموهبة إلى آفاق أرحب وأبان أن الفرق خصمت من المسرح لجهة اختصاره في نكتة في وقت أن المسرحية يمكن أن تحل 50 مشكلة أو أكثر في عرضها رغم مقدرة الفرق على الترفيه على الجمهور ليست خصماً على الدراما والمسرح لسنا خصما على الدراما والمسرح بهذا النفي الواضح ابتدر عضو فرقة تيراب الكوميدية أسامة جنكيز إفاداته ودفاعه عن الفرق الفكاهية واستدل بأن كثيراً من أعمال الفرق استعان به المسرحيون والدراميون مما يشي بأن الفرق لها أثرها في المسرح وحركة الدراما غير أن ثمة ما يعيق تقدم الفرق مثل قلة الصرف وضعف المعينات المالية واللوجستية ومع ذلك تتطلع لتطوير نفسها عبر الورش، ولم يبريء جنكيز الفرق من الوقوع في دائرة تكرار الأعمال لاسيما النكات وأوضح أنه لا تثريب على الفرق في تبادل النكات لجهة عدم حصرية النكتة وافتقارها إلى حقوق الملكية الفكرية وأرسل جنكيز صوت لوم للإعلام الفني وأبان كأنما هناك أياد تعمل على حجب الفرق الكوميدية الفكاهية عن الإعلام . منهج سوداني بحت أما المسرحي مختار بخيت وصف انتشار الفنون بالسودان بالضئيل لا يشكل أي مشروع لرفد ساحتها بأي ضرب من أنماط الفنون إضافة حقيقية للحركة الفنية وأشار إلى أن مشروع الفرق الفكاهية ليس حديثا على الحركة الفنية بالبلاد بل بدأ من بلبل ومرورا بالفاضل سعيد وأبوقبورة وانتهاء بالفرق الحالية التي عادت بعد العام 1989 في شكل حديث ومتطور بدأته فرقة الجو الرطب بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وحلمنتيش بجامعة الخرطوم من شباب مثقفين في قالب أشبه بتجربة بلبل، ومن ثم انتشرت الفرق ووصلت إلى الشارع والبيوت والمنتديات والأيام المفتوحة وقد أحبها الناس كثيرا مما يدلل على نجاح تجربتها. وأضاف بخيت أن الفرق منهج سوداني بحت يحتاج للتدريب والمنهجية والتطوير ورسم استراتيجية وقال إنه بحكم تفرغه للفنون الدرامية يرى أن الفرق الكوميدية شكلت إضافة للحركة الفنية بالبلاد غير أنه ينقصها التدريب وعقد الورش حتى تتمكن من مزج أعمالها بالدراما و الخروج من دائرة تكرار الأعمال . صعوبة التجديد والإنتاج وأرجع عضو فرقة تيراب محمد موسى ظهور الفرق الفكاهية إلى الحراك الاجتماعي العالمي وسرعة إيقاع الحياة وأنها امتداد لتطور الكوميديا وأنها تقدم كوميديا ودراما في قالب مختصر سريع سهل الهضم للجمهور في شكل كوكتيل يضم كل أنماط الكوميديا وعزا تكرار تناول الأعمال بين الفرق لصعوبة الإنتاج والتجديد في الأعمال الكوميديا لانتهائها بسرعة بسبب أن الكوميديا تخاطب العقل والفنون الأخرى تخاطب الوجدان كما الغناء، وأن الشخص يكون له استعداد لسماع النكتة لمرة واحدة ولا يقوى ولا يكون استعداداً لسماعها عدة مرات ووصف النكتة بحلاوة قطن وأن الفرق تبحث عن الأفضل. جمهورها مختلف تقول الدرامية إخلاص نور الدين إن للفرق الفكاهية جمهورها المختلف عن المرتبط بالدراما المسرحية وأن أبطال الفرق نجوم يمكن أن يشكلوا إضافة للحركة المسرحية، وقد أحسست هذه القدرة في مشاركة بعض أفرادها في مسرحية (داير شنو) وكثير منهم يمثلون نجوم شباك لجهة أن الجمهور لقناعاته الخاصة يقدم على المسرح لمجرد معرفته أن نجمه المحبب مشارك في العمل وتواصل إخلاص أن الفرق شكلت إضافة للمسرح وزادت أن النمطية نوع من الفنون يصعب الحفاظ عليه وأن الفن وليد بيئته وتساءلت عن غياب المسرح المنتعش .