من أبلغ الطرائف التي سمعتها وهي واحدة من بدائع ثورة ديسمبر الظافرة الكثيرة.. أن قاضيا بإحدى الولايات جيء اليه بمتهم على خلفية خروجه في الشارع وهو يهتف منفعلاً ..فسأل القاضي ممثل الإتهام وهو طبعاً رجل الأمن الذي قبض على ذلك المتظاهر عن الهتاف الذي كان يردده الرجل..فرد الأمنجي بالقول .. لقدكان يهتف سلمية سلمية ضد الحرامية..فباغته القاضي الذكي بسؤاله عن من هم الحرامية الذين عناهم المتهم إن كان يعرفهم بالإسم ..فأسقط في يد صاحبنا الذي أفحمه ذلك السؤال الملغوم ولاذ بالصمت الرهيب الذي قطعه صوت القاضي النبيه وهو يعلن إخلاء سبيل المتظاهر بريئاً من كل تهمة ! الان الشارع كله يهتف بذلك الشعار وهويعرف من هم الحرامية وأين يكمن المسروق والرئيس البشير يعلن حالة الطواري التي قال أنها ليست مصوبة السهام نحو قلب الحريات والتعبير عن الرأي وإنما لمحاربة الفساد وضبط السوق ..وجاء بالعسكر الذين تعلمنا منذ لعبنا في الساحات أيام الصغر أنهم دائماً يطاردون الحرامية ولوكانوا قد سرقوا من البيت سفنجة أوملاية ..وحرامية الإنقاذ فيهم من سرق ولاية بحالها على رأي شاعرنا الراحل محجوب شريف طيب الله ثراه .. فهل سنرى سيف الطواري يمر على رقاب المفسدين والحرامية والقتلة وهم سجودا فوق النطع الذي قال الرئيس أنه سيفرشه في قارعة القصاص وسيكون واقفاً على مسافة واحدة ما بين السارق و المسروق حقه والظالم والمظلوم والقاتل والمقتول..أم أن مهمة العسكر المكلفين بتقييد المدانين ستكون مسخرة بانتباه حصري في دفع مركب الريس الواحلة المجاديف في طين سنوات تمكين الحرامية الذين سيتقافزون من تلك المركب سباحة كالتماسيح المهمومة بالوصول الى رمال الضفة التي دفنوا فيها تلك المسروقات ! فلانسبية في تطبيق العدالة التي ستظل نصوصاً جامدة بلا حراك إن لم تُرى مطبقة على منصة المساواة دون محاباة متنفذٍ كبير على حساب محكومٍ فقير ..والحرية هي مبدأ يتنافى مع سياسة التنكيل بصوت الحق الناقم من حنجرة المواطن المخنوق وإن إختلف مع رغبة الحاكم القابض على خناق الوطن بقانون القبضة لا بقبضة القانون ..! فالتوبة عند الإحتضار فيها قولان ..الإستغفار الصادق مرضاة لوجه الله وهو الغفور الرحيم ..أو تكون خوفاً من الموت في حدٍ ذاته الذي يستبين في فرفرة الجزع من سوء المنقلب وعاقبة الحساب ! ومن لم يحسن إدارة الأمور في زمن الراحة والإسترخاء على كرسي القيادة ..فلن يستطيع العبور بقاطرة الوطن وهومشتت الفكر متوتر الأعصاب كفيف البصيرة وقصير البصر ويسير مرعوباً في وعورة الدرب المتقطع والمتعرج بلا بوصلة يهتدي بها الى الهدف و ركاب عربات الراحلة يمورون فيها وهي تتمايل تارة نحو اليسار وأخرى ناحية اليمين ..فكيف الوصول ومؤشر الوقود ينحدر الى قاع الخزان الذي أفرغه حرامية الشفط الممنهج ..بينما أذهان العسكر جل مهامها أن تعين السائق في عثرة طريقه أو مساعدته في القفز قبل إنقلاب كابينة القاطرة رأساً على عقب بعد أن تنفصل عن بقية الركب الذي سيتولى قيادته الركاب بأنفسهم عودة به الى محطة تقرير مصير وجهتهم بحرية تامة وبلا إختطافٍ قسري من عسكر أو إستلابٍ بتمكينٍ في غلس الزمان من حرامية صار دأبهم عدم الإختشاء فهل حان موعد خوفهم وأزف الفرار ..!