مثل غيرها من وزراء حكومة عبد الله حمدوك التي أعلنها لإدارة للفترة الانتقالية، تعرضت أسماء محمد عبد الله وزيرة الخارجية لحملة إسفيرية، عقب إطلالتها في برنامج "بلا قيود" الذي كانت قد بثته قناة "بي بي سي" العربية الأسبوع الماضي، وقتها لم يشفع تاريخ المرأة وإرثها الدبلوماسي وسنوات عملها في عدد من المواقع الخارجية الذي بموجبه اختارتها قوى إعلان الحرية والتغيير لشغل المنصب، من سياط نقد المدونين في منصات التواصل الاجتماعي للدرجة التي طالبوا فيها رئيس مجلس وزراء الحكومة الانتقالية بإقالتها من المنصب فوراً. حسناً؛ ما أن انتهت الحلقة التلفزيونية، حتى انطلقت الحملة التي تعود أسبابها لردود الوزيرة التي اعتبرها الكثير من النشطاء غير موفقة، ما دفع مدونين إلى المطالبة بإقالتها من المنصب فوراً، واستبدالها بشخص آخر من أصحاب الكفاءات والخبرة لاسيما في العمل الدبلوماسي، وتعتبر الدبلوماسية أسماء محمد عبد الله، اول امرأة سودانية تتقلد هذا المنصب الرفيع وزيرة خارجية ولم يشفع لها تاريخها الطويل ولا خبرتها التي زجت بها بعد توقف لسنوات عن العمل الدبلوماسي إلى وزارة خارجية الدولة المدنية. النشطاء والمدونون في مواقع التواصل الاجتماعي ودون بقية وزاراء الحكومة الانتقالية، وصفوا أسماء بالضعيفة لاسيما بعد أول ظهور إعلامي حواري لها، فيما ذهب آخرون إلى القول: "هي لا تفقه شيئا في السياسة الخارجية"، وإن اجاباتها على بعض الأسئلة في الحوار كانت غير موفقة وأضافوا: "كأنها تقرأ بيانات رسمية"، حيث ظهرت الوزيرة تحمل حزمة من الأوراق بيدها وتطلع عليها بين الفينة والأخرى أثناء الحوار. إلا أن من بين المدونين هناك من استهجنوا الحملة الشرسة ضد وزيرة الخارجية على منصات التواصل الاجتماعي، واستنكروا الاستخفاف بمقدراتها في إدارة ملفات الخارجية وظهورها في الحوار، وذهب بعضهم إلى وصفها بأنها إمرأة مؤهلة بما يكفي لدرجة أهلتها في السابق لتولي عدد من المناصب الرفيعة من بينها سفيرة السودان في النرويج سابقاً، فضلاً عن عملها في عدد من البعثات الدبلوماسية في الخارج من بينها الرباط وستكهولم، وكانت الوزيرة أسماء قد شغلت منصب نائب مدير دائرة الأميركيتين في وزارة الخارجية، خلال سنوات عملها في وزارة الخارجية قبل أن تتم إحالتها للتقاعد في عهد نظام المعزول عمر البشير في تسعينيات القرن الماضي. حملة المطالبة بإقالة الوزيرة التي مسرحها مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة ثورة إسفيرية، لكن في المقابل رغم قسوتها على المرأة السبعينية إلا أنها لا تخلو من رقابة ومخاوف معلنة ومبطنة من كيفية إدارة ملفات البلاد الخارجية.. فهل سيكون حوارها في برنامج بلا قيود الأخير؟ فيما خرجت بعض الصحف والمواقع الإلكترونية لتؤكد على أن الوزيرة ما تزال تباشر مهامها الوزارية وأن الحديث عن استقالتها عار من الصحة وهو ذات الحديث الذي تم تصميمه وتداوله في الوسائط الاجتماعية ونسبه لإحدى القنوات الإخبارية والتي بررت بحسب الخبر المنسوب له وهو غير حقيقي استقالة الوزيرة بأنها جاءت استجابة للضغوط الممارس عليها من قبل حراك وسائط التواصل الاجتماعي وهي التي لعبت دوراً محورياً في إنجاز الثورة نفسها. حسناً.. من المؤمل أن تحزم السيدة حقائب سفرها الدبلوماسية نحو العاصمة المصرية القاهرة قبل أن تعود لتغادر مع الوفد السوداني إلى نيويورك من أجل المشاركة في مداولات الأممالمتحدة بعد سنوات من الغياب. في سياق الموقف والموقف المضاد (الرفض والدعم) تكتب الصحفية السودانية والناشطة في قضايا النوع أمل هباني ما يصنف في سياق الاعتذار: "كتبت بوست عن أداء وزيرة الخارجية السيئ والمحبط في اللقاء التلفزيوني والحقيقة أنني شاهدت فيديو أمس (يبدو أنه تم مونتاجه أو ربما الاستعانة بفيديوهات خلف كواليس البرنامج أثناء تصويره) يظهر الوزيرة وهي ترجع لتقرأ من الورقة للإجابة على الأسئلة مما أحزنني وأغضبني من ظهورها المحبط وهي تبدو مشتتة الذهن غير ملمة أو مدركة لخطورة المرحلة.. وعندما شاهدت الحلقة في اليوتيوب بعد كتابة البوست للأسف ادركت أن الفيديو الذي انتقدته لا يمثل الظهور الحقيقي في البرنامج الذي بدت فيه السيدة الوزيرة مرتبة ومهنية في ردودها وحتى استخدامها للورقة لم يكن خصما على حضورها الرصين ولا مزعجا للمشاهد عليه أعتذر بشدة عن البوست السلبي في حق السيدة الوزيرة التي يبدو جليا أن هناك عملا منظما يستهدف إظهارها في صورة غير الجديرة بهذا المنصب وإقالتها منه وأؤكد دعمي اللامحدود لوجودها التاريخي في هذا المنصب كثمرة لنضال المرأة السودانية لقرن من الزمان" وتختمه: "وزيرة الخارجية تمثلني". في وقت يظل فيه السؤال الجدير بالنقاش هو: هل تمثل السيدة الثورة التي صعدت بها إلى صدارة المشهد؟