أعظم ما أودى بالبشير و عصابته ليس النهب و لا القتل وحدهما، و لكن كان أخصّ و أنكى رذائلهم (الكذب).. كان الترابي يكذب، و كان البشير يتنفَّسُ كذباً ، و كانت بطانتهما تقتات على الكذب ، حتَّى خرج من "معطفهم" من يجعلُ الكذب جهاداً في سبيل الله و يزعُمُ أنّه ينصُرُ دين الله بالكذب!!.. لهذا ، كانت أُولى و أعجل مطلوبات الثُّوّار من حكومتهم ، و قبل كلِّ شيءٍ آخر ، الصدق و الشّفافيَّة ، ثُمّ كان – للأسف – أوَّل خذلان للثُّوَّار من هذه الحُكومة التي سُفِكت دماء أبنائنا مهراً لها ، هو انعدام الشَّفافيّة ، بل الكذب. و لئن كان الكذب من صفات البشير التي عرفه بها القاصي و الدَّاني ، حتَّى سمَّاهُ بعض أقرب زملائه ، يوماً ، "عُمَر الكضَّاب" فقد كانت معظم أكاذيبه ممَّا لا يتسنَّى كشفُهُ في وقته ، بل ربما احتاج انكشافه إلى سنين طوال.. و لكن كذب بعض من جاءُوا بعدهُ هُو كذبٌ ينساهُ صاحبُه قبل أن تشرق شمس اليوم التالي ، فيكشفهُ دون أن يدري.. إنَّ الكذّاب ، حتَّى لو لم يكُن يتولَّى شأناً عامَّاً، هو شخصٌ لا يستحقُّ الاحترام و لا الثِّقة ، و أعجبُ لمن يتولَّى شأناً من شؤون الأمّة ، ثُمّ لا يخشى انفضاح أمره إذا هو كذب عليها، بل تنفضحُ أكاذيبُه و يواصل "تولِّي مسؤولياته" كأن لم يحدثْ شيء!!.. و لكي نطالع بعض (دورات) الكذب المفضُوح ، من بعض أقطاب حكومتنا الراهنة ، لا نحتاجُ إلى ما هُو أكثر من مطالعة بعض "الأخبار" التي دفعُوا بها إلى الصحف و وكالات الأنباء، في تواريخ سابقة ، سأوردُ فقط ثلاثة أخبار مختلفة التواريخ ، مع بعض التعليق أو التساؤلات: الأحد 22/12/2019م أعلنت السلطات العدلية في السودان، الأحد، عن بدء إجراءات قانونية للقبض على مدير جهاز مخابرات نظام الإخوان البائد، الهارب صلاح عبدالله "قوش" عن طريق الشرطة الدولية "الإنتربول"، لمحاكمته عن جرائم ارتكبها. وكشف النائب العام السوداني تاج السر الحبر، في مؤتمر صحفي الأحد، عن تدوين 4 بلاغات جنائية في مواجهة صلاح قوش، مشيرا إلى أنهم شرعوا في إجراءات لإعادته بالشرطة الدولية "الإنتربول" لمحاكمته بالداخل. 2/2/2020م جددت النيابة العامة لجمهورية السودان، مخاطبة الشرطة الدولية «الإنتربول»، لاستعجالها بشأن استرداد مدير جهاز الأمن والمخابرات الأسبق، صلاح عبد الله (قوش)، من مصر، حسبما ذكرت صحيفة "التيار". ونقلت الصحيفة أن نيابة الثراء الحرام جددت مخاطبة «الإنتربول» للإسراع في تسليم قوش الذي تم تحديد موقع إقامته بجمهورية مصر العربية. وحركت النيابة العامة في ديسمبر 2019، إجراءات دولية للقبض على مدير المخابرات السابق، صلاح قوش، وتدوين 4 بلاغات في مواجهته. الخميس 20/2/2020م كشفت تقارير صحفية سودانية، مساء اليوم الخميس 20 فبراير/شباط، عن إصدار الإنتربول نشرة للقبض على صلاح عبد الله "قوش"، المدير السابق لجهاز الأمن والاستخبارات السوداني. وقالت صحيفة "السوداني" من مصادر مطلعة لها إن الإنتربول ، أصدر "نشرة حمراء" على دول العالم للقبض على قوش. وأوضحت الصحيفة السودانية أن تلك الخطوة، جاءت بعدما خاطبت النيابة العامة "الإنتربول" بالقبض على قوش، والتحقيق معه في بلاغات مدون ضده بشأن مخالفات مالية وفساد مشبوه. الأخبار الثلاثة الواردة أعلاه ، ما بين ديسمبر من العام الماضي و فبراير من العام الحالي، لم يلحق بها أي خبر يقول إنّ ردَّاً من (الإنتربول) أو تعليقاً أو رفضاً ، أو "استفساراً" قد ورد إلى الحكومة ، و بالطبع لم تقم الشرطة الدولية بالقبض على "المتّهم" (هذا إذا كان قد تمَّ بالفعل مخاطبة الانتربول حسب ما ورد في الأخبار أعلاه) ، و لم تعلِّق الحكومة على تأخُّر توقيف المتهم ، المعروف مكان إقامته ، و لم تتَّهم الشرطة الدوليَّة "بالتواطؤ" مع صلاح قوش .. إلى هُنا ، تبدُو "الكارثة" محتملة رغم "الحيثيات" المريبة .. و لكن الذي لا يُمكنُ احتمالُه ، بعد كُلِّ الوارد أعلاه ، هو الخبر التالي ، الذي طالعتنا به الزميلة آخر لحظة ، الأربعاء البارح، في عنوانها الأبرز "المينشيت" : الأربعاء 28/10/2020 صحيفة آخر لحظة : البرهان يلتقي صلاح قوش بالقاهرة . ألم يكُن جديراً بالسيد النائب العام أن يصحب السيد رئيس مجلس السيادة إلى القاهرة ، حتّى يتمكّن " على هامش اللقاء" من إلقاء القبض على المتهم الهارب صلاح قوش؟؟ مجرد سؤال أخرق. (المواكب – الأحد)