وصل الخرطوم، اليوم الأربعاء، وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشن، في زيارةٍ تستغرق يوما واحدًا، يرافقه فيها وفد يضم قادة عسكريين. ورأى عدد من الخبراء أن الزيارة تمثل تدشينا لعهد جديد مع واشنطن، ومن المتوقع أن تشهد نقاشات حول ملفات عسكرية تشمل القاعدة الروسية، إلى جانب بحث نقل قيادة (أفريكوم) للسودان. ويرى المحلل السياسي حاج حمد أن أهمية زيارة وزير الخزانة الأمريكي تكمن في كونه شخصية مفصلية في السياسة السابقة التي كانت موجهة للسودان: «هو شخص مفصلي في السياسة الموجهة للسودان ليس في شخصه، ولكن في منصبه أيضاً، حيث كانت الخزانة الأمريكية تضطلع بكل أعمال مراقبة الأموال التي تدخل وتخرج من السودان وتفرض العقوبات على الشركات التي تتعمل مع الخرطوم خلال سنوات الحظر، بالإضافة لهذا يوجد ملف مهم سيكون حاضرا بقوة وهو مصير الأموال السودانية التي كانت تحجز عليها الخزانة في المصارف الأمريكية والتي تخص شركات ومؤسسات اقتصادية سودانية مهمة وتقدر بملايين الدولارات». وتابع «هناك أيضا ملف الأموال التي قررت الولاياتالمتحدة تقديمها للسودان في شكل مساعدات والتي تصل إلى مليار دولار هذه المنحة ستكون حاضرة بقوة في المحادثات حيث يتوقع أن يناقش الجانبين كيفية الاستفادة من هذه المنحة والشروط الخاصة بصرفها». وزاد «وجود مدير هيئة المعونة الأمريكية أيضا سيضيف زخم كبير نسبة لأن الولاياتالمتحدة كانت من أكبر المانحين للسودان في بند المساعدات الإنسانية. الآن بعد تغير الحال ورفع العقوبات سيستفيد السودان بالضرورة من برامج المعونة الأمريكية لبرامج التنمية خاصة قطاع المواصلات من سكك حديدية ومواصلات عامة وغيرها من جوانب التنمية سريعة الأثر». وأضاف «سيكون ملف إعفاء ديون السودان لدى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حاضرا في المحادثات حيث أعلنت واشنطن عن تقديمها لمبلغ مليار دولار لمقابلة تكاليف إعفاء ديون السودان للصناديق العالمي». وسبق لوزيرة المالية المكلفة هبة محمد، أن كشفت الشهر الماضي عن تعهد الولاياتالمتحدة بتقديم دعم يشمل القمح وسلعا أساسية أخرى على مدار أربع سنوات، وأضافت قائلة في بيان «التزمت الحكومة الأمريكية بتوفير مساعدات نقدية تفوق المليار دولار كبداية والتي ستفتح الباب أمام أكثر من 1.5 مليار دولار سنويا كمساعدات إضافية من المؤسسة الدولية للتنمية للسودان ولإتمام مشوار إخفاء الديون بالإضافة لدعم عيني يتضمن توفير كمية مقدرة من القمح والمواد الأخرى لمدة أربع سنوات». أهمية الزيارة وقال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء أمين إسماعيل ل«القدس العربي» إن «الزيارة تكتسب أهميتها من كونها تأتي بعد إكمال ملف رفع اسم السودان من لائحة الارهاب وإعطائه الحصانة السيادية». وتوقع أن «تناقش الزيارة القضايا الاقتصادية والشفافية المالية والتأكيد على عدم تمويل الإرهاب إلى جانب التواجد العسكري السوداني في اليمن وليبيا وبحث الدور السوداني في هذه المناطق». وتابع «التعاون العسكري سيكون حاضرا بقوة في هذه الزيارة عبر مدخل التدريب والتمارين المشتركة على غرار مناورات النجم الساطع التي تقيمها القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة إلى جانب احتمال النظر في قدرة السودان وجاهزيته للمشاركة في عمليات حفظ السلام ومكافحة الإرهاب في أفريقيا بشكل عام والقرن الأفريقي بشكل خاص». الوجود الروسي ووفق قوله «أبرز الملفات التي يتوقع أن تكون حاضرة بقوة في المحادثات والتي يمكن أن يظهر أثرها لاحقا تتمثل في الوجود الروسي في البحر الأحمر». وأوضح « القاعدة الروسية التي يزمع انشائها على ساحل البحر الأحمر ستكون حاضرة بقوة في المحادثات، حيث تريد الولاياتالمتحدة إغلاق هذا الملف بشكل نهائي وستقدم بدلا أن ذلك وفق توقعاتي بحث إمكانية نقل القيادة المركزية للجيش الأمريكي (إفريكوم) إلى السودان لما له من موقع استراتيجي مهم يطل على البحر الأحمر ويتوسط القارة الأفريقية وهو حلم قديم للبنتاغون بنقل قيادة (إفريكوم) من جيبوتي إلى للسودان لتكون قيادة القوات البحرية على الساحل السوداني بجانب قاعدة برية في إقليم دارفور تكون مشرفة على منطقة غرب أفريقيا حيث تنشط العديد من المجموعات التي تسبب قلق للولايات المتحدة». وتابع «هناك قانون دعم الانتقال الديمقراطي في السودان الذي أقره الكونغرس والذي يضم عددا من البنود الاقتصادية المتعلقة بأيلولة شركات القوات النظامية لوزارة المالية بالإضافة لدعم قيادة المدنيين للحكومة الانتقالية الحالية وسيكون هذا الملف حاضرا بقوة من الجانب السوداني خاصة العسكريين منهم». وزاد « من الواضح أن السودان سيعود بقوة إلى صدارة شركاء الولاياتالمتحدة وهو الأمر الذي كان ماثلا في الثمانينات قبيل إعلان الرئيس الراحل جعفر نميري للقوانين الشريعة الإسلامية ومن ثم عهد نظام البشير الذي تدهورت فيه العلاقة وصولا لإعلان عقوبات وحصار السودان، لكن مع المعطيات الجديدة واضح أن السودان عاد لدائرة الاهتمام وإن المدخل الأولي سيكون التمارين والتدريبات العسكرية المشتركة وتبادل الخبرات لكن مع مرور الزمن سيكون الامر أكبر من ذلك».