بخطى متسارعة تنامت العلاقات السودانية الأمريكية خلال ال6 أشهر الماضية، ومضت نحو التحسن وتعزيز التعاون بين البلدين. وها هما البلدان يبدآن تعزيز التعاون العسكري من خلال اللقاءات التي أجراها نائب قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا "أندرو يونغ" مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك في الخرطوم، قبل أيام. ووصل "يونغ" إلى الخرطوم الإثنين، في أول زيارة لمسئول عسكري أمريكي منذ إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب. في أكتوبر/ تشرين أول الماضي. وكانت الولاياتالمتحدة، تدرج منذ عام 1993، السودان على قائمة ما تعتبرها "دولا راعية للإرهاب"، لاستضافته آنذاك الزعيم الراحل لتنظيم "القاعدة"، أسامة بن لادن. أغسطس.. تطورات إيجابية بدأت واشنطن خطواتها نحو الخرطوم في 25 أغسطس/ آب الماضي، عندما زار وزير الخارجية الأمريكي آنذاك مايك بومبيو، العاصمة السودانية في مستهل جولة شملت إسرائيل وأبوظبي محطة التطبيع الإسرائيلية الأولى. وعبر أول رحلة جوية مباشرة بين إسرائيل والسودان وصل بومبيو الخرطوم والتقى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك. وأكد بومبيو حينها على دعم واشنطن للفترة الانتقالية في السودان (بدأت في أغسطس/آب 2019) و عملية التحول الديمقراطي بالبلاد. سبتمبر.. خطوة ثانية في 19 سبتمبر/أيلول، جاءت الخطوة الثانية عقب اعتماد واشنطن تعيين نور الدين مدني أول سفير للسودان بالولاياتالمتحدة منذ 23 عاما، وحينها كان السودان لا يزال مدرجا في قائمة الدول الراعية للإرهاب. في 23 من الشهر ذاته، قال رئيس مجلس السيادة السوداني، إن مباحثات أجراها مع مسؤولين أمريكيين في الإمارات، تناولت قضايا، بينها "السلام العربي مع إسرائيل". أكتوبر .. رفع العقوبات: في 10 أكتوبر/تشرين أول 2020 وقعت الحكومة السودانية اتفاقية في مجال الطاقة الكهربائية، مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 30 عاما. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قوله عقب مراسم التوقيع التي تمت في العاصمة الخرطوم، إن السودان لم يشهد تفاعلا من الشركات المهمة منذ ثلاثة عقود. وأضاف: "نرى اليوم فجرا جديدا للشراكات الفعّالة، التي من شأنها أن تساعدنا في دفع عجلة نمو الاقتصاد السوداني وتطوره". وفي 23 من الشهر ذاته، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب عن توقيعه على قرار شطب اسم السودان من اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. وجاء التوقيع عقب اتفاق ينص على دفع الخرطوم 350 مليون دولار تعويضات لعائلات ضحايا تفجير سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا في العام 1998، وتفجير المدمرة كول قبالة سواحل اليمن في العام 2000. وكذلك موافقة الحكومة الانتقالية بالسودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا أن الخرطوم تقول إن مسار رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب منفصل عن التطبيع مع إسرائيل. وعقب إعلان التطبيع، أعلنت قوى سياسية سودانية عدة، رفضها القاطع للتطبيع مع إسرائيل، من بينها أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم". في 24 من الشهر ذاته ، أعلن بومپيو أن بلاده ستقدم 81 مليون دولار من المساعدات للاستجابة للأزمة الإنسانية في السودان وآخر يوم في الشهر، أعلن السودان، توقيعه اتفاقية ثنائية مع الإدارة الأمريكية تقر منع رفع دعاوى مستقبلية ضد الخرطوم، والتأكيد على حصانتها السيادية. نوفمبر ..الطوارىء الوطنية في 2 نوفمبر/ تشرين ثان 2020، أعلنت الإدارة الأمريكية استمرار حالة الطوارئ الوطنية بشأن السودان (المعلن عنها عام 1997)، وذلك قبل يوم من انتهائها. وأكدت الخارجية الأمريكية في بيان حينها أن القرار لا ينعكس سلبا على العلاقات الثنائية الآخذة في التحسن بين البلدين. وقال بومبيو، إن القرار يتعلق "بتمديد بعض الصلاحيات المتعلقة بالسودان والتي تعتمد عليها الولاياتالمتحدة لتطبيق التزاماتنا الخاصة بالعقوبات في إطار قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على خلفية النزاع في إقليم دارفور(غربي السودان)". فيما قالت الخارجية السودانية آنذاك، إنه "لا أثر لهذا التمديد على الخطوات الجارية لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب". والعقوبات المشمولة في قرار مجلس الأمن المذكور، تلك المتعلقة بالحظر المفروض على الأسلحة للسودان وحظر السفر، وتجميد الأصول للأشخاص المتورطين في الصراع الدائر في إقليم دارفور. ويشهد إقليم دارفور، منذ 2003، نزاعًا مسلحًا بين القوات الحكومية وحركات متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأممالمتحدة. ديسمبر .. استعادة الحصانة : مطلع ديسمبر/ كانون أول 2020، وقع السودان وبرنامج المعونة الأمريكية مذكرة تفاهم لتوفير شراء 67.500 ألف طن من القمح للسودان، بقيمة 20 مليون دولار. وفي 14 من الذهر ذاته، أعلنت السفارة الأمريكية لدى الخرطوم بدء سريان قرار إلغاء تصنيف السودان "دولة راعية للإرهاب". وبعده بنحو أسبوع، صادق الكونغرس الأمريكي، على قانون إعادة الولاياتالمتحدة للحصانة السيادية للسودان. يناير .. وتعزيز التعاون : وفي 5 يناير/ كانون ثان 2021، أعلن بومبيو، توقيعه على أمر شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وبرعاية أمريكية، وقع السودان، في اليوم التالي، اتفاق التطبيع، لينضم إلى ثلاث دول عربية وقعت في 2020 اتفاقيات لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وهي الإمارات والبحرين والمغرب. وفي نفس اليوم، وقعت الخرطوم، مذكرة تفاهم مع وزارة الخزانة الأمريكية، لتوفير تسهيلات تمويلية لسداد متأخرات السودان للبنك الدولي، تتيح له الحصول على أزيد من مليار دولار سنويا، وذلك خلال زيارة وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشن للخرطوم . وفي 14من الشهر ذاته، أعلنت وزارة التجارة الأمريكية، رفع قيود عن تصدير منتجات الولاياتالمتحدة إلى السودان وأصبحت الشركات الأمريكية تستطيع التعامل دون موانع قانونية ويشمل القرار رفع حظر برمجيات وأجهزة الكمبيوتر والاتصالات. وفي 25 يناير / كانون ثان 2021، وصل نائب قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا اندرو يونغ في زيارة هي الأولى لمسئول عسكري رفيع للبلاد، منذ رفع العقوبات. الأناضول