من اقذر الادبيات في تعاطي الاحزاب السودانية مع السياسة هو فن و إجادة صناعة الواجهات، و الإلتفاف علي كل شيئ حتي العمل الاساسي الذي يتطلب المواجهة نجد لا احد يمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة الحقيقة. وضح جلياً كيف تم التآمر علي الثورة و بيع الوهم حتي في قيادة الشارع الذي توحد، و كيف إجتمعت الشعوب السودانية، و توحدت في عقل جمعي واحد كان بمثابة فرصة تاريخية لنهضة السودان لو توفرت الإرادة، و صدقت القيادة. اعتقد وضوح الفكرة في ان تدفع الاحزاب السياسية بقادتها، و كوادرها المعروفين فرضتها حالة الوعي في الشارع الذي كشف التلاعب، و التحايل مبكراً، و كيف تم إستغلال إعلان الحرية و التغيير كحاضنة سياسية، و راعي رسمي للثورة في خداع الشارع بمبدأ الكفاءة، و الحياد في تشكيل الحكومة. وجدت الاحزاب السياسية نفسها امام الامر الواقع، و إنفضح امرها لذلك كان لابد من ان تدخل بمبدأ " البرقص ما بغطي دقنو". في لقاء جمعني بأحد عواطلية مكتب حمدوك ايام القاهرة بعد إنضمامي لإحدى حركات الكفاح المسلح و بطلب منه ثم قال : " انت راجل محترم و نعرف ذلك كيف و لماذا إنضميت لهذه الحركة " الكيزانية". شرحت له تفاصيل إنضمامي، و التداعيات، و القناعات التي دفعتني لذلك، و خصيته بسبب رئيسي لم اذكره لأحد حتي الآن ساكتب عنه في مقبل الايام. فقال لي : "ارجو ان تعلن إنسحابك منهم الآن ديل إسلاميين، و كيزان عواليق تعال ح نكلم القائد ع.أ يرقيك للرتبة التي تريدها" في عرض اقرب لعروض النظام البائد حيث المبدأ، و الإنتهازية. بإستغراب قلت له من تتحدث عنهم بهذه اللغة هم الآن في جبهة القتال شركاء مع كل الحركات و قد ابلوا بلاءً حسن في الميادين و قدموا الشهداء، و الجرحى، و تضحيات كبيرة. فسألته سؤال مباشر.. ماذا انتم فاعلون بشركاء اليوم بعد سقوط النظام، و إستلام السلطة؟ قال : " ح نطلع دينهم بطريقتنا" ذكرت هذه الجزئية حتي تتضح الصورة داخل الكيانات السياسية السودانية، و كيف العداء الذي لا تحكمه مبادئ، و لا اخلاق، لمجرد الإختلاف، و المبدأ إن لم تؤمن بما أؤمن او ادين فأنت عدو. اخيراً .. من هم في صدارة المشهد اثبتت الايام انهم خانوا إبن عوف، و خطة الهبوط الناعم (أ)، ثم الخطة (ب)، ثم باعوا الدجال الأعور قوش في سوق نخاسة المُكر، و الخداع، و فنادق اديس ابابا شاهدة. الآن اصبحت قواعد المواجهة واضحة بين قوى الثورة الحقيقية التي تُعنى بالتغيير، و تحقيق مبادئها، و قوى الردة، و الظلام المتمثلة في احزاب خربة تمثل الشمولية، و الديكتاتورية في اقبح صورها. من بنتظر تحول ديمقراطي، و عملية سياسية نظيفة في السودان تقودها هذه الاحزاب التي تفتقر لممارسة الديمقراطية في صفوفها يبقى واهم، و مصيره الحسرة، و الندامة. اعتقد اصبحت المصيبة مركبة حيث الخلل الذي اورد الثورة موارد الهلاك لا يزال يكمن و يتخندق في مكتب حمدوك، اما الآخر هو احزاب السجم، و الإنتهازية البغيضة. ثقتي في ان جيل الثورة سيهزم هذه النُخب العاطلة، و ستنتصر إرادة الثورة طال الزمان او تقاصر. للأسف ظلت الاحزاب تقود خطاب شعبوي عنوانه الإنقلاب علي الثورة، و المدنية، فالآن تم الإنقلاب بنجاح علي الثورة بالمدنية المدعاة، زوراً، و بهتان. إنها الكيكة يا قوم .. لو معنى المدنية ان يكون الحاكم بالزي المدني فقط يبقى مشوارنا لسة بعيييييد! ننتظر لنرى كيف سيطلع دين الشركاء، و هم في السلطة سواء!