لأهلنا و أحبابنا في حزب الامة، و الذين يدافعون بضراوة و شراسة عن حديث دكتور "مريم الصادق المهدي" في القاهرة.. أقول.. يجب أن تفرقوا بين دكتور "مريم" ، ابنة الراحل "الصادق المهدي " التي تخصكم كحزب .. و بين دكتور "مريم" وزيرة خارجية السودان.. و التي تعد الآن لسان بلادي..و الناطق الرسمي باسمها في المحافل الدولية… كما أن استحسان كل ما يصدر عن دكتورة مريم …..و التطبيل له.. أمر مضر لها و لمشوارها السياسي… فالنقد البنّاء يفيد المرء… و المدح الأجوف يهدمه لست من دعاة جلد السيدة.. ..فالعمل الدبلوماسي يحتاج إلى حنكة و دربة.. و هاتان تتأتيان بالصبر.. و طول البال..و كل إنسان معرض للخطأ في بواكير ممارسته لأية مهنة… و الحصيف من يستفيد من تعثر خطوه…و على الدكتورة أن تعلم أن المحافل الدولية تعج بثعالب السياسة و دهاقنة الإعلام الذين يتطلبون استعدادا للوقوف أمامهم و بينهم … قال أوسكار وايلد " الخبرة هي الكلمة التي نطلقها على أخطائنا"… لاحظت كذلك هجوم أقلام حزب الأمة على كل من انتقد الدكتورة "مريم " لاستخدامها عبارة " نستعمر أرضنا ‘.. و قالوا إن العبارة لها جذور في القرآن الكريم و الاستعمار هنا يعني التعمير…لهم اقول.. لماذا تبحث الدكتورة عن غريب اللغة اصلا؟ لماذا تسخدم عبارة لا يفهمها سوى العلماء؟.. لماذا التقعر و هي تعمل لسانا لبلادنا و سفيرا لها؟… ألم يكن في إمكانها استخدام عبارة " نعمر أرضنا بمساعدة الآخرين " عوضا عن عبارتها التي جعلتها في مرمى سهام النقد؟…كلمة " يستعمر" لها مدلول محدد في الأذهان الآن.. و تثير في رأس السامع فكرة محددة… فلم التعالي و الالتواء؟ ..هذا إن كان من الحصافة أصلا الحديث عن شراكة اقتصادية مع دول بيننا و بينها الآن مراجل تفور … وزير الخارجية ليس دكتورا للغة العربية في جامعة يؤخذ الطلاب بمهارته اللغوية … و ليس داعية ديني يفقّه الناس في دينهم… و ليس شاعراً يهوّم في وادي عبقر…. وزير الخارجية مطالب بأن يزن كل كلمة بميزان دقيق من ذهب…و مطالب ان يعي قدر من يخاطبهم و كيف يبلغ عقولهم و افئدتهم… قرأت إن وفداً فرنسياً و انجليزياً اجتمعا في العام 1881 ، و خرجا باتفاقية ألا تقوم أي من الدولتين باستعمار مصر ..و في نهاية الجلسه أضاف الوفد الانجليزي و بخبث عبارة " إلا عند الضرورة القصوى "…لم ينتبه الفرنسيون لخطورة العبارة ..و بعد أسابيع قامت بريطاينا باحتلال مصر …استنادا على تلك العبارة … أيضا لم توفق الدكتورة مريم حين استخدمت كلمة "أستاذي " في ردها علي صحفي مصري سألها عن المشاكل الحدودية بين السودان و اثيوبيا … كيف تتنازل وزيرة خارجية عن كاريزماها الدبلوماسية و تطلق لفظة أستاذي علي صحفي ؟ …..مثل هذه الدروشة غير مقبولة على الإطلاق في العمل الدبلوماسي …. عموما يا دكتور مريم …استعدي جيدا … و لعل القادم يكون أفضل اما الذين اشتطوا في نقد السيدة.. حتى بلغوا مبلغ التجريح.. فلهم اقول.. اتقوا الله… فما هكذا يكون النقد و التقويم…