كشف مصدر قانوني مطلع على صلة بأعمال لجنة التحقيق حول فض الاعتصام ل«القدس العربي» عن اتجاه اللجنة في الأسبوع المقبل، للاستماع إلى شهادة رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بعد أن استمعت لجميع أعضاء المجلس من العسكريين. وقال المصدر القانوني، دون كشف اسمه «سيتم الاستماع لشهادة البرهان بعد أن استمعت اللجنة لكل من الفريق محمد حمدان دقلو(حميدتي) والفريق ياسر العطا والفريق ابراهيم جابر والفريق شمس الدين كباشي والفريق طيار صلاح عبد الخالق والفريق مصطفى محمد». وتابع: «قامت اللجنة في الأسابيع الماضية بزيارة مدن الدمازين وكوستي وبورسودان والقضارف والأبيض، التي كانت فيها اعتصامات جماهيرية في ميادين عامة في هذه الولايات، وبعضها أمام حاميات الجيش في هذه المدن، حيث استمعت اللجنة لشهادة مئات الشهود من بينهم جنرالات في القوات النظامية ومواطنون وسياسيون وشهود عيان، وقامت بجمع الكثير من الأدلة، التي يفهم من خلالها كيف سارت الأحداث قبل وبعد فض هذه الاعتصامات، بالتزامن مع فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم». طبيعة عمل اللجنة وأوضح أن «هناك عدم فهم لطبيعة عمل لجنة التحقيق في فض الاعتصام، وعدم معرفة أن أمر تشكيلها من رئيس الوزراء، يحدد مهمتنا بالتحقيق في فض اعتصام القيادة والولايات، لذا كان لزاما على اللجنة تقديم تقرير متكامل وقانوني عما حدث في الخرطوم وفي 13 مدينة في الولايات جرى فض اعتصامها الخاص في الوقت نفسه وزمن فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم». وتابع: «الناس يستسهلون عمل هذه اللجنة، رغم ضخامته، والعدد الكبير جدا من الشهود الذي يصل ربما إلى الآلاف من الشهادات البشرية والفيديوهات والقرائن التي يجب مقارنتها مع بعضها، وقبل ذلك، التدقيق في صحة البيانات وعلاقتها بالجريمة التي هي في الأصل معقدة جدا لأنها جرت في مدن مختلفة. وتحديد المسؤولية الجنائية في هذا النوع من الجرائم كالبحث عن إبرة في كومة قش». وزاد «المشكلة أن المواطن عنده تصوره الخاص لمن قام بارتكاب الجريمة، لكن القانون لا بعمل وفق رغبات وتصورات المواطنين، وإنما بالبينات والشهود والقرائن والدلائل، وهذا يستغرق وقتا لوزن البينات وتقييمها حتى تقديم تقرير متماسك ويعتد به لتوجيه تهم، كي يكون صامدا أمام القضاء ولا يتم تفنيده وتوبيخ اللجنة لأنها قدمت تقريرا ضعيفا إن كان من القاضي أو من زملاء مهنة القانون أو من الجمهور الذي لن يسعده شطب القضية من الجلسات الأولى لعدم كفاية الأدلة». الاستماع إلى «حميدتي» في السياق أكد رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في فض اعتصام القيادة العامة نبيل أديبو أنه في الفترة المقبلة، سيمثل أمام اللجنة مسؤولون في الحكومة (مدنيين وعسكريين) تعتقد اللجنة أن لديهم معلومات ستساهم في الوصول إلى نتائج تحقيق. وبين في تصريح أن تم استجواب (حميدتي) في مكتبه في القصر الجمهوري، ولم يستبعد مثوله مرة أخرى إذا رأت اللجنة ذلك. وأشار إلى أن «(حميدتي) أبدى استعداده للمثول أمام اللجنة في المكان الذي تراه مناسبا، إلا أن اللجنة رأت أن يتم استجوابه في القصر الجمهوري. وزاد: «بعد استجواب (حميدتي) سألته اللجنة هل تريد أن نعلن للرأي العام أنه تم استجوابك أم لا ؟ فرد (حميدتي) ب(ما عندي مانع وضحوا انه تم استجوابي) مشيرا حسب صحيفة «السوداني» إلى أنه «أحيانا يتم التحفظ على إعلان اسم الشهود لسببين إما لحماية الشاهد الذي أدلى بمعلومات ويمكن أن تكون خطرة على حياته، أو لحماية التحقيق». وقال «في العادة يتم تحديد مواعيد مثول أعضاء المجلس السيادي مع مكاتبهم، ولا يتم الإعلان عنها لمحاذير أمنية وأخرى خاصة بالتحقيق». وشهدت الأيام الماضية عودة قضية فض اعتصام القيادة العامة وشهداء ثورة ديسمبر إلى الواجهة بشكل قوي، بعد الكشف عن تحلل نحو 200 جثة في مشرحة المستشفى الأكاديمي جنوبالخرطوم، الأمر الذي قاد لاحتجاجات واعتصامات لاعتبار البعض أن الجثث بعضها يعود لضحايا فض اعتصام القيادة. كما شهدت المنطقة المتاخمة للاعتصام المعروفة ب«الجداريات» إفطارا رمضانيا حضره نحو ألفين ونصف، إحياء لذكرى المحاولة الأولى لفض الاعتصام يوم 8 رمضان. وقال الأمين العام لمنظمة «أسر الشهداء» كشة عبد السلام، إنهم «سيسعون بكافة السبل لمحاكمة المجلس العسكري» مؤكداً أن «لهم الحق كأسر شهداء بالمقاضاة مباشرة أمام محكمة الجنايات الدولية». وبين أنهم سيذهبون ل«الجنائية مباشرة بعد المصادقة على ميثاق روما» قاطعاً بعدم حاجتهم للإذن من مجلس الوزراء. وأضاف: «لا يحدد لنا مجلس الوزراء ماذا نفعل، له ما يليه، ولنا ما يلينا». تدويل القضية وقد طالبت المنظمة مسبقاً ب«تدويل» قضيتهم لعدم اعترافها باللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة، ورد مجلس الوزراء قُبيل أيام على مذكرات المنظمة، رافضاً ضم قضية «شهداء ديسمبر» إلى ملف المحكمة الجنائية الخاصة بدارفور. وقال مصدر مطلع في وزارة العدل ل«القدس العربي» «هناك عدم فهم لطبيعة عمل المحكمة الجنائية لأنها تقبل النظر في القضايا التي يتنصل القضاء من النظر فيها، بمعنى أن الدولة المعنية لا تريد أن تحقق وتحاكم المتهمين بارتكاب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وغيرها». وتابع «في حالة شهداء الثورة وفض الاعتصام، الدولة ملتزمة في الوثيقة بالتحقيق في فض الاعتصام وهي شكلت لجنة التحقيق وما زالت تباشر مهامها، وكذا قضايا الشهداء في الثورة يجري التحقيق فيها وبعضها وصل المحكمة، وبهذا نظريا وعمليا فإن اختصاص المحكمة الدولية انتفى». وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، استغل وجوده في مدينة عطبرة، شمال السودان، التي شهدت سقوط أوائل ضحايا ثورة ديسمبر 2019 التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير، ليؤكد خلال الإفطار الذي دعت له وحضرته أسر الضحايا في عطبرة، أن «المجد والخلود لشهداء ثورة ديسمبر المجيدة» مضيفا أن «بناء السودان الذي ضحى من أجله الثوار بأرواحهم يتطلب إبقاء جذوة روح الثورة متقدة في النفوس حتى لا تحيد عن أهدافها المنشودة سيما أن مواكب ثورة ديسمبر المجيدة غطت كافة أرجاء البلاد». وأوضح لأسر الضحايا أن «اعتصام القيادة العامة يعتبر علامة فارقة في تاريخ البلاد» كما أكد «قوة ونزاهة السلطة القضائية وقدرتها على تحقيق العدالة الكاملة». إلى ذلك، بين وزير شؤون مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف أن «التغيير وتحقيق العدالة يتطلبان المزيد من الصبر حتى تفصل الأجهزة العدلية في البلاد في كافة القضايا وفق الإجراءات المتبعة فيها» مشيرا إلى «إنجازات ثورة ديسمبر المجيدة التي أودت برموز الشر والإجرام من قيادات النظام البائد في السجون». وأعرب عن «ثقته في استكمال مسار الثورة المجيدة وتحقيق العدالة بمعاقبة الجناة والقتلة». كما عبر عدد من ممثلي أسر الضحايا في ولاية نهر النيل عن «تطلعاتهم لتحقيق العدالة بجانب إصرارهم وتمسكهم بأهداف الثورة المجيدة». القدس العربي