في ساعة مبكرة جداً من صباح اليوم، وأثناء ما أنا قاعد جنب ست شاي في شارع البرلمان، وهي يادوبها بتولع في النار، والشارع خالي تماماً وتقريباً من الكائنات البشرية إلا أنا وهِيَ، ومجموعة من غسالين العربات متجمعين هناك على بعد 500 متر تقريباً. فجأةً كده، نشبت معركة مفاجئة ومثيرة بين بائع بهارات شاي متجوِّل وبين غسالين العربات، وبدوا يتبادلوا فيها اللكمات والبلنجات والرفسات برشاقة عالية وبمهارة يعني، بالرغم من إنها مفروض إنها معركة غير متكافئة لأنها واحد قصاد أربعة. فكَّرْتَ في إنو، ولأغراض إحداث بعض التوازُن في المعركة دي، إنو لازم يكون هناك نوع من الدعم والاسناد التجسيري المتجوَّل. ف عاينتَ كده لقيت لي حديدة عاملة زي زاوية بتاعت كنبة كده، فاتناولتها ومشيت عليهم. وطوالي جرَّيت الصبي المتجوِّل وخليتو ورا ضهري، وبلهجة حاسمة جداً : – يا شباب، نفهم الحاصل شنو ? = الحاصل, الزول ده قال لينا يا أولاد الهوسا. – وانتو أولاد شنو ? = نحنَ أولاد فلاتة. – طيب. والفرق شنو يعني ?!. = الفرق كبير يا عمَّك، نحنَ أولاد فلاتة. وكلام يقول لينا يا أولاد هوسا ده كلام ما دِسِّيس .. ده حقارة عديل كده يا أصلي. – طيب. معناتا الزول ده يعتذر ليكم، وننتهي من الموضوع ده. ف التفتَّ على الزول : – خلاص، اعتذر ليهم وشيلا موزة بى جاي يا صاحبي.. الدنيا صباح. = لا أبداً، واللهِ ما اعتذر ليهم لو السما ديك انطبقت مع الواطة دي. أنا عملتَ ليهم شنو يا عمَّك عشان تقول لي اعتذر ليهم ?. وأعرف كيف ذاتو ديل هوسا ولّا فلاتة، ما كلهم زي بعض. وتاني احتدَّ النقاش بيناتم، واستأنفوا المعركة، بضراوة أكتر هذه المرَّة. وأنا ولَّعتَ لي سيجارة ورجعْتَ قعدتَ جنب ست الشاي راضياً من الغنيمة بهذه الفكرة، وهي إنو :- وإذا يصدُق ظَنِّي،َّ فالحقيقة هِيَ، أنَّ المشاعر العنصرية غريزية تقريباً، في جذر التركيبة النفسية ومِنْ ثَمَّ فهِيَ ثابتة. ومهما فعلنا وبذلنا من جهد فإنَّ الأفكار وحدها إزاء هذا الموضوع هي التي تتغيَّر وبطريقة تكتيكيَّة. أمَّا في المدى البعيد فإنَّ العنصرية هي التي تتغلَّب وتسود.