قبل أسابيع انتشر فيديو يظهر زحمة كبيرة في جوازات الخرطوم، سيل من البشر يدخل المبنى، وقبل ايام انتشر فيديو آخر يظهر جيشا جرارا من المواطنين يقتحم جوازات ام درمان بعضهم تسلق البوابة حين ضاق بهم المدخل الرئيس لا أدري على ماذا يتسابقون، لاستلام الجوازات ام للتقديم، وهل كلهم يسعون خلف استخراج جوازات فقط أم هناك من يريد أوراقا اخرى، وفي كل الحالات هذا التدافع سيعرقل العمل ويؤخر الاستلام حتى وان كانت جاهزة. الزحمة التي تشهدها جميع إدارات الجوازات لا تفسير لها غير أن الجميع يبحث عن طريق للهروب من السودان، كثيرون لا يضعون حسابا لعواقب ذلك قبل الإقدام عليه، المهم هو الخروج أولا ثم بعد ذلك يأتي التفكير في الأمر، ورحلة الهروب من السودان ليست جديدة بدأت قبل أن تحل لعنة الحركة الإسلامية بالبلد ولكنها استفحلت في ظلها، ولن تتوقف حتى يعرف السودان الاستقرار وتنفتح أبواب الحياة الكريمة وترتفع قيمة الإنسان، وهذا التدافع على استخراج الجواز لن يتوقف قريبا وعلى الجوازات أن تكون مستعدة وتعمل على تسهيل الأمر حتى لا يلجأ الناس إلى التزوير بسبب الإجراءات فتزيد مشاكل الدولة. السؤال لماذا الزحمة في ظل توفر التقنيات الحديثة التي تسهل العمل، علما بأن المواطن يدفع مبلغا محترما لاستخراج الجواز، صحيح ادارة الجوازات أحدثت نقلة كبيرة في عملها خلال السنوات الماضية ولديها جيوش جرارة تعمل فيها، ولكن ظلت مشكلة الزحمة وتأخير الجوازات مستمرة وأسبابها كثيرة، منها سوء الإنترنت أو تأخر وصول المواد والمعينات التي تستخدم في تجهيز الجوازات ولأسباب لوجستية، ويساهم في الأمر الاحباط الناتج من ضعف المرتبات وعدم تقدير للعاملين كحال كل المؤسسات، هذا غير متلازمة الفوضى الإدارية التي أصبحت سمة ثابتة في الدولة لم تستطع أي مؤسسة حسمها بشكل نهائي حتى العسكرية. عموما مشكلة الجوازات هي مجرد نموذج يعكس عدم قدرة أجهزة الدولة على تسخير التقنية الحديثة لتسهيل العمل كما فعلت كل دول العالم، ولذلك تنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية أصبح أمرا مهماً، فما دام المواطن يملك رقما وطنيا ومسجلاً لدى الدولة فلماذا لا تسخر له التكنولوجيا وتقنياتها ويتاح له التعامل معها في أي مكان وزمان وتتكفل الدولة بالإشراف والمتابعة والتحديث، وحقيقة الشعب متشوق جدا لان يأتي اليوم الذي تقدم له الخدمات اون لاين، ويظهر ذلك من الفيديوهات التي تملأ وسائل التواصلاعجابا بتطور العالم آخرها الفيديو المبهر الذي يظهر عملية استخراج الجواز في ثلاث دقائق في ماليزيا، تخيلوا انه امر مؤلم حقا فنفس الخدمة في السودان قد تستغرق شهرا او اكثر بسبب المشاكل الكثيرة التي تتطرأ على العمل. مطلوب من إدارة الجوازات والهجرة والجنسية وغيرها من إدارات، الاستفادة من التقنية الحديثة بشكل أفضل، أي نعم قد يكون إدخالها مكلفا ولكنها في الآخر هي مكسب لها لأنها ستوفر الكثير من الجهد والزمن والمال لجميع الأطراف وتمنح المواطن الإحساس بتقدير واحترام الدولة وحبها وهو ما سينعكس على العلاقة بينهما. الديمقراطي