الزميل المحرر الفني النابه الخلوق سراج الدين مصطفى، لعلها من القلائل الذين اتسع الأفق الفني لديهم من بين مجايليه، والذين سبقوه في هذا المضمار، وربما يُعزى ذلك لعلاقاته الواسعة الرحبة بأهل (الحيشان الثلاثة، الإذاعة والتلفزيون والمسرح) إضافة إلى توطيد ما اكتسبه من صلات بمطربين كبار؛ رموز وليس (مغنواتيه) جعله مصدراً موثوقاً به في طرح ما تمور به من أمواج الساحة الفنية، المتلاطمة في صدقية النهوض بالمشهد الفني، بعيداً عن الغبار الذي تراكم عليه، فما عهدته في المواقع الصحفية التي عملنا بها معاً، أنه من الأقلام التي تراهن على المزايدات الفنية أو راكباً موجة الأغراض الشخصية أو متحصناً بالمهاترات، بل كان من الذين يسعون إلى الارتقاء بمدونة الملفات والصفحات الفنية إذ لم يكن يستخف بعقلية القارئ، وهذه هي المسؤولية المهنية، ولأن البحث عن القيمة الفنية لما هو مطروح ليس أمراُ مستحيلاً. مناسبة هذه الكلمات المقتضبة في حق الزميل سراج الدين مصطفى، ما سطره من فذلكة في عموده (نقر الأصابع) وكان أقرب إلى الميني بروفايل بعنوان (ناجي القدسي.. السيرة الحبيبة) والذي نشر بصفحته الأسبوعية (الحوش الوسيع) بصحيفة (الصيحة) الغراء بتاريخ: 30/8/2021م وما لفت انتباهي تلك المعلومات الثرة والتي لاتصدر إلا من (بيت كلاوي) معرفة بموسيقارنا الشاهق الراحل ناجي القدسي، وقدم عنه إشارات خاطفة حينما كان القدسي في مقتبل شبابه بمدينة سنار، وكنت قريباً منه لاعتبارات (العصبية السنارية) التي احتشدت بداخلي منذ اليفاعة، وهناك في سنار أيضاً من هو أقرب إليه مني ألا وهو الفنان السناري السر نايل. .. هذه السانحة، وأضيف إلى ما ذكره سراج الدين عن الحضور البهي لناجي القدسي بسنار وكنا شهود عيان في ذلك، وأكثر تماساُ مع نضوج ثمرة الموهبة الموسيقية، هي مجرد شذرات لا يتسع لها المجال هنا، أو هي برق خاطف من ذكريات مضى عليها نصف قرن من الزمان، في خواتيم الستينيات من القرن الماضي كانت (فرقة فنون سنار) قد قوي عودها وكان مؤسسها الفنان السر نايل. إضافة إلى كل من آدم محمد صالح والشيخ إبراهيم سليم وشقيقه حيدر وكال محمد إدريس وصلاح إبراهيم طه. ولحق بهم القدسي حينما استقرت أسرته سنار الذي تعلم العود على يدي آدم والشيخ إبراهيم و(القدسي) هذه التي ينسب إليها ناجي كانت منطقة باليمن فأراد ناجي أن يجعلها اسماً فنياً له من الأغنيات التي قام بتليحنها ناجي القدسي وأداها بصوته الشيج السر نايل ضووا الشموع وهي من كلمات اسحق الحلنقي، ومشاتل العزة للشاعر هلاوي، والشيخ فرح لإسماعيل حسن، وقد قام بأداء هذه الأغاني فنانون آخرون نحتوا صوتهم في شجرة الأغنية السودانية الحديثة مثل التاج مكي. ونشير إلى أن أول حوار أُجري مع الموسيقار ناجي القدسي إجراه شقيقي جميل غالي وقد نُشر بمجلة (الإذاعة والتلفزيون) في العام 1971م.