لم استغرب من المعركة الإعلامية المتصاعدة بين السادة أعضاء مجلس السيادة ، فواقع الحال لا يحتاج إلى تصريح من السيد رئيس مجلس السيادة ليؤكد لنا تدهور حال المواطن السوداني وفشل الشق المدني في أداء دوره المنشود ، ولا يحتاج إلى تصفيق لتصريحات السيد محمد الفكي سليمان وهو يكشف لنا عدم احترام المكون العسكري للشراكه ، وليؤكد لنا أن "التناغم" الذي ظل يتحدث عنه د.عبدالله حمدوك هو مجرد كلمات تلقى في الخطابات الجماهيرية. فكل هذة حقائق ثابته ومؤكدة يمكن أن يستنتجها ابسط مواطن من خلال تحليل المشهد السياسي الحالي . في تقديري المتواضع، أن كل ما يجري الآن من تصعيد اعلامي سببه (مواجهات مؤجلة)، ولا أعلم إلى متى سيتم تأجيلها ! فمن المستحيل أن تكون الشراكة بين الشقين المدني والعسكري قائمة على نوايا سلمية طالما أن توقيع الوثيقة الدستورية تم في ظل أزمة معقدة كانت نهايتها مجزرة القيادة العامة ، وطالما أن ذات الوثيقة جعلت من مهام الفترة الانتقالية تشكيل لجنة للتحقيق في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة وبالتالي سيكون أعضاء المكون العسكري بجنرالاتهم عُرضة للمسائلة ورفع الحصانة بحكم مواقعهم في السلطة آنذاك، لذلك من الطبيعي أن يكون هنالك توجس وعدم تعاون بين الشقين المدني والعسكري لإختلاف النوايا . بالوقوف على مهام الفترة الانتقالية نجدها مهام واضحة من بينها اعادة هيكلة القوات النظامية ، واصلاح اقتصاد الدولة ، وإعادة بناء المنظومة الحقوقية والعدلية التي تشمل القضاء ، والعمل على تحقيق هذة المهام في نظر المكون العسكري قد يؤدي إلي وضع حبل المشنقة حول أعناقهم ، فوجدوا من عناصر النظام البائد وسيلة لتحقيق اهدافهم باجهاض مهام الفترة الانتقالية وإعاقة الإنتقال في جميع مؤسسات الدولة الاقتصادية والعدلية. لا يخفى على أحد ما تمر به بلادنا الآن من تصعيد غير مفهوم ومن تصريحات مجانبة الصواب من قادة عسكريين ومدنيين من شأنها زيادة الإحتقان ، فاذا كان همهم وهمنا هو سلامة وأمن هذا البلد فيجب علينا جمعياً التجرد من الذات والخروج من المربع الذي انطلقت منه الثورة والانتقال إلى مربع آخر. يجب على أسر الشهداء وضحايا مجزرة القيادة العامة التحرك والعمل على تكوين كيان وطني يهدف إلى اخراج البلاد من هذة الأزمة الخطيرة، والجلوس في طاولة واحدة مع الشقين المدني والعسكري لتوحيد النوايا وإزالة التوجس ومنح بطاقات الأمان في مقابل مفاتيح الإنتقال الديمقراطي الآمن والسلس ، وهذا على كل حال لا يعني الإفلات من العقاب . وبدون ذلك ، لا أتوقع ان يكون هنالك مخرج من هذة الأزمة ، ولا حتى ان يقوم العسكر بتسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين. إن ما نمر به الان من عدم استقرار وعدم تقدم يحتاج منا القليل من التفكير خارج صندوق التعصب الثوري والكثير من الحكمة فاللهم اجعل هذة الايام تمر ولا تضر ونسأل الله أن يحفظ سوداننا وأهله جميعا. [email protected]m