في المقال السابق طرحت سؤال استقرائي . هل سيؤمن انسان الشرق بمواطنة كل ساكني الإقليم باختلاف اثنياتهم في حال قيام دولته الحلم ؟ والغرض من السؤال هو الولوج من الجزئية المتعلقة بالأقليات الى عموم قضية الحقوق والضمانات ومحاولة الإجابة على عدة أسئلة تواجه النخبة البجاوية الصامتة حيال الاحداث المتسارعة في الإقليم ونذر الحرب الاهلية التي تلوح في الأفق .لقد امتازت قبائل البجا باحتضانها مجموعات قبلية متعددة وفدت الي الإقليم في مراحل زمنية عده ولأسباب مختلفة مثل التجارة والتي جلبت مجموعات من الاسيويين باختلاف جنسياتهم حيث وجدو في سواكن ابان عصرها الذهبي ونشاطها الاقتصادي ا الاستقرار والأمان من ما أدى الى انصهارهم وتزاوجهم بل وذوبانهم في المجتمع البجاوي قد كان نتاج ذلك الذوبان احد اشهر بطون البجا وهم السواكنية المنتسبين الى مدينة سواكن . كما ان مدن أخرى مثل طوكر وجبيت وسنكات استقرت فيها اثنيات واقليات عديدة مثل الاتراك واليمنيين الحضارم والهنود البنيان . كما أدت الصراعات السياسية بالجزيرة العربية الى نزوح قبيلة الرشايدة او الزبيدية – وهي قبيلة عربية صرف حافظت على خصوصيتها وثقافتها ونقاءها البيولوجي منذ نزوحها للسودان – ولقد كان للبحر الأحمر باعتباره المنفذ الوحيد للحج الدور الأكبر في استقرار مجموعات كبيرة من الهوسا والفلاتا والبرنو بعد عودتهم من رحلات الحج بالمناطق الزراعية في الإقليم ولعب انشاء مدينة بورتسودان كأمتداد للميناء ، الدور الكبير في قدوم مجموعات من مختلف انحاء السودان للعمل وكسب الرزق والاستقرار . وقد صارت كل هذه الاثنيات جزء من الاقليم لا ينكره الا مكابر ، عايشت مع قبائل البجا مشكلات الفقر والمرض والتهميش وتأثرت بالحرب وافرازاتها من نزوح وقتل وتشريد . مؤخرا وفي اطار تصعيد المواقف للضغط علي الحكومة الانتقالية لتحقيق مطالب المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة تم قيام مؤتمر سنكات والذي صاحبه اصطفاف قبلي كبير من اغلب الناطقين بالبداويت خلف قيادات المؤتمر التي اقرت عدة توصيات وقرارات تم رفعها لي مجلس السيادة . ولكن اللافت في الامر ان المؤتمرين تجاهلوا عن قصد الخوض او حتى الإشارة والتأمين على حقوق الأقليات والاثنيات المختلفة بالإقليم وقصروا مطالب الإقليم على قضية البجا فقط لا غير . والذي بدوره اعتبر رسالة غير مطمئنة لتلك الأقليات والاثنيات الموجودة في الاقليم وقد فتح هذا التصرف أبواب لتساؤلات كثيرة عن مصير هذه الأقليات في حال رضوخ الحكومة الانتقالية وانفاذها لتوصيات المؤتمر وإعطاء حزمة المطالب للإقليم او في حال تعنتها والذي قد يعني انفاذ المؤتمرين لوعدهم بفصل الإقليم وقيام دولة البجا . ان المثقفين والنخب من ابناء البجا وتحديدا الناطقين بالبداويت مطالبين اليوم اكتر من أي وقت مضى بضرورة الخروج من عباءة الصمت وطرح نقاش عميق حول قضية الاقليات الاثنية بصورة شفافة تحمل معها رسائل مطمئنة لهذه الشرائح بالالتزام الكامل بإعطاءهم حقوق المواطنة التي يكفلها القانون الدولي وما يترتب عليها من واجبات وذلك لكل اثنيات الإقليم دون استثناء . بالإضافة للعمل عبر منظمات المجتمع المدني على ضمان حق المساوة امام القانون لكافة شرائح مجتمع الشرق. [email protected]