1 – ما اشبه حال السودان اليوم في اكتوبر 2021 والشعب في قمة الغليان والغضب من سلوكيات وتصرفات جنرالات مجلس السيادة الذي يرأسه الفريق أول البرهان وعضوية : (الفريق أول محمد حمدان دقلو ، الفريق شمس الدين كباشي ، الفريق شمس الدين كباشي ، الفريق ياسر عبد الرحمن حسن العطا ، اللواء الركن مهندس إبراهيم جابر كريم.) ، بالحال الاخر في شهر اكتوبر عام 1964م ، مع فارق بسيط ، ان من كان يحكم البلاد وقتها في عام 1964م هو الفريق/ ابراهيم عبود وجنرالات المجلس الاعلى للقوات المسلحة : (اللواء حسن بشير نصر ، اللواء الامين المقبول ، اللواء محمداحمد عروة ، اللواء محمد طلعت فريد، اللواء محمدنصرعثمان ، اللواء أحمد مجذوب البحاري ، اللواء محمدأحمدالخواض) ، وكانت مشكلة جنوب السودان وسقوط ضحايا بعشرات الآلاف من ابناء الجنوب هي الشرارة التي اشتعلت ثورة 21/ اكتوبر واطاحت بنظام 17 نوفمبر ، وتنحي عبود عن السلطة صاغرآ وحل المجلس الاعلى للقوات المسلحة ، وسلم السلطة لسر الختم الخليفة . 2 – شهدت شوارع الخرطوم وبعض المدن الاخري طوال شهر اكتوبرعام 1964م العديد من المظاهرات العارمة ضد سياسة الفريق/ عبود ومجلسه العسكري ، وتصعيد حدة الحرب في الجنوب ضد قوات حركة "الانيانيا"- (الأنيانيا هي حركة تمرد سودانية تم تأسيسها خلال الحرب الأهلية السودانية الأولى في الفترة ما بين عام 1955م و1972م ، وكان هدفها الاساسي فصل جنوب السودان من السودان اللفظ انيا – نيا Anya – Nya هو من لغة المادي بجنوب السودان ويعني (سم الثعبان الأسود) . 3 – حاولت الحكومة في الخرطوم بكل الطرق اخفاء الحقائق عن الشعب ، ودست عنه اخبار المعارك الضارية في احراش وغابات الجنود ، رفض وقتها اللواء/ وزير الاستعلامات والعمل ان يسمح للصحف بنشر اي اخبار او معلومات عن الجنوب الا بعد الرجوع لوزارة الدفاع ، لم تنجح سياسية الاخفاء ودس الخقائق لان اغلب الشوارع في الخرطوم امتلأت بصيوانات العزاء والمراحيم كانوا ضباط وجنود في القوات المسلحة لقوا مصرعهم في معارك الجنوب ، في هذه الصيوانات خرجت الحقائق المؤلمة عن حال جنوب البلاد ، وان القتلي قد فاق عدده ال(100) الف جنوبي ، اغلب الضباط والجنود الذين جاءوا للعزاء كشفوا بكل صراحة حقيقة الاوضاع في الجنوب ، وان الذين ماتوا هناك ليسوا فقط الجنوبيين وانما ايضآ اعداد كبيرة من ضباط وجنود الجيش . 4 – وما كان هناك من حل اخر امام الشعب لوقف نزيف الدم في الجنوب ، الا الخروج في مظاهرات صاخبة تطالب بوقف الحرب فورآ ، سلطات الامن والشرطة قمعت بشدة المظاهرات ، وزجت بالآلاف من طلاب المدارس والجامعات في الزنزانات ، ولما اكتظت بهم السجون والزنزانات تم ارسال الكثير منهم الي سجون بورتسودان وكسلا ومدني .. 5 – ولما اشتدت حملات الاعتقالات المصحوبة بالضرب المبرح وتسبيب العاهات، توحدت سرآ الاحزاب التي كانت ممنوع ممارسة نشاطها ، واشتعلت الشوارع هذه المرة بواجهات صادمة بين المتظاهرين والشرطة ، وفي يوم الاربعاء 20/ اكتوبر 1964م سقط الطالب/ أحمد القرشي طه في جامعة الخرطوم كاول شهيد في ثورة اكتوبر ، عندها خرجت المظاهرات بمئات الآلوف من المتظاهرين وهي تهتف : الي "القصر حتي النصر" .. "الي الثكنات يا عساكر" .. " دماء القرشي تنير الطريق" .. " يا ضباط يا جنود .. ارحلوا مع عبود" .. 6 – واضطر عبود للتنحني ، وكان تصرفه قمة التعقل ، فهو لم يرضي ان يبقي في الحكم علي حساب مصرع عشرات الآلاف من افراد الشعب بايدي العسكر : (تصرف عبود عكس البشير الذي كان ينوي قتل الآلاف من المتظارين بحسب فتوي مالكية!). 7 – في اكتوبر الحالي 2021م ، التاريخ يعيد نفسه في السودان ، فقد جاء خبر نشر في صحيفة "الراكوبة" اليوم الجمعة 15/ اكتوبر تحت عنوان :"منع موكب القانونيين من الوصول إلى القصر"، ومفاده ، ان (قوات حراسة القصر الجمهوري منعت موكب القانونيين من الوصول الى القصر الجمهوري الذي سيروه أمس لمطالبة الشق العسكري بالمجلس السيادي بضرورة التزامه بالوثيقة الدستورية وتسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين ، وانطلق الموكب الذي شارك فيه مئات المحامين من مقر لجنة ازالة التمكين وتمركز بالقرب من وزارة المالية ، وهتف المحامون (سلم يابرهان ورانا وطن عايز بنيان) ، وقال فتح الرحمن خميس التوم المحامي ل(الجريدة) : " تم منع الموكب من الوصول الى القصر الجمهوري وتم السماح لخمسة ممثلين للمحامين لتسليم المذكرة"). 8 – ان ما يجري في سودان اليوم من احداث ومحن وبلاوي جاءت كلها من تحت "كابات" عساكر السلطة ، وهو نفس الفيلم القديم الذي شاهدناه من قبل عام 1964م ، مع فارق بسيط ان الذي حكم السودان في ذلك الوقت (عبود) كانت عنده المكانة والهيبة وتمتع باحترام دولي .. اما الجنرال الاخر (البرهان) فهو كالماء : بلا طعم ولا رائحة ولا لون !! . 9 – لهذا ستخرج المظاهرة المليونية في يوم الخميس 21/ اكتوبر وهي تردد الهتاف الذي اشتقنا كثيرآ لسماعه " الي الثكنات ياعساكر". [email protected]