كثيراً ما يلاقى أى شخص زائر لعروس النيل الأبيض مدينة كوستى بعض العناء فى الوصول للمكان الذى يقصده، سواء أكان مصلحة حكومية أو شركة، إلا أن هنالك بعض المعالم والأماكن بهذه المدينة لا يجد الإنسان صعوبة فى الوصول إليها، وذلك لشهرتها وسمعتها التى بلغت شأوا بعيدا وعمت القرى والحضر كما تقول أغنية «حبيتى عمرى» للفنان المبدع عبد الكريم الكابلى. ومن هذه المعالم الشهيرة مقهى حامد، فلا تكاد تجد شخصا فى كوستى لا يعرفها، بل حتى سكان القرى والأرياف يعلمونها جيدا، ولن نبالغ إذا قلنا إن الكثير من النساء وربات البيوت يعرفن هذا المقهى، وهذه الشهرة تعود وكما ذكر صاحب المقهى عمنا حامد محمد دفع الله الذى حمل المقهى اسمه، «وهو من أهالى منطقة المحمية بولاية نهر النيل»، إلى جودة القهوة التى تقدم للزبائن، «وقد لمسنا ذلك بأنفسنا»، حيث أكد أنها تتميز عن سائر أنواع القهوة، وأن لها نكهة خاصة، وأضاف أن الكثير من المؤسسات والمصالح الحكومية بما فيها رئاسة المحلية تحرص على شراء القهوة من محله، وحول سر هذا التميز ذكر عمنا حامد أنه يعود إلى طريقة «قَلْيَة» البن، حيث قال إنها تتم بنظام معين دون أن يتعرض للحرق، وقال إنه يستخدم أنواعاً من البن منها البن الغربي والبن الحبشي، إلا أنه أكد أن البن الغربى اقتصادي أكثر من الحبشى نسبة لثقل وزن حبته، وقال إنه يستهلك يومياً ما بين أربعين وخمسة وأربعين رطلا من البن، ويعاونه فى العمل ستة عمال، وأضاف أن ولع الناس بقهوته جعله عرضة لسخط النساء بسبب المدح الكثير لقهوته من قبل الرجال، ومن المفارقات الغريبة التى حكاها لنا، أن بعض ربات البيوت وكذلك الموظفات يملأن «ثرامسهن» من قهوته. العم حامد سرد لنا تاريخ علاقته مع صناعة القهوة، حيث ذكر أنه تعلمها من أحد أقربائه ويدعى محمد أحمد أبو سروال «رحمه الله»، وكان ذلك فى بداية الستينيات من القرن الماضي، وأنه ظل يعمل معه حتى عام 1967م، حيث انتقل إلى كوستي، ومنذ تلك اللحظة ظل يعمل فى صناعة القهوة وحتى الآن. وقهوة حامد ومن خلال وجودنا فيها تؤمها كل فئات المجتمع، فهي ملتقى للرياضيين والمثقفين والسياسيين وشيوخ القبائل والعمد، فهي منذ الصباح الباكر تزدحم بالزبائن وحتى المساء، والكثير من الموظفين والتجار يبدأون يومهم بشراب القهوة في محل حامد، وجودة القهوة و «كيفها المزبوط» ألهم العديد من الشعراء والأدباء نظم أبيات تمجد هذه القهوة بطريقة لا تخلو من الظرف، وشهرتها لا تضاهيها إلا مطاعم السمك. الصحافة