روسيا ترفض لتدخلات الأجنبية في السودان ومخططات تمزيقه    البرهان يودع سفيري السودان لمصر واثيوبيا "الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي والسفير الزين إبراهين حسين"    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الناشط صلاح سندالة يسخر من المطربة المصرية "جواهر" بعد ترديدها الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله) خلال حفل بالقاهرة    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    السودان..البرهان يصدر قراراً    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من قتل (هوازن) ؟
نشر في الراكوبة يوم 10 - 01 - 2012

حياة يملأها الأمل ... قسمات وجه ضاحكة .. قلب لا يعرف اليأس .. أنها (هوازن) امرأة كغيرها من النساء يداعبها حلم الأمومة كلما وضعت رأسها على الوسادة ، تدمع عيناها برفق حين يتسلل اليأس إلى قلبها ، ولكن سرعان ما تضحك عيناها عندما تشعر بان الحلم أوشك أن يصبح حقيقة ، فتعود لملامحها إشراقه الحياة ، دون أن تدرى بان اليد التي ظنتها تزرع في أحشائها بسمة الحياة بوجود طفل جميل ، يملأ فراغ الحرمان من الأمومة ، هي ذاتها اليد التي تنتزع الابتسامة .. وتغتال الحلم .. بل تكتب النهاية بفصل تراجيدي .. تسكن فيه أنفاسها إلى الأبد ... لتخلف وراءها قصة عنوانها (من قتل هوازن) ؟.. التي كانت تبحث عن حلم الأمومة عن طريق (أطفال الأنابيب) ولكن هل الحلم عبر ذلك الطريق يكتب تلك النهايات غير السعيدة ؟هذا التحقيق يكشف فصول مأساة (هوازن).
بداية المشوار
(هوازن صلاح إبراهيم الحاج) كانت تعيش حياة هادئة لم يعكر صفو عيشها سوى الحرمان من الأمومة ، خمس سنوات مضت من عمر زواجها ولم ترزق بطفل ، بدأت (هوازن) ذات ال (35) عاما تبحث داخل أروقة عيادات النساء والتوليد عن علاج حتى اهتدت لفكرة الإنجاب عن طريق التلقيح الاصطناعي أي بما يعرف ب (أطفال الأنابيب) لم يساورها الخوف ، خاصة بعد علمها بعدم خطورة تلك العملية رغم أن نجاحها قد يأخذ أكثر من محاولة ، عزمت (هوازن) خوض التجربة أملاً في أن يتحقق مرادها ، وبعد أن حفزت نفسها بالأمل طرقت أبواب إحدى العيادات في ابوظبي التي تقيم فيها هي وزوجها نسبة لعملهما هناك.. الزوجة (هوازن) تعمل مدرسة في مدرسة كندية ، وزوجها (الفاتح عثمان حسن آدم) يعمل في وزارة التربية والتعليم .
عندما وطأت (هوازن) عتبة عيادة الطبيب لإجراء عملية التلقيح الاصطناعي ، شعرت بشئ من الرهبة إلا أن دافعها كان أقوى من الخوف دلفت إلى الداخل وباشر الطبيب العملية ، بعد إجراءات الفحص اللازم ، تم سحب (البويضات) لعمل التلقيح خارج الرحم ، ومن ثم غادرت الطبيب دون الشعور بأي آلام بل تناولت هي وزوجها وجبة في احد المطاعم ، لتعود أدراجها للمنزل تنتظر بشريات نتائج التلقيح ، مضت الأيام ، وعلمت (هوازن) بان النتيجة هي عدم نجاح التلقيح ، عاشت لحظات من الحزن ، ولكن بارقة الأمل لم تفارقها .
عودة الأمل
عادت (هوازن) إلى السودان لقضاء إجازة قصيرة خلال شهر رمضان الماضي ، وبما أن حلم الأمومة في داخلها لم يمت قررت أن تخوض غمار التجربة في وطنها السودان ، وبعد مشاورات عدة رسا الاختيار على احد المشافي المتخصصة في هذا المجال ، بدأ الطبيب بإعطائها أدوية التحضير للعملية بعد أن أكد لهم عدم وجود مانع من إجراء العملية ، طلب والدها مرافقتها للمشفى إلا أنها أقنعته بالبقاء بحجة أن الأمر أي(العملية) بسيطة وسبق أن جربتها ، بمعنى أنها لا تستدعى القلق امتثل الأب لرغبة ابنته وتركها تذهب مع زوجها .
كابوس العملية
في يوم الأحد 14/8/2011م قام الطبيب بسحب (البويضات) تحت التخدير الكامل ، وعند الساعة الثانية عشرة بعد الظهر من نفس يوم العملية ، اتصلت (هوازن) بوالدتها وطلبت منها المجيئ إلى المشفى وأخبرتها أنها تعاني من كحة شديدة ، لم تكذب الأم خبرا حملت نفسها إلى هناك لتجد ابنتها في حالة إعياء وتعب .
تم إعطاء (هوازن) حقنة مهدئة لمواجهة السعال وعند الساعة الرابعة عصرا غادرت (هوازن) المستشفى بعد أن هدأ السعال ، ولكنها لم تستمر طويلاً حتى عاودها (السعال) مرة أخرى بعد ساعات قليلة من عودتها وأخذت حالتها تتدهور ... لم يخمد لها جفن طوال الليل ، لشدة السعال كانت والدتها في حيرة من أمر ابنتها التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى مريضة تئن وتصرخ من أوجاعها ، لم تجد الأم أمامها شيئا تفعله سوى الاتصال بأحد أقربائها وهو طبيب ، وبدوره نصحها بالرجوع إلى الطبيب الذي اجري العملية ... وفى اليوم نفسه أي يوم الاثنين الموافق15/8/2011م ، حُملت (هوازن) وهى في حالة إعياء تام إلى الطبيب الذي أجرى العملية ، حيث قام بعمل فحوصات لها وأبقاها بالمستشفى وتم إعطاؤها حقن ، إلا أنها كانت (تسعل) بصورة مستمرة مع نزول دم من فمها ، فزع أهلها من الحالة التي وصلت لها ابنتهم فاستدعوا طبيبة وهي نفسها التي أجرت عملية التخدير ل (لمريضة) من اجل عملية (طفل الأنابيب) ... فأخبرتهم أن الدم عادي بسبب حدوث خدوش في الحلق نتيجة (السعال) الشديد الذي تعاني منه المريضة .مضى يوم الاثنين ثقيلا على أسرتها ، وهى تمني النفس بتحسن حالة ابنتهم ، و مع بزوغ فجر الثلاثاء 16/8/2011م أخذت الحالة تزداد سوءا وأصيبت ب (إسهال) حاد ولم تستطع معه الأكل أو الشرب إلا بكميات قليلة .... قضت المسكينة يومها تشكو من الألم ، حتى جاء يوم الأربعاء 17/8/2011م ،حيث طُلب من المريضة (التبول) لأخذ عينة من (البول) لفحصها ، ولكن كانت المفاجأة أنها لم تستطع (التبول) بل كشفت لهم بأنها لم (تتبول) منذ اليوم السابق ، وفى اليوم ذاته بدأت) تعاني من آلام مبرحة في جميع أجزاء جسدها ، لدرجة أنها لم تتحمل أن يلمسها أي شئ ، وباتت تشعر بثقل في جسدها ، وأضحت حركتها غاية في الصعوبة لدرجة أنها لم تستطع الجلوس .
(يا فرحه ما تمت)
وفى نفس يوم الأربعاء ، وعند الساعة الثانية ظهراً حضر الزوج (الفاتح) وكان يحمل نتيجة فحص الدم ، وألقى على المسكينة (هوازن) الخبر الصاعقة الذي قتل الفرحة في داخلها حين قال لها إن الطبيب أفاد بعدم إرجاع (البويضات) بعد التخصيب إلى مكانها وذلك بسبب مشكلة في الدم ، وان (البولينة) مرتفعة وإذا ظلت (البويضات) حتى يوم الخميس ستكون غير صالحة للإرجاع .... بكت (هوازن) وقالت : (يمكن لغاية يوم الخميس أكون كويسة) ... لم يرد على ذهنها بان حالتها حرجة بسبب إخفاء الطبيب حقيقة وضعها الصحي عن افرد أسرتها .
إسعاف بدون طبيب
أصبحت الحالة في سوء لا يخفى على العيان ، حضرت إحدى السسترات وبدأت تبحث عن وريد في جسم المريضة ، وبعد محاولات عديدة باءت جميعها بالفشل ، حضر ممرض وحاول جاهداً ولكنه لم يجد وريدا لا في يدها ولا في رجليها ، وكانت المسكينة تصرخ من شدة الألم وهم يبحثون عن الأوردة... وبعد فترة وجيزة من محاولات البحث الفاشلة لإيجاد وريد ، حضر احد الأطباء فعلم أهل المريضة بأنه احد اختصاصيي أمراض الكلى بمستشفى احمد قاسم ، قرر نقل المريضة بعد رؤيتها فقط دون الكشف عليها إلى مستشفى احمد قاسم ، كان ذلك في تمام الساعة الرابعة عصراًُ يوم الأربعاء الموافق 17/8/2011م ، وقد كانت هنالك صعوبة بالغة عند نقلها وهى تصرخ من شدة الألم عند لمسها ، مما اضطرهم لحملها بملاءة السرير الذي كانت ترقد عليه ... لم يرافقها أي طبيب أو ممرض في عربة الإسعاف كما هو معرف ، ولم يلحق بها أي من الكادر الطبي بالمستشفى الذي حُولت منه ، وحتى الطبيب الذي أمر بتحويلها لم يره أي من أهل المريضة لأنه لم يكن في انتظارها ساعة وصول الحالة لمستشفى احمد قاسم ، وعلى غير العادة وصلت المريضة المستشفى المذكور بدون أي تقرير طبي يوضح الحالة والأدوية التي تناولتها خلال الأيام الثلاثة التي قضتها فى المستشفى الذى اجريت فيه العملية اضافة لفحص (موجات صوتية) اجرى خارج المستشفى لم ترفق نتيجته (جلطة بالرئه) .وبين الدموع والعبرات قالت والدة ( هوازن),(زينب محمد صالح) ان ابنتها تنامي الي مسامعها حديث بين طبيب مستشفي احمد قاسم والطبيب الذي اجري العملية (تجيب لينا حالة منتهيه؟)
سيناريو اخر
اُخذت صورة اشعة (للصدر) بمجرد دخولها لمستشفى احمد قاسم ،و حُملت للجناح الخاص لامراض الكلى بالطابق الاول ، وكالمرة السابقة وجد اهلها صعوبة بالغة فى رفعها عبر السلالم لذا تم حملها بواسطة الكرسى المتحرك ، استقبل الحالة الطبيب المناوب حيث قام بقياس الضغط والكشف عليها ، واجرى رسما للقلب لها واعطاءها اوكسجين ، وايضاً تم تركيب جهاز لمتابعة ضغط الدم ونسبة الاوكسجين ، ونبضات القلب بجانب تركيب (درب) ، ثم بدء فى اعطاءها بعض العلاجات .
وفى يوم الخميس 18/8/2011م تدهورت حالة (هوازن) اكثر من سابقها على الرغم من ان السستر أكدت لاهلها بان ابنتهم عندما حضرت للمستشفى كانت نسبة الاوكسجين ضعيفة فى الجسم ونبضات القلب كذلك مع إنخفاض حاد فى الضغط ، (هبوط تام)ٍ وقالت لهم ان كل ذلك بدأ فى التحسن .
وعندها لم تكن المريضة قادرة على الكلام او التنفس ، فصدرها كان يعلو ثم ينخفض بصورة مزعجة ، وانتفخت (بطنها) وبدأت تتقىء سائلاً اسود اللون ، ولتنفيس الانتفاخ تم ادخال (انبوب) من فتحة (الشرج) ، وبمرور الوقت لت تعد (هوازن) غير قادرة على تناول الطعام تماما ، لكنها كانت تشرب الماء بكمية قليلة جداً ، ولم تتمكن من (التبول) . استفسر الاهل من السستر عن الطبيب الذى حُولت اليه المريضة اى الطبيب االذى نقلها من المستشفى الخاص فكان ردها بانه متابع الحالة ب (التلفون) ... لم تتحسن حالتها حتى اليوم يوم الجمعة حيث كانت تُصرف لها كل عدة ساعات روشتة من الطبيب المناوب الذى سبق ذكره ... بدأ افراد اسرتها فى الانهيار كلما مرت الساعات و(هوازن) تلتقط انفاسها بصعوبة ، الاان ثقتهم فى الاطباء بان تتماثل للشفاء كان هو مفتاح صبرهم على هذه المحنة ... وقبل ان يمضى نهار الجمعة ، حضر الطبيب الغائب اى الذى كان يتاب الحالة ب (التلفون) رغم انه المشرف على الحالة حين قرر نقلها من المستشفى محل العملية ، تلك الزيارة للطبيب المعنى هى الاولى منذ دخولها لمستشفى احمد قاسم ،وبعد المعاينة قرر اجراء غسيل ل (الكلى) ثلاث مرات اى هكذا ، مساء يوم الجمعة ومساء السبت والاحد ، وقبل ان يمر الوقت تلقى زوج المريضة مكالمة هاتفية من الطبيب الذى اجرى العملية طالبا منه الحضور لمستشفاه لاستلام المبلغ المتبقى من العملية لعدم اكتمالها. اخذت الحالة فى التحسن بعد (الغسلة) الاولى ، وهدأ تنفسها واضحت قادرة على الكلام وتيسرت حركتها ، بعدها تم اجراء قسطرة لتمكنيها من التبول ، وظلت الحالة فى تحسن طيلة الثلاث ايام التى صاحبت الغسيل ، وفى خلال تلك الفترة اجريت لها موجات صوتية للصدر وعلم اهلها بانها نظيفة ، اضافة لموجات صوتية اخرى ل (الكلى) اجريت خارج المستشفى حيث اخبرهم الزوج النتيجة وهى ان (الكلى) ليست بها ضمور ، بل عادت لنشاطها بنسبة 89% وانخفضت (البولينا) من معدل 260 60 .
إنتكاسة
يوم الاثنين الموافق 22/8/ 2011م ، كانت (هوازن) على موعد ثان مع الآلم ، لانها تركت فى ذلك اليوم بدون غسيل ، وفى يوم الثلاثاء لم تغمض اجفانها ، وعاد ضيق التنفس لصدرها ، ولم تتمكن من (التبول) ، بل اخطر من ذلك فقد اصبحت هنالك كتل متجمدة من (الدم) تخرج من (الشرج) بدلاًمن (البراز) ، وبعد إيقاف الغسيل تم اخراج القسطرة وفى مساء نفس اليوم اعيد الغسيل مرة اخرى ولكن دون ان يطرأ اى تحسن فى الحالة ، تكرر الغسيل مساء الاربعاء ، ولكن تدهور الحالة استمرت حتى صباح الخميس الذى اجريت فيه عملية غسيل اخرى لها ، وفى الاثناء سألت احد (قريبات) المريضة عن طبيب الحالة فاخبرها الطبيب المناوب بانه موجود داخل المستشفى ، فاستفسرتها ما اذا كان سيناظر المريضة داخل غرفة الغسيل فكان رده انه لايعرف ، وفى يوم الخميس ذاته حاولت السستر اخذ عينة من الدم وبصعوبة بالغة اخذت العينة لان اوردة المريضة اصبحت ضعيفة حسب تعليق السستر ، ثحدثت (هوازن) بصوت واهن وقالت للسستر ان دقات قلبها غير طبيعية فوضعت السستر يدها على قلب (هوازن) الموجوع ، ثم هزت رأسها دون تعلق وعندما حل المساء اجريت عملية غسيل اخرى للمريضة مما اثار استغراب والدتها وجعلها تسأل عن سبب الغسيل مرتين فى يوم واحد ، فاخبرتها احدى السسترات عن السبب وهو تعطل الجهاز خلال عملية الغسيل الاولى (الفترة الصباحية) والتى استمرت ساعتين الامر الذى جعلهم يعيدونها فى المساء ، بعدها تم نقل (دم) للمريضة ، علماً بان طوال الفترة كان يخرج (دم مع البلغم فى غالب الاوقات ).اشتد الآلم على المريضة فظلت جالسة طوال الليل حتى فجر الجمعة الموافق 16/8/2011م وخلال ذلك الصباح حضر اليها الطبيب المناوب ليخبرها بوجود (مويه فى الرئة) .وحملت الى غرفة الغسيل كالعادة وكان ذلك فيما كانت عقارب الساعة تشير للعاشرة ، لم يمضى من الوقت غير نصف ساعة حتى اخذت انفاسها تهدأ ثم تهدأ الى ان سكنت للابد .
أدلة اتهام
لم تمت (هوازن) بل هدأت اوجاعها لان سيناريو الرحيل يحمل اكثر من علامة استفهام ، اهلها تلقوا خبر رحيلها كالصاعقة ، قالت والدتها التي لم تجف دموعها منذ تاريخ (الفاجعة) انها جهزت ابتنها في كامل زينتها للعمليه مخضوبة اليدين عروسا , ومن بين دموعها قالت انها ليست (كثيرة علي ربها) ولكن حالة الاهمال التى تعرضت لها ابنتهم المرحومة جعلتهم يتساءلون اكثر من سؤال ويضعون فى قفص الاتهام اليد التى اغتالت ابنتهم ، فبعد سردهم لتفاصيل الماساة طرحوا هذه الاستفسارت والملاحظات المدونة فى شكواهم المقدمة للمجلس الطبى ولنا فى صحيفة (الرأى العام) تاركين للمجلس تقدير الجانب الطبى للحالة باعتبارهم اهل للمسؤولية التى يسألون عنها يوم القيامة ... فبمداد من الحزن دون اهل المرحومة ملاحظاتهم التى حملت استفهامات عريضة كشفت أن المريضة حضرت يوم الجمعة وهى تعانى من التهاب اخبرت به الطبيب الذى سيجرى لها عملية (اطفال الانابيب) ولكن كان شغله الشاغل كان إجراء العملية وإستلام الاتعاب دون التفكير فى ما سيحدث للمريض . متساءلين هل تم اجراء فحوصات دقيقة للمريضة قبل التخدير مثل قياس ضغط الدم وغيرها وهل ذلك الطبيب مرخص له اجراء مثل تلك العمليات هذا اذا وضعنا فى الاعتبار ان ابسط اجراءات الفحص التى يخضع لها المريض قبل اجراء اى عملية لم يقم بها هذا الطبيب .. و ياترى هل كانت تلك العملية تحتاج لتخدير كامل ؟؟؟ .
يستمر اهلها فى صياغة ادلة الاتهام المطروحة من خلال الملاحظة والاسئلة ، متهمين الطبيب بالاهمال المتعمد لانه لم يهتم بحالة المريضة الصحية ، بدليل (السعال ) الذى ظهر بعد العملية ، والتى اكتفى الطبيب فى علاجه باعطاءحقنة مسكنة ومهدئة دون ارهاق نفسه بالبحث عن سبب (السعال) وطلب منها الذهاب لبيتها ، و رجوع المريضة فى اليوم التالى للمستشفى ووجود (دم) مصاحب (للسعال) مع الاعراض الاخرى والتى كانت تدل مؤشراتها على وجود جلطة (بالرئة) . هل كانت خافية على الطبيب تلك الاعراض ام ماذا؟ ... ترك المريضة بالمركزلمدة ثلاث ايام دون عمل اى شئ لها الم يكن هذا تقصيرا من الطبيب ومستشفاه وان كان غير قادر على تشخيص حالتها او معالجتها فلماذا ابقاها طيلة تلك الفترة ، وما الغرض من استدعاء طبيب من مستشفى احمد قاسم ، والاخير لماذا لم يقم بواجبه ، هل كان على علم مسبق بان المريضة فى حالة إحتضار ، و قام بنقلها لمستشفى احمد قاسم لتلقى اجلها بعيداً عن مستشفاه وبذلك يبعد المسئولية عنه .... ولماذا لم يقم الطبيب بنقل المريضة لاقرب مستشفى بهاخدمة طوارئ وعناية مكثفة ، واكتفى باستدعاء ذلك الطبيب الذى اكمل ما بدأه الطبيب الاول وذلك بوضعها داخل غرفة وتركا تموت موتا بطيئا طيلة العشرة ايام ، بمستشفى احمد قاسم والدليل على ذلك عدم وضعها بالعناية المركزة و اشرافه عليها شخصياً حيث (كانت عدد زياراته لها 4 زيارات بشهادة الجميع) ، وان اول زيارة له للمريضة كانت بعد ثلاث ايام من وصولها للمستشفى (يوم الجمعة) . ويستمر سيل الاسئلة من قبل ذويها الذين تساءلوا عن عدم احضار اطباء من تخصصات اخرى لمحاولة انقاذ المسكينة كطبيب القلب والنساء والتوليد وطبيب الصدرية والباطنية بماذا يفسر؟ خاصة وان شهادة الوفاء اثبتت ان سبب الوفاة هو توقف القلب و الجهاز التنفسى ، جلطة فى الرئة وفشل كلوى ... وقالوا: سالنا طبيب مستشفى احمد قاسم فى حضور (مدير المستشفى )عن سبب عدم وضع المريضة بالعناية المكثفة ، اجاب بانه لحظة وصول المرحومة لم يكن هنالك سرير فارغ بالعناية المكثفة ! فسالناه مره اخرى لماذا لم يخبرنا بذلك حتى نقوم بتحويلها لمستشفى اخر ، اجاب بان هذه الغرفة بها (مونتور) والعناية المكثفة بها (مونتور) وبذلك لا فرق بينهما ولكن يبدو بان الطبيب هو من يقرر بان الجناح الخاص يماثل العناية المكثفة ! ... ... عدم ارسال المستشفى محل العملية لتقرير طبى مفصل عن حالة المريضة خلال فترة وجودها عندهم ووصولها لتلك الحالة ماذا يعنى ؟ خاصة عندما قمنا بسؤال طبيب مستشفى احمد قاسم عن سبب حالة التى اصبحت المريضة كان يجيب بافتراضات (يمكن كانت المريضة تعانى من كذا قبل ذهابها للمستشفى او كان دمها ضعيف ) و..الخ .
للامانة الصحفية
فبعد سرد تفاصيل الماساة على لسان اسرة المرحومة (هوازن) لم نغلق باب البحث عن الحقيقة بحديث الاسرة حملنا تلك الاستفهامات وانطلقنا بها صوب المستشفى الذى دخلته بثوبها الانيق وعلى اناملها نقش الحناء ، كانها عروس فى ليلة زفافها ، الا ان الاقدار شاءت ان ترسم لها طريق اخر غير الفرح وهو الخروج من المستشفى محمولة على (نقالة) .. تصرخ من الالم .. وبعد بحث قصير عن عنوان المستشفى عثرنا عليها ومن ثم دلفنا الى الداخل نسأل عن الطبيب الذى اجرى العملية للمرحومة قادتنى موظفة الاستقبال الى مكتب المدير الادارى للمستشفى ، بعد ان اخبرتنى بان الطبيب الذى اقصده فى عملية ، دخلت على المدير الادارى وهى حسب حديث موظفة الاستقبال تكون زوجة الطبيب المعنى ، لم امكث وقتا طويلا فى تعريفها بغرض الزيارة ، حينها فاجاتنى بردا حاد يحمل سخطا على الموضوع الذى نود كشف حقيقة ما جرى من قبلهم وبعد الحاح منى بتحديد موعد مع الطبيب المذكور طلبت ترك رقم هاتفى لكى تقوم هى بالاتصال وحتى كتابة هذه السطور لم ى اتصال يفيد موافقتهم على اجراء المقابلة بخصوص الموضوع او الرفض .
وبما ان الامانة الصحفية تقضى وصول الاطرف المتعلقة بالموضوع ، حررنا خطابا لوزارة الصحة نطلب منهم السماح باجراء مقابلة صحفية مع الطبيب طرف القضية بمستشفى احمد قاسم ، ولكن اجراءات الموافقة لدى الوزارة المعنية تاخذ ردحاً من الزمان ، وايضا لاكثر من اسبوع لم نتلقى الرد على الخطاب ، لتكملة جوانب التحقيق حتى نستطيع الاجابة على الاستفاهم العريض (من قتل هوازن) .
الحقيقة الغائبة
ونحن فى متاهات البحث الشائكة كنا نبحث عن حقيقة اجراء عملية التخصيب خارج الرحم اى ما يعرف ب (اطفال الانابيب) داخل السودان وفى بالنا استفسارات عن مدى خطورتها ونسبة نجاحها وغيرها من الاسئلة وهل ماتت المريضة بخطأ طبى ام ماذا ؟ بحثنا ذلك مع الدكتور كمال عبد القادر إستشارى امراض النساء والتوليد والخصوبة / زميل الكلية الملكية لامراض النساء والتوليد لندن ، جلسنا اليه دون ان نفصح عن حالة (هوازن) التى قادتنا لطرق بابه فبدأ حديثه قائلا حسب ما طرحناه له من اسئلة .... بان طالبى علاج الخصوبة من الفئات العمرية التى تتراوح ما بين 25 40 سنة تعتبرعموما فئة ليست لها امراض مصاحبة (ضغط الدم والسكرى ) وغيره ، قائلا ان انواع الفحوصات التى تجرى لهذه الشريحة هى فحوصات تتعلق بعلاج الخصوبة مثل فحص(الهرمونات والموجات الصوتية للرحم والمبايض لمتابعة نمو البويضات ) ، وهنالك فحوصات عامة تبدأ بالكشف الطبى العام كفحص (البول ) للالتهابات والسكرى وللزلالى وغيره ، وهو ما يعرف بصورة عامة فحص (البول)عمومى ، ثم فحص صورة الدم ويتضمن نسبة (الهموقلبين) وكريات الدم البيضاء بانواعها و التى يمكن ان تشير الى وجود التهابات فى اى موقع بالجسم و فى حالة ارتفاع الكريات البيضاء ، يعتبر فحص (البول) عمومى وفحص صورة (الدم) اجراء روتينى لاى شخص يقدم على اى نوع من التخدير .
ويواصل د/ كمال حديثه حيث قال : تبدأ دورة علاج (طفل الانابيب) بالفحص الابتدائى ل (الهرمونات) ثم فحص للرحم والمبايض وعلى ضؤ ذلك يتم تحديد جرعة الدواء المقررة لتنشيط المبايض ، ويستمر حقن ادوية تنشيط المبايض ما بين 812 يوم ، تكون المتابعة خلالها بواسطة الموجات الصوتية للتأكد من عدد وحجم البويضات ، يتم زيادة او تقليل الجرعة الدوائية حسب استجابة المبايض وفى بعض الحالات تحدث استجابة زائدة من (المبيضين) ، مما يضطر الطبيب لايقاف ادوية تنشيط (المبايض) والغاء دورة العلاج حفاظاً على حياة المريضة ، وهى حالة تحدث فى حوالى 24% من دورات العلاج ، وفى حال استمرار العلاج يمكن ان تكون هنالك خطورة على حياة الام من (الهرمونات) الزائدة التى تفرزها (المبايض) ، وتكون الاعراض هى تورم فى الجسم وظهور مياه (استسقاء) بالبطن او الصدر وقد تؤدى هذه الحالة الى الفشل الكلوى واحيانا الى الوفاة .
ويذهب (كمال) فى حديثه بانه فى حالة الاستجابة المتوسطة لتنشيط (المبايض) ، يحدد اليوم لجمع (البويضات) وهى عملية يمكن ان تتم اما باعطاء دواء منوم ، او (تخدير) نصفى اى تخدير النصف الاسفل من الجسد والخيار الثالث هو التخدير الكامل ، وبصرف النظر عن الطريقة المستخدمة فى التخدير يتم فحص (البول) عمومى وصورة الدم كاجراء روتينى ... عملية سحب البويضات تتم عن طريق (المهبل) وتحت النظر المباشر فى شاشة الموجات الصوتية ، حيث يتم ادخال (ابرة) عن طريق (المهبل) الى داخل الاكياس فى المبيض ، ويتم سحب السائل الذى يحتوى (البويضات) ، العملية بكاملها تستغرق ما بين 1020 دقيقة ، واذا اجريت صحيحة فان درجة السلامة فيها عالية جداً باكثر من 99% ، وتقتصر مضاعفاتها على الآم بسيطة بسبب دخول (الابرة) الى داخل (المبايض) ، وقد يلاحظ نزول ال (دم) الخفيف من (المهبل) فى الساعة الاولى بعد العملية ، اما مضاعفات التخدير فتكاد لاتذكر ، فى الفئة العمرية التى سبق ذكرها ، وايضاً من المضاعفات النادرة دخول (ابرة) السحب فى غير موضعها مثل (المثانة) او (المستقيم) او احد الشراين والاوردة فى الحوض وفى الغالب هى مضاعفات مذكورة فى الكتب ، وقد لا تصادف الممارس طيلة حياته المهنية .
وفى نهاية حديثه قال د/ كمال ان خلال ممارسته لهذا المجال ، ثلاث سنوات فى السودان وقبلها خمسة عشر عاما فى انجلترا ان زملاء له تلقوا تدريبا عاليا فى هذا النوع من العلاج واسسوا مراكز متخصصة داخل السودان فانه وحسب علمه ان نتائج هذا العلاج فى السودان تقارن بالمراكز المماثلة لها فى العالم المتقدم .
فبعد حديث د/ كمال عبد القادر هل نستطع الاجابة على سؤال (من قتل هوازن) .
الراي العام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.