عاش الفنان محمد وردي علما على رأس هرم الغناء في السودان بل وأصبح فنانا اول لعموم افريقيا . رحل وردي وكان مبكاه ايضا علما هاديا للوصف حتى لمن لا يعرف اين يسكن ، فجموع النساء المغادرات الى الشارع العام بعد اداء واجب العزاء حائرات في الوجهة والهدف مما يشعر بفقد المصاب هذا اضافة للهلع البادي على وجوه بعض رموز المجتمع من ادباء وفنانين وكتاب وصحفيين من خلف مقود سياراتهم وهم مسرعون . وفي جانب الطريق كذلك يصف احد الشباب لمحدثه عبر الهاتف قائلا (دا مابجي تاني زول زيو) وواصل في الوصف والمسير, وعلى ناصيتي الشارع تقبع عربتا شرطة ذات الموقف مهابة . يمين باب المنزل، امتلأت خيمة النساء عن اخرها وامتدت جموع المعزيات على طول الشارع , واللافت في الامر ان عدد النساء الكبير تختلف فيه الملامح والسحنات مما يوضح عن كل تلك الجموع يربطها عشق وردي اكثر من انها رابطة دم ورحم , ولم تكن تجمع بينهن دموع وعويل لكن ثمة حزنا ووجوما ومحنة بادية على الوجوه , على ما يبدو كان حزن وردي اكبر من ان يترجم , اما باب المنزل فقد كان الوصول اليه بما يشبه التدافع , لتبدأ رحلة البحث عن الزوجة والبنات ، قابلتنا ابنته جوليا متوشحة بالسواد ويبدو عليها الاعياء والتعب وكأنها ستسقط مغشيا عليها فمصابها جلل وكذلك الحاجة زينب التي تتوسط سريرها بثوبها الابيض ومن حولها نساء يعددن مآثر الفقيد ويطلبن لها الصبر والسلوان . في بهو منزل الراحل محمد وردي ، تحكي صوره على الحوائط ذكرى ايام خالدة علقت بذاكرته ، ربما يكون اهمها او اكثرها توثيقا شهادة الدكتوراة الفخرية التي منحتها اياه جامعة الخرطوم ، وبصوره اكبر عن قريناتها احتضن احد الجدران وردي وهو يحمل شهادة جامعة الخرطوم . وكذا مشهد مماثل هذا اضافة الى صور تكريم له ،وصورة سلام يجمع بينه وبين سلفاكير ميارديت ، هذا بجانب مكتبته الخاصة والتي تأخذ حيزا كبيرا ، تحتضن كذلك داخلها كتبا وصور تكريم تجمع بينه وبين عدد من نجوم الفن والموسيقى والفكر. الصورة التي عكسها اختلاف الملامح والسحنات تشير ان مشروع وردي الجامع لثقافات السودان قد اتى اكله ، فوردي رمز الاستقلال الاول في السودان، تكمن اهميته في انه لم يكن يفكر موسيقيا فحسب ،بل كان لديه تفكير جمعي جعل من قضية الحب قضية جماعية وطنية جمالية انتصر فيها في الاخر وكسب قضيته على الاعتقال والهجرة ، وبذات الفهم الوحدوي بكته كل قبائل السودان الجارات والمعجبات قبل الاقرباء . رحيل وردي طوى صفحة كبيرة جدا في كتاب الوطنية , وفي فن الغناء مزج حب الوطن بحب المحبوبة . الراي العام