الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    على هامش مشاركته في عمومية الفيفا ببانكوك..وفد الاتحاد السوداني ينخرط في اجتماعات متواصلة مع مكاتب الفيفا    بعد رحلة شاقة "بورتسودان.. الدوحة ثم الرباط ونهاية بالخميسات"..بعثة منتخب الشباب تحط رحالها في منتجع ضاية الرومي بالخميسات    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    بعد حضور والده من المملكة.. جثمان التيك توكر السوداني جوان الخطيب يوارى الثرى بمقابر أكتوبر بالقاهرة ونجوم السوشيال ميديا يناشدون الجميع بحضور مراسم الدفن لمساندة والده    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبارك الفاضل يروي حكاية العلاقة بين حزب الأمة والحركة الشعبية..من البداية الدافئة إلى النهاية المتفجرة
نشر في الراكوبة يوم 30 - 03 - 2012


يرصدها ويحررها: أبو موسى الأشعري:
عندما نشر رئيس تحرير صحيفة «الاخبار» المتوقفة عن الصدور حاليا رد الله غربتها الاستاذ محمد لطيف حواراً كان قد اجراه منذ اكثر من حوالى سنتين مع زعيم حزب الأمة امام الانصار ورئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي خلال التحضير لمؤتمر جوبا بين الحركة الشعبية والقوى الوطنية الشمالية المعارضة في تلك الفترة، فإنه اعرب عن الدهشة لما وصفه بالمفاجأة التي حدثت أثناء ذلك الحوار لدى وصف السيد الصادق لابن عمه القيادي المنشق عن حزب الامة آنذاك مبارك عبد الله الفاضل المهدي، بأنه «شخص لديه مقدرة على التفرقة بين الزوج والزوجة في ليلة الدخلة»!!
مغزى ما أعلنه الصادق لهذه الصحيفة:
وبناءً على هذه الخلفية تجدر الاشارة لما ورد في الحديث الذي ادلى به السيد الصادق في الايام القليلة المنصرمة للمحررة النابهة صباح أحمد في هذه الصحيفة، حيث عاد للتذكير بوجود اتهامات ذكر أنها موجهة للسيد مبارك الفاضل من قبل بعض الاوساط والدوائر الناشطة والفاعلة في حزب الأمة والمناهضة لعودة مبارك الى الحزب، على النحو الذي جرى في الفترة الماضية، بينما ترى تلك الاوساط والدوائر المناهضة له ولعودته الى الحزب، انه انما ينشط على حساب الحزب ولصالح الحركة الشعبية التي ظل متحالفاً معها على المستوى الشخصي والموقف الفكري والرأي السياسي الخاص به، وبما يسمى بمجموعة الإصلاح التي يقودها في حزب الامة، حتى بعد ان اتجهت الحركة الشعبية الى فصل الجنوب عن شمال السودان بموجب الالتزام باتفاقية السلام المبرمة معها من جانب السلطة الراهنة الحاكمة في مطلع عام 2005م، ووفقاً لنتيجة الاستفتاء الذي جرى للمواطنين الجنوبيين بناءً على ذلك الالتزام في التاسع من يناير من عام 2011م الماضي. وكما أعلن الصادق المهدي في الحديث الذي أدلى به للمحررة النابهة صباح أحمد ونشرته هذه الصحيفة، فإن الاتهامات الموجهة لمبارك الفاضل من جانب الدوائر والأوساط الناشطة والفاعلة في حزب الأمة والمناهضة والمعارضة لعودته الى الحزب والرافضة لها، سيتم إخضاعها للتحقيق فيها من قبل اللجنة الرفيعة المستوى والعالية التأهيل التي تم تشكيلها برئاسة نائب رئيس الحزب اللواء «م» فضل الله برمة ناصر، وتكليفها بالنظر في إجراء معالجة لكل ما يجري بالحزب الحالي، بما في ذلك ما يثار بشأن مذكرات شبابية ساخنة مرفوعة للقيادة والزعامة العليا للحزب، وما يقال من جانب بعض القيادات التاريخية المخضرمة وذات الخبرة العميقة والعريقة في الحزب والتي ظلت تعرب عن عدم الرضاء عن التوجه السياسي الجاري والساري في الحزب، وما الى ذلك من القضايا والمسائل المماثلة التي تحتاج الى معالجة ناجعة في اطار التحضير لانعقاد الاجتماع المهم المقبل والمقرر للهيئة المركزية العامة بالحزب في السابع من أبريل القادم.
عودة للحكاية في رواية مبارك الفاضل:
وبناءً على هذا أيضاً تجدر الاشارة الى ان مبارك الفاضل كان قد روى اثناء الاجواء الخاصة بالتحضير لما يسمى بمؤتمر جوبا لقوى الاجماع الوطني الذي دعت له الحركة الشعبية واستضافت فيه بمدينة جوبا في سبتمبر 1010م القوى الوطنية الشمالية المعارضة للسلطة الراهنة الحاكمة آنذاك، القصة الكاملة من وجهة نظره لحكاية العلاقة بين حزب الامة والحركة الشعبية من البداية الدافئة الى النهاية المتفجرة، كما جاء في صحيفة «أجراس الحرية» التي نقلت عنه روايته المثيرة لهذه الحكاية في اعدادها الصادرة بالخرطوم آنذاك وقبل حظرها وإيقافها عن الصدور في الفترة اللاحقة للإعلان عن الانفصال بين الجنوب والشمال، والاقرار الرسمي لذلك، والاعتراف به على الصعيد الوطني الداخلي والمحيط الاقليمي والدولي على المستوى الخارجي، وذلك علي النحو التالي:
هل هو عداء شخصي بالفعل؟!:
في عددها الصادر في الخرطوم بتاريخ 16 نوفمبر 2008م وتحت عنوان: سيناريو التجافي والخصام في علاقة حزب الامة والحركة الشعبية، نقلت صحية «اجراس الحرية» آنذاك عن مبارك الفاضل قوله «إن «موقف الصادق العدائي من الحركة الشعبية سببه عداؤه الشخصي مع الراحل د. جون قرنق». وقد ذكرت «أجراس الحرية» في ذلك الحين أنه «نظراً لأن الحركة الشعبية وحزب الامة من القوى السياسية الكبيرة، وكذلك نظراً لحالة الفتور والتوتر الذي يسود العلاقة بينهما منذ خروج حزب الأمة من التجمع الوطني الديمقراطي للمعارضة السابقة في المنفى، وأيضاً نظراً لحالة عدم الثقة بينهما في فترة الديمقراطية الثالثة الممتدة من عام 1985م وحتى استيلاء سلطة الانقاذ الوطني القائمة على السلطة في عام 1989م، والتي كانت نتيجتها الابطاء بعملية السلام في ذلك العهد الديمقراطي، فقد أردنا أن نفتح ملف هذه العلاقة، ونقف على أسباب ذلك التوتر والتجافي والخصام من وجهة نظر قيادات في الحزبين، وذلك بداية بتسليط الضوء على فترة ما بعد الاطاحة بالعهد الديمقراطي في انقلاب الثلاثين من يونيو 1989م، الذي جاء بالحكم الحالي الى سدة مقاليد السلطة».
وتضيف الصحيفة استناداً إلى الرواية التي ادلى بها لها مبارك الفاضل في تلك الفترة بناءً على وجهة نظره لما جرى في حكاية العلاقة بين حزب الأمة والحركة الشعبية، أنه بعد الانقلاب العسكري الذي اتى بسلطة الانقاذ الوطني الى سدة مقاليد الحكم في عام 1989م، سعى مبارك الفاضل إلى التحالف السياسي والعسكري مع الحركة الشعبية والاتفاق على ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي المعارض الذي يدعو لمحاصرة النظام الانقلابي واستعادة النظام الديمقراطي بناءً على مقررات كوكادام لعام 1986م، لقيام المؤتمر الدستوري والإصلاح الاقتصادي وإعادة هيكلة الجيش السوداني وأجهزة الأمن ومراعاة التوازن الإقليمي والاثني في الجيش.
إشارة للبداية الدافئة:
وتشير الصحيفة إلى أن الطرفين الممثلين لحزب الامة والحركة الشعبية وافقا على تلك الوثيقة والتزما بالتعامل المشترك للوصول لبرنامج موحد يوم 29 يناير 1990م، وذلك بعد أن تكوّن وفد من الخريجين مثله من جانب الحركة الشعبية رئيس وفدها عضو القيادة العسكرية العليا حينها جيمس واني، إضافة للعضو المناوب في القيادة السياسية والعسكرية العليا د. لوال دينق، وعضو الوفد ماريو مورمور. ومن جانب حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي الذي اتصل بقيادات الحركة الشعبية في إثيوبيا بعد أن خرج من السودان عقب الانقلاب العسكري والاطاحة بالحكومة المنتخبة عام 1989م، حيث طرح عليه التحالف الاستراتيجي كحد اقصى او التعاون والتنسيق كحد ادنى.. وبعد ذلك طلب مبارك حسب الافادة التي ادلي بها من حزب الامة موافقة مكتوبة وموثوقة باعتبار ان مثل هذه القضايا لا تقبل المغالطة على حد قول «الصحيفة أجراس الحرية» .. ويواصل مبارك الفاضل بقوله كما ورد في الصحيفة أنه تلقى حينها وثيقة مكتوبة من الحزب بخط الصادق المهدي وموقعة باسمه الحركي وهو «عبد الواحد»، مؤكدة في تلك الفترة مبدأ التحالف الاستراتيجي.
ويضيف مبارك أنه بناءً على ذلك وقعنا اول مسودة لقاء سري مع الحركة الشعبية في ديسمبر 1989م، وقد اشتملت تلك الوثيقة على الدعوة لاسقاط النظام الذي اقامه الانقلاب العسكري على الحكم الديمقراطي في ذلك الحين واستبداله بنظام ديمقراطي آخر، اضافة لإعادة بناء الجيش القومي على قاعدة التوازن الاقليمي والاثني، وضم جيش الحركة الشعبية للجيش القومي، ووقف العدائيات ما بين جيش الحركة وقبائل التماس، واقامة علاقات طيبة مع هذه القبائل.. وقد نشأت بيننا والحركة علاقة نموذجية عززناها بتلاحم الشباب في حزب الأمة معها، حيث ارسلنا «13» من الخريجين ليدرسوا بالكلية الحربية للحركة الشعبية في تلك الفترة، وتخرجوا ضباطاً علي يد د. جون قرنق في ذلك الحين، وهم من مختلف مناطق السودان.
قصة اتفاقية شقدوم:
ويضيف مبارك الفاضل في روايته التاريخية الموثقة في صحيفة «أجراس الحرية» عن وجهة نظره ورؤيته لحكاية العلاقة بين حزب الأمة والحركة الشعبية، انه تم آنذاك وبناءً على بداية هذه العلاقة، تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي السوداني المعارض في الخارج، واسسنا له أول إذاعة كانت تبث لمدة ساعة في اليوم من العاصمة الاثيوبية اديس ابابا في ذلك الحين.. وفي عام 1994م، توصل الطرفان إلى «اتفاقية شقدوم» باعتبارها اتفاقاً سياسياً بين حزب الامة والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، وذلك تحت توقيع كل من د. عمر نور الدائم القيادي الراحل عن حزب الامة، وسلفا كير ميارديت عن الحركة الشعبية، حول ترتيبات الفترة الانتقالية، وحق تقرير المصير للجنوب.. وقد كانت أبرز حيثيات اتفاقية شقدوم كما يرى مبارك الفاضل الالتزام بوضع حد للنزاع المسلح، وقيام الوحدة الوطنية في السودان على العدالة، والاعتراف بتكريس النظام الاصولي الاسلامي للتفرقة الدينية.
إشارة مهمة لما جرى في إريتريا:
ويشير مبارك الفاضل الى ان الرحل قرنق كان قد حضر التوقيع على اتفاقية شقدوم بين حزب الامة والحركة الشعبية.. ويضيف أن تلك الاتفاقية التي وقعها القيادي الراحل عن حزب الامة د. عمر نور الدائم مع سلفا كير هي التي اسست لاتفاق اسمرا للقضايا السودانية المصيرية، ومكنت من عقد مؤتمر التجمع الوطني الديمقراطي السوداني بالعاصمة الاريترية في تلك الفترة.. ويضيف الفاضل انه ود. عمر نور الدائم كانا قد وصلا سراً بعد شقدوم الى العاصمة الاريترية اسمرا لعقد مباحثات سرية مع الرئيس الاريتري أسياس أفورقي، حيث اقترحا عليه دعوة زعيم الحركة الشعبية وملهمها ومرشدها آنذاك د. جون قرنق، كما اقترحا ايضا دعوة المرشد الختمي زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي السيد محمد عثمان الميرغني، وذلك لوضع أسس العلاقة مع اريتريا من جانب القوى الوطنية السودانية الممثلة للمعارضة آنذاك.. ويضيف مبارك أن الرئيس افورقي أرسل لي هاتفه الخلوي لكي يتسنى الاتصال بجون قرنق في ذلك الحين، وذلك على النحو الذي تم بالفعل، حيث اخبرت د. جون في ذلك الاتصال الهاتفي به عبر الهاتف الخلوي للرئيس الاريتري، بالاختراق الذي حققناه في إريتريا، ولأن الثقة كانت قوية لم يتردد د. جون قرنق نتيجة لذلك في الحضور مباشرة الى أسمرا، حيث حضر المؤتمر الأول للمعارضة السودانية في العاصمة الاريترية آنذك، رغم انه لم تكن له علاقة مع الجبهة الشعبية الحاكمة باريتريا في تلك الفترة.
الكشف عن سر مثير وخطير:
ويكشف مبارك الفاضل عن حقيقة مثيرة وخطيرة ومهمة، وهي أن الراحل قرنق كان هو اول من اقترح خروج الصادق المهدي من السودان الى الخارج في نهاية 1996م، حتى يبتعد ويتفادى أن يقع رهينة في يد السلطة الحاكمة في الخرطوم مع بداية العمليات العسكرية لتحالف المعارضة السودانية الشمالية والجنوبية ممثلة في التجمع الوطني الديمقراطي السوداني المعارض من المنفى بالخارج في ذلك الحين.. ويقول مبارك إن د. جون قرنق حملني رسالة للصادق المهدي آنذاك قائلا له لقد قمت بالواجب في الداخل وآن الأوان للخروج استباقا للتطورات العسكرية المزمعة في شرق السودان، حيث قرر التجمع الوطني الديمقراطي للمعارضة الشمالية المتحالفة مع الحركة الشعبية فتح جبهتين في كسلا والنيل الازرق عبر اريتريا وإثيوبيا.
عودة للعلاقة المتفجرة:
ويشير مبارك الفاضل الى ان التوترات في العلاقة بين حزب الامة والحركة الشعبية بدأت في عام 1998م، بين الصادق المهدي ود. جون قرنق بعد طرح الاخير للكنفدرالية ورفض الاول لذلك الطرح.
وقد نشر الصادق رفضه لما طرحه قرنق في مقال بصحيفة «الشرق الأوسط» العربية الصادرة في العاصمة البريطانية لندن. وبعد أن أعلن حزب الأمة موقفاً مختلفاً عن موقف التجمع الوطني الديمقراطي السوداني الممثل للمعارضة من المنفى في الخارج، ورجح خيار العودة اللاحقة إلى الداخل والعمل على توسيع هامش الحريات آنذاك، ثم خرج من التجمع المعارض في الخارج، ظلت علاقة الحزب والحركة الشعبية في حالة من السجال باستمرار بين قمة هرمي القيادة. وفي عام 1999م تم تبادل رسائل سجالية بين الصادق وقرنق حول التاريخ المرير في العلاقة بين شمال وجنوب السودان. وقد نُشرت هذه الرسائل في كتاب أصدره حزب الأمة عن الرسائل المتبادلة بين الصادق المهدي ود. جون قرنق. وهو الامر الذي جعل المراقبين يسمون توتر هذه العلاقة بأنه شخصي، والسبب الحقيقي وراءه هو الصراع على قيادة التجمع الوطني الديمقراطي السوداني للمعارضة.
ما بعد نيفاشا:
ويضيف مبارك الفاضل أنه بعد اتفاقية نيفاشا للسلام المبرمة بين السلطة الحاكمة في الخرطوم والحركة الشعبية في مطلع عام 2005م، اخذ الخلاف شكل النقد من الصادق المهدي لهذه الاتفاقية، وهو أن اتفاقية نيفاشا جاءت لأجل التمكين الثنائي للحركة الشعبية والمؤتمر الوطني الذي لا يعبر عن الشمال السوداني ككل، كما ان الحركة الشعبية لا تعبر عن الجنوب ككل، وان المظالم تنتظم جهات السودان كلها وليس الجنوب السوداني بمفرده، وانه لا بد من مراعاة نصيب السلطة والثروة بالكثافة السكانية.. كما عاب الصادق على اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل أن سقفها يلزم الجميع حتى الذين لم يوقعوا عليها.. وعلى حسب التحليلات السياسية عن كثير من المحللين كما يضيف مبارك الفاضل فإن توترات هذه العلاقة بين حزب الأمة والحركة الشعبية سببها انعدام الثقة بحكم الخلافات القديمة وترسباتها. ويرى مبارك الفاضل أنه ووفقاً لمثل هذه التحليلات فإن هذه العلاقة لا يمكن أن تتحسن قريباً طالما أن الصادق ينتقد اتفاقية نيفاشا التي لا تقبل الحركة نقدها.
هل هو صراع أجيال في حزب الأمة؟!
ويرى مبارك كما ورد في صحيفة «أجراس الحرية» أن الصادق المهدي نقض الوثيقة المكتوبة بخط يده للعلاقة الاستراتيجية بين حزب الامة والحركة الشعبية، بعدما اعتبرها تكتيكية وسرعان ما تنكر لها. ويواصل مبارك قائلاً إن استمرار الصادق في قيادة حزب الامة «45» عاماً ترتب عليه انه مارس كثيراً من الممارسات الماضية في العلاقة مع الجنوب، ومنها كتابه الذي نشره في ستينيات القرن الماضي، ودعا فيه إلى أسلمة الجنوب كحد لأفق هذه العلاقة، وهو ينطلق الآن في موقفه من الحركة الشعبية من تلك الخلفية التي تتجسد حول الشخصنة، وحديثه الذي عنى شخصي وصرح فيه بأن قرب مبارك الفاضل من الحركة الشعبية يبعده من حزب الأمة منطلق من قضية شخصية، وهو بذلك اختصر حزب الأمة في شخصه وخصوماته دون مراعاة لمصلحة القاعدة الحزبية في غرب السودان ووسطه وحزام السافنا المتاخم للجنوب من قبائل البقارة وقبائل رفاعة وكنانة التي تشكل 50% من القاعدة الحزبية، ومصالحه مرتبطة بجنوب السودان حيث تعيش هذه القبائل ستة شهور، بالجنوب، اضافة الى التمازج والتزاوج مع قبائل الجنوب، وهذا غير التجارة والمنافع والمصالح المشتركة التي يرى مبارك أن اي قيادي في حزب الامة يجب عليه ان يراعيها، كما قال في روايته لحكاية علاقة حزب الأمة بالحركة الشعبية من وجهة نظره التي ورد فيها قوله: اننا بوصفنا جيلاً جديداً في السياسة السودانية نحترم العهود التي نوثق لها بيننا وبين الإخوة الجنوبيين لتأسيس دولة مدنية سودانية قائمة على المواطنة لا الدين والعرق.
ولنا عودة لهذه الرواية المثيرة وحكاية مبارك الفاضل في حزب الأمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.