بيونس أيرس - إريكا إيجلر- يكون إنجاب طفل بالنسبة للكثيرين أكثر من مجرد تلبية للحاجة البيولوجية للتكاثر، فالرغبة في الحصول على طفل تحمل في طياتها آمالا ذات طبيعة شخصية واجتماعية ودينية، وهذا هو السبب في أنه عندما يعجز الزوجان عن إنجاب أطفال يمكن أن يتحول الأمر إلى مأساة تؤدي إلى الإحباط والاكتئاب وربما إلى الطلاق. غير أن التقدم الذي حققته العلوم الطبية اليوم نجح في إيجاد حلول للعقم، ويتأثر بالعقم الذي صنفته منظمة الصحة العالمية كمرض ما يتراوح بين 12 إلى 15 في المئة من الأزواج. ويشمل الإنجاب عن طريق المساعدة الطبية جميع أنواع العلاج والإجراءات التي تتضمن التعامل مع البويضة غير الناضجة والحيوانات المنوية لتهيئة الظروف للإخصاب أو لنمو الأجنة لتحقيق الحمل. وأقل الوسائل التقنية تعقيدا تشمل حفز التبويض ويوصى بها في حالات اضطرابات الخصوبة عند المرأة، وتتضمن هذه الوسيلة إعطاء دواء هورموني لحفز نمو عملية التبويض وزيادة فرص حدوث الحمل كما تتضمن التلقيح الاصطناعي الذي يتم عن طريق إدخال الحيوانات المنوية مباشرة إلى الرحم لتسهيل مرورها عبر عنق الرحم. ومن بين أكثر الأساليب الفنية تعقيدا وربما الأكثر شهرة هي التخصيب عن طريق الأنابيب، ويشمل هذا الأسلوب الإخصاب بدمج كل من البويضة والحيوانات المنوية خارج الجهاز العضوي للجسم، ويقوم الأطباء بعد ذلك بنقل أي جنين يتخلق إلى داخل الرحم حيث يغرس الجنين نفسه بشكل تلقائي. وقبيل عملية التخصيب داخل الأنابيب تتلقى المرأة علاجا لتحفيز عملية التبويض يقوم على مواد هرمونية معدة معمليا، ويقوم الأطباء باستخراج البويضات الناضجة ثم تخصيبها بالحيوانات المنوية. وأصبح هذا الأسلوب متاحا منذ عام 1978، وهذا هو العام الذي تمكن فيه كل من العالم البريطاني روبرت إدواردز وطبيب النساء والولادة باتريك ستيبتو بعد إجراء كثير من الأبحاث ومحاولات فاشلة لا تحصى من إتاحة ولادة أول طفل أنابيب وكان المولود هو الطفلة الشهيرة لويزي براون. ومنذ ذلك الحين تم ولادة نحو أربعة ملايين طفل عن طريق الأنابيب، أما لويزي براون نفسها فقد ولدت عام 2006 طفلا حملت به بطريقة طبيعية، وفي عام 2010 حصل العالم إدواردز على جائزة نوبل في الطب تقديرا لإسهاماته في علاج العقم وإتاحة الإنجاب. وثمة طريقة بديلة للحمل وهي إنضاج البويضة في الأنابيب وهي عملية تسمح بنضج الحويصلات الحاملة للبويضات غير الناضجة داخل الأنابيب، وفي هذه العملية يستخلص الأطباء الحويصلات الحاملة لبويضات غير ناضجة والسماح لها بالنمو إلى أن تصل إلى المرحلة المناسبة للتخصيب، وهذه الطريقة تجنب المرأة العلاج الهرموني. وإذا كان الرجل هو السبب في عدم الإنجاب وثمة مخاوف من عدم قدرة الحيوانات المنوية على تخصيب البويضة فلا داعي للقلق فقد طور علماء الطب طريقة تخصب البويضة عن طريق حقنها بالحيوانات المنوية باستخدام مادة بالخلية، ويقوم الأطباء باستخراج البويضات من المرأة ثم تخصيبها تحت ظروف المعمل عن طريق حقن حيوان منوي واحد داخل كل بويضة. وعلى الرغم من التطور التقني المستخدم في كل أسلوب فإن الإنجاب عن طريق المساعدة الطبية يعد عملية محفوفة بالمشكلات وعادة ما يحتاج إلى محاولات كثيرة قبل تحقيق النجاح. وخلال الأعوام الأخيرة كان هناك عدد من الحالات في العالم المرتبطة بالإنجاب عن طريق المساعدة الطبية التي أثارت اهتمام وسائل الإعلام وطرحت قضايا معنوية وأخلاقية خطيرة. وكان الأطباء في السابق قد نقلوا أجنة متعددة أملا في أن واحدا منها سيزرع نفسه داخل الرحم ولكن هذا الأسلوب أدى غالبا إلى ولادة التوائم مع ما يواكب ذلك من مشكلات صحية خطيرة بالنسبة للأطفال الرضع والأم، وقلص الأطباء الآن عدد الأجنة التي تنقل إلى الرحم إلى إثنين أو أربعة. وفي عام 2009 ولدت أم بدون زوج في ولاية كاليفورنيا الأمريكية ثمانية أطفال مما أثار الجدل حول تقنية الإنجاب عن طريق المساعدة الطبية عندما يتعلق الأمر بالآباء الذين يعيشون بمفردهم والآباء المثليين أو الآباء المسنين، وتتعلق القضية الأخلاقية أو الطبية بما إذا كانت عملية التخصيب في هذه الحالات تقع حقيقة في قائمة المرض التي حددتها منظمة الصحة العالمية. وعلى سبيل المثال قامت السلطات الإيطالية عام 2011 بانتزاع طفل تم إنجابه بوسائل اصطناعية من والديه، وكانت الأم تبلغ من العمر 58 عاما والأب 70 عاما لأن السلطات قدرت أن الأبوين سيموتان في وقت قريب دون أن يتمكنا من تربية طفلهما تاركين الطفل يتيما، وحدثت واقعة مماثلة في أسبانيا. وتقدم التطورات الطبية في مجال الإنجاب عن طريق المساعدة الطبية مزيدا من الخيارات لتحقيق أحلام الأبوة والأمومة غير أنها في الوقت ذاته تفتح باب المناقشات حول هذه القضايا الأخلاقية المهمة والحاجة لتجنب إساءة معاملة الأطفال، وثمة فراغ قانوني حول هذه المسائل في كثير من الدول اليوم.