في سابق العهود كان الناس يتحلقون حول الرادي بعد الإفطار لتناول وجبة درامية غاية الروعة تتمثل في دهباية علي البدوي المبارك ولم يكن الناس في بوادي وحضر السودان يعرفون وسيلة ترويحية غير الاذاعة وكانت تفي بالغرض ويقوم الناس بعدها الى تراويحهم ومن ثم يختمون ليلة سمرهم بالمسلسل المصري اليومي وبرغم قلة المواعين الإعلامية التي تقدم فيها هذه الوجبات إلا انها كانت توفي حاجات الناس وتسد مساحة الخيال لديهم. الشاهد ان المواعين قد كثرت وتعددت الوجبات الدرامية من على خارطة الفضاءات ونحن بدورنا قدمنا مائدتنا للناس تمثلت في اكثر من ثمانية قنوات فضائية (لا تسمن ولا تغني من جوع (القومي, النيل الازرق, الشروق, هارموني, ساهور، طيبة قوون، ايبوني, الأمل, زول) واذا استثنينا القنوات الدينية او شبه الدينية (طيبة وساهور) واضفنا اليهم (البث التجريبي) الامل وايبوني فإن النتيجة هي صفر اكبر من (جبال كرري) على مستوى البرامج والافكار الرائعة فكل ما حدث ان بعض القنوات قد استثمرت نجاح اغاني واغاني وقامت باستنساخ الفكرة من خلال (بنات حواء) وبعض البرامج الغنائية الاخرى التي تعتمد على حشد المغنواتية في استديوهات تجمع الغث والسمين وهو نضوج كبير على مستوى تجسير العلاقة بين القنوات امعانا في (التواصل الرمضاني) لكن الشيء الاكثر وضوحا ان هناك مشكلة كبيرة في هذه القنوات فالواضح انها تعاني من (عقم افكاري) فالمقارنة معدومة بين قنواتنا وبين القنوات الاخرى التي تحتشد بالوجوه المبدعة وبالبرامج الهادفة والشيقة وهو الاتجاه العكسي الذي تسير فيه قنواتنا الفضائية ولو طرحنا الاستار عن الجسد المتهالك لافكار المنتجين في هذه القنوات لوجدنا العجب العجاب فقناة قوون مثلا اكثر ما تجيده هو الإعادة والتكرار الممل ولنأخذ اللقاء التوثيقي الذي اجري مع الامين البرير فقد تمت إعادته بصورة تدعو للضجر هذا الى جانب البرامج الرتيبة والارتباك الواضح في الخارطة البرامجية والذي أدى بدوره لإصابة المتابعين لهذه القناة (باللواية) نتيجة لتداخل الافكار الانتاجية حتى تشابهت علينا بقرة القناة هل هي رياضية ام قناة منوعات فنحن لا نعرف قناة رياضية متخصصة تكون المسلسلات المصرية ونقل صلاة التراويح من الحرم المكي ضمن خارطتها البرامجية (الآنية) على الاقل وحالة التوهان هذه تعيشها ايضا قناة (زول) فهي تعيش (ربكة أم العروس) منذ اطلالتها فما قدمته من اغاني اثيوبية وارترية لم نشهده في قنوات هذه الدول هذا (كوم) لوحدة وفرح المزيعات (كوم) تاني ما نتمناه ان تعيد ادارة القناة النظر في التسمية من (زول) الى أي اسم يتحمل هذه الجوطة البرامجية.. أما قناة هارموني فهي تعاني حقيقة من فقر أفكار وتجلي هذا الامر في تقلص ساعات البث في اليوم الاول من رمضان والذي (صعد نازلا) مع مرور الايام هذه القناة قدمت بنات حواء وهو صورة كربونية فكرية لاغاني واغاني وان كان مختلفا نوعا ما من ناحية (الجندر) عدا هذا البرنامج لم تقدم هارموني أي شيء يذكر الشروق قدمت خيمتها وتوقفت عند (تواشيح النهر الخالد) الذي اضاف الى القناة قيمة حوارية عالية الجودة وهو من نوعية البرامج التي يكون فيها المقدم هو النجم الاوحد مهما كان الضيف حيث يعود الق النجاح الى (كارزما) الفنان حسين خوجلي وهو امر يذكرني بتسجيلات اللاعبين فهنيئاً للشروق بحسين خوجلي (لاري كنج) السودان. القناة القومية لم تخرج من هذه المضيق وفقدت اكثر ما كان يميزها في هذه الشهر وهو البرامج التي تعقب الافطار وفقدت بريق مسابقة رمضان التي تأتي ضمن الخارضة الزمنية لهذه الفترة واعتقد ان النيل الازرق سرقت (الزمن) الذي يعقب الافطار من القناة القومية. الشيء الاكثر وضوحا هو ان اغلب هذه القنوات قد التزمت بالجرعة الدينية فقط وفقدنا بصورة واضحة (برامج خارج الاستديو) في اغلب القنوات اما لو تحدثنا عن (البث التجريبي) فاعتقد ان من اهم مرتكزات البث التجريبي هو الوقوف على فعالية وجودة البث ومن ثم ترغيب وسرقة المشاهدين من القنوات الاخرى بالبرامج الجاذبة لكن ايبوني والامل تقاسمتا المساحة بين الجرعة الدرامية للامل وبرامج الحوارات واللقاءات الفنية لايبوني وان كانت الاخيرة قد تفردت بتقاريرها المتنوعة. لازلت اعتقد ان هناك مشكلة كبيرة على نطاق انتاج الافكار التي تشد الناس للتسمر امام هذه القنوات واعتقد ان جلها يفتقر لثقافة الاستبيان التي بموجبها تحدد حاجة مشاهديها. امير ادم حسن