بدأت قصة والي القضارف كرم الله عباس بجدال عاصف شهده مكتب وزير المالية الاتحادي على محمود ظهر يوم الثلاثاء الماضي وخرج على اثره والي القضارف غاضبا..كرم الله مضى الى ولايته ودعى لاجتماع طاريء للحكومة العريضة التي تحمل في جوفها واحد واربعين دستوريا..كرم الله اخبر وزرائه انه سيحل الحكومة بسبب عدم ايفاء المركز بتعهداته في صرف استحقاقات ولاية القضارف المتراكمة منذ العام 2007..منطق كرم الله ان المركز اجبره على تشكيل حكومة عريضة ارتفع تكلفة مرتباتها نحو اربع اضعاف من سابقتها..فكرة كرم الله كانت تشكيل حكومة تصريف مهام من عدد محدود من الوزراء والمعتمدين. غضب في الخرطوم واكثر من خيار. في الخرطوم صدمت القيادة بالتصريحات الغاضبة لوالي القضارف التي هاجم فيها الحكومة المركزية ولوح بالتمرد..اكثر المسئولين غضبا كان السيد رئيس الجمهورية الذي كان قد وجه كرم الله سرا وعلنا بالاحتكام للمؤسسات وعدم اللجوء الى الاعلام..القيادة في الخرطوم فكرت في عدد من الخيارات من بينها اعلان حالة الطواريء في القضارف في الموجة الثانية المفترض اعلانها قريبا وعبر ذلك يمكن للرئيس ان يصدر مرسوما جمهوريا يطيح فيه بالوالي كرم الله كما حدث في ولاية النيل الازرق ..السيناريو الثاني اضطلعت به الامانة المسئولة عن ولايات شرق السودان وفيه يتم الترتيب مع نواب المؤتمر الوطني في المجلس التشريعي بالقضارف لاقالة الوالي عبر اغلبية الثلاث ارباع..هذا السيناريو كان مهددا بالشعبية الطاغية التي يجدها الوالي كرم الله في ولايته مما يصعب مهمة ايجاد الاغلبية اللازمة..كما ان هذا الخيار يمكن الوالي من ترشيح نفسه مرة اخرى وفوزه يؤدي الى المجلس التشريعي ومن ثم احراج الحكومة وكذلك هذا الخيار يحتاج الى وقت طويل. السيناريو الثالث رتب له النائب الاول علي عثمان محمد طه ويقوم على المفاوضات وعدم استفزاز الوالي كرم الله..بناءا على ذلك تم ابتعاث وفد يرأسه الشريف ود بدر الذي تربطه صلة وثيقة بالوالي كرم الله وضم كذلك رئيس مجلس الولايات الفريق ادم حامد واللواء طيار عبدالله صافي النور..مهمة الوفد استكشاف نوايا الوالي كرم الله ومن ثم سحبه للخرطوم للاجتماع مع الشيخ على عثمان..الوفد نجح في اقناع كرم الله بالعودة الى طاولة الحوار بالخرطوم ووضع خارطة طريق لحل المشكلات بين وزارة المالية وحكومة القضارف. في بيت علي عثمان. بدأ أمس الخميس وعقب صلاة المغرب اجتماع في منزل على عثمان بضاحية الرياض..الاجتماع ضم النائب الاول والوالي كرم الله وبعض السياسين في المركز والقضارف من بين الحضور الشريف ود بدر والفريق ادم حامد واللواء صافي النور بالاضافة لمدير مكتب النائب العميد ابراهيم الخواض..النائب الاول طلب من الوالي كرم الله العودة الى القضارف واعلان تشكيلة حكومته ثم الذهاب في اجازة طويلة الى خارج السودان للنقاهة والاستشفاء والابتعاد عن ضغوطات العمل..على ان يتم حل المشاكل العالقة في غيبة الوالي. الوالي يرفض ويقدم حلا!! كرم الله وبعد الاستماع الى طرح النائب الأول تحدث مؤكدا ان في عنقه بيعة للسيد رئيس الجمهورية وانه يكن احتراما كبيرا للسيد النائب الاول وان التزامه الطويل بالحركة الاسلامية يجعله مستوعبا ان القيادة في الخرطوم ترغب في تنحيه وانه مستعد لذلك..السيد النائب الاول فوجيء بعرض الوالي كرم الله واشار برأسه الى صواب الفكرة..هنا يطلب كرم الله ورقة وقلم من احد مساعدي النائب الأول ويخط استقالته التاريخية. لا لشطب كلمة ..!! مساعد النائب الاول لاحظ ان الوالي كرم الله برر استقالته برغبة القيادة وحاول اثناء الوالي عن التعبير المحرج الا ان كرم الله رفض ان يعدل حرفا في استقالته التي احتوت كلمات قليلة جدا. وداع رسمي.!! بعد ان ترجل كرم الله من منصبه ران صمت داخل الصالون..بعدها تحدث كرم الله حديثا صريحا..اخبر الحضور انه سيظل وفيا للحركة الاسلامية وانه اختار مولاة المؤتمر الوطني والابتعاد عن الشيخ حسن الترابي بناءا على نصيحة احد الفقهاء الذي افتى بحق السلطان ذو الشوكة في النصرة..بعدها قام الوالي المستقيل من مقعده وتبعه السيد علي عثمان حافيا الى خارج الصالون..كرم الله في منتصف الدار اقسم على الشيخ ان يعود لضيوفه ثم شد على يديه داعيا له بالتوفيق. الرئيس في الصورة..!! بعد ان باتت الاستقالة بين يدي النائب الاول تم ابلاغ الرئيس ودار نقاش دستوري ان كان من حق الرئيس تكليف وال لحين اجراء الانتخابات..اتفق الحاضرون على ان يسير المهمة نائب الوالي الضو الماحي لحين انتخاب وال جديد. الوالي يغلق هواتفه..!! بعد ان اصبحت الاستقالة في حكم الواقع اتج كرم الله الى منزل شقيقه محمد عباس بحي الرياض واغلق هواتفه وطلب من مساعديه عدم الرد على اى هاتف بحجة انه يريد ان يستريح بعد ان ازاح الامانة من على عاتقه..اقرباء الوالي المكستقيل ضربوا طوقا من العزلة على رجل يرفض ان يهدا ويعشق خوض المعارك.