مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    وفاة وزير الدفاع السوداني الأسبق    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حركات التغيير السودانية : تحارب «البشير» بالأمل
نشر في الراكوبة يوم 19 - 07 - 2012

لا ترى أعين قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان أية مظاهرات لا في العاصمة ولا غيرها! تشهد بذلك تصريحاتهم في الفضائيات العربية والعالمية التي ترسم مشهدًا سياسيًا واجتماعيًا للدولة يجعل منها واحة للتسامح والتعايش السلمي بين النظام والمعارضة.
وعلى أرض السودان تجري وقائع أخرى يتصدي فيها طلاب الجامعات لمحاولات قوات الشرطة والأمن لاقتحام جامعاتهم لوقف المظاهرات، ويكسرون الحصار بالخروج بمظاهرات مفاجئة، تضافرت معها فيما بعد مظاهرات شعبية خرجت من أحياء ستة مدن سودانية حتى الآن، مشيرة لواقع سياسي مختلف عما ترسمه الأجهزة الإعلامية الحكومية وتصريحات قيادات السلطة الحاكمة في السودان.
«المصري اليوم» ذهبت إلي الخرطوم لترصد في هذا الملف واقع المشهد السياسي والاقتصادي الذي يمر به السودان منذ أعوام وصولاً للانتفاضة الحالية التي استشهد وأصيب خلالها مئات المواطنين واعتقل ما يقرب 2000 مواطن خلال بضعة أسابيع.
في الحلقة الأولي من هذا الملف تقدم الجريدة صورة قلمية لديكاتور السودان «عمر حسن البشير» أحد أبطال الأزمة الأخيرة، وتقدم في المقابل رصدًا ل3 حركات سودانية مولودة في الشارع، تواريخ ميلادها مختلفة لكن يجمعها هدف واحد: إسقاط نظام الرئيس عمر البشير.. حركات تجاوزت في أحلامها عجز الأحزاب التقليدية التي سرعان ما تدخل في تحالف مع النظام مقابل حقيبة وزارية حسبما يقول أحد مؤسسي حركة "جرفنا" أو قرفنا
حركة «قرفنا» السودانية، تم تأسيسها فى أكتوبر 2009، وهدفها: حركة مقاومة شعبية سلمية من أجل إسقاط المؤتمر الوطنى.
ثلاثة حركات سودانية مولودة في الشارع.. تواريخ ميلادها مختلفة لكن يجمعها هدف واحد: إسقاط نظام الرئيس «عمر البشير». تجاوزت تلك الحركات في أحلامها عجز الأحزاب التقليدية التي سرعان ما تدخل في تحالف مع النظام مقابل حقيبة وزارية!
«قرفنا»: الولادة في 2009 على مقهى
في نهايات عام 2009، ومع بدء الإعداد للانتخابات الرئاسية المنتظرة في 2010، جلس «ناجي موسى» مع اثنين من أصدقائه على مقهى بمسقط رأسهم بمدينة «ودنوباوي» ب«أم درمان». كانت هناك آمال منعقدة على إمكانية التغيير السلمي للنظام عبر صناديق الانتخاب. ولما كان حزب «المؤتمر الوطني الحاكم» يحشد كل إمكانياته، بما فيها وسائل الإعلام المملوكة للدولة، لتوجيه السودانيين نحو إعادة اختيار الرئيس السوداني المشير «عمر البشير»، قرر ناجي وصديقيه أن الوقت لم يعد يتسع لانتظار ما ستسفر عنه اجتماعات الأحزاب المعارضة من اقتراحات للتحرك السياسي.
سنوات عمل ناجي وأصدقائه ضد نظام البشير وجبهة الإنقاذ دفعتهم لاتخاذ قرار بالتحرك نحو توعية المواطنين للمشاركة. يقول ناجي: «لم يكن القرار متعلقًا بحفز الناس على المشاركة بالتصويت فقط، بل كان الهدف هو دفعهم للخروج للتصويت ضد المؤتمر الوطني وإسقاطه».
في الجلسة نفسها التي تمت في أكتوبر 2009 استقر الأصدقاء الثلاثة على كلمة «جرفنا» أو «قِرفنا» اسمًا لحركتهم الوليدة، وصاغوا لها شعارًا يحمل هدفها: «حركة مقاومة شعبية سلمية من أجل إسقاط المؤتمر الوطني».
ترك ناجي المقهي ليكتب منشورًا صغيرًا، قام بتصوير عدة نسخ منه على نفقته الخاصة، وبخمسة جنيهات سودانية فقط كان لديه مائة نسخة من منشوره الأول الحامل لاسم وشعار «جرفنا».
يقول ناجي: «لم يكن من الممكن انتظار تحرك الأحزاب. فالأحزاب في السودان رغم ثقلها التاريخي والجماهيري لا تنهض في مواجهة الحزب الحاكم، وتفضل التصالح معه مقابل حقيبة وزارية أو اثنتين». لهذا اختار الأصدقاء الثلاثة كلمة تعكس السخط الشعبي باللغة الدارجة بعيدًا عن «لغة الأحزاب المتكلفة التي تتعالى على الناس».
فوجئ الناشط الشاب وأصدقاؤه بأن الناس يتلقفون منهم المنشورات ويعيدون تصويرها وتوزيعها على أصدقائهم وجيرانهم في أحياء بعيدة. واللافت أن أول من تحمسوا لمنشورات «جرفنا» كانوا من كبار السن الذين تبرع بعضهم بجنيهات قليلة لصالح تصوير المنشورات.
تحركت كرة الثلج تدريجيًا، وبحلول ديسمبر كانت منشورات «جرفنا»، المطبوعة على أوراق برتقالية اللون ضئيلة المساحة، تجري ترجمتها من متطوعين إلى لغات محلية في غرب السودان وجنوبها ومنطقة الوسط فيها. وكان أول ناشط في «جرفنا» يلقى القبض عليه مسن يبلغ من العمر ستين عامًا، وهو تاجر في سوق أم درمان قبض عليه أثناء توزيعه منشورات الحركة المنادية بإسقاط الحزب الحاكم بجوار متجره في السوق.
يقول ناجي: «قبل الانتخابات التي انتهت بفوز الحزب الحاكم ومرشحه عمر البشير، كان النظام يحاول التظاهر بكونه نظام ديمقراطي يقبل المعارضة. وبمجرد انسحاب أحزاب المعارضة والمرشحين المنافسين للبشير وإعلان فوزه في الانتخابات انهارت سماحة النظام مع معارضيه، وبدأ قمع المعارضين وخاصة من الشباب الذين يعملون خارج إطار الأحزاب التقليدية».
لم تتوقف جرفنا بعد الانتخابات رغم الإحباط الذي أصاب قطاعات واسعة من الشعب السوداني، خاصة بين الشباب. ورغم تزايد وتيرة القمع والتضييق الإعلامي ومنع المحامين من الحضور مع من يلقى القبض عليهم من نشطاء «جرفنا» وغيرها من الحركات التي توالى ظهورها.
يقول ناجي: «بسبب عملنا ضد النظام قبل الانتخابات في محاولتنا لإنهاء حكم البشير وحزب المؤتمر الوطني عبر صناديق الانتخاب تضررت حياتنا الأكاديمية، وأُنهكنا تعبًا واعتقالاً، ورغم كل المجهودات التي قام بها من تحمسوا لأفكار الحركة في مناطق مختلفة من السودان، عادت الاتفاقات والمساومات بين القوى السياسية الرسمية. لقد بنينا مجهودنا على أمل التغير السلمي عبر انتخابات نزيهة، فلا كانت الانتخابات نزيهة، ولا أثمر مجهودنا شيئًا».
هذه الأفكار اليائسة سريعًا ما جرى تجاوزها مع تذكر حقيقة أن مواطنين غير نشطين سياسيًا تحمسوا لأفكار «جرفنا» وساعدوا على نشرها، فاستمرت الحركة في العمل وعقدت مؤتمرًا في الرابع عشر من مايو 2010 عقب إعلان نتائج الانتخابات، أكدت خلاله على استمرارها في العمل السلمى «لإسقاط النظام»، وبدأ كوادرها في التواصل مع مواطنين سودانيين يعانون من «عنصرية النظام»، لتحيى الحركة في مرتين متعاقبتين ذكرى مجزرة كاجابار (مجرزة جرت في منطقة السدود وسط السودان) ومجزرة «بورسودان»، فبادر النظام إلى توسيع رقعة الاعتقالات والتركيز على أعضاء «جرفنا» ممن انضموا إليها من دارفور وجنوب كردفان ومنطقة السدود والنيل الأزرق، مما دفع «جرفنا» إلى التركيز على قضية العنصرية في السودان، وتوزيع منشورات تنبه المواطنين للمصطلحات العنصرية التي يستخدمونها في حياتهم اليومية ضد العرقيات السودانية غير العربية.
وقبل أشهر قليلة من انفصال الجنوب، كان نشطاء الحركة في شطري السودان يتعاونون سويًا في حملات «السلام والمصالحة» للتقريب بين أبناء الجنوب والشمال ودعم جهود الوحدة.
لم تتوقف الحركة عن العمل في جهود المصالحة الوطنية ولا دعواتها لإسقاط النظام، ولم تتوقف الاعتقالات كذلك، ومع الدعوة لثورة سودانية في الثلاثين من يناير 2011 كان شباب «جرفنا» من المبادرين للمساعدة في الدعوة والحشد والمشاركة، وعندما أعلنت الحكومة السودانية عن خطتها للتقشف ورفع الدعم عن المحروقات والسلع الأساسية، استعدت «جرفنا» للحركة الشعبية المتوقعة، لتكون الحركة التي مثلت أولى الحركات الشابة ذات الفكر السياسي الجديد في السودان، واحدة من أهم الحركات التي بادرت ودعمت الانتفاضة الشعبية الجديدة باعتبارها حلقة في سلسلة جهودها لإسقاط النظام.
«شباب 30 يناير»: مولود ألهمته ثورات تونس ومصر
«لن نعلن عن حزب سياسي بآليات وقوانين النظام، هذا اعتراف منَا بشرعية تلك القوانين».. بعبارته الحاسمة تلك ينقل عبد العزيز كمبالي أحد مؤسسي حركة «شباب 30 يناير السودانية» وعضو اللجنة العليا للحزب الديمقراطي الليبرالي وجهة نظره وزملائه من مؤسسي الحزب للمصري اليوم.
يؤكد كمبالي أن اللعب بالقواعد التي يفرضها النظام يعني التسليم بالفشل سياسيًا، لهذا اعتمدت حركة 30 يناير التي شارك كمبالي في تأسيسها منذ البداية مناهجًا مختلفة في العمل السياسي السلمي، بدأت بالتأكيد على علانية العمل والكشف عن أسماء وصور أعضائها دون أية محاولات للتخفي، رغم ما يقود إليه ذلك من تسهيل مهمة اعتقالهم لنشاطهم المعارض للنظام.
بعد خمسة أيام فقط من انطلاق الثورة الشعبية في مصر في الخامس والعشرين من يناير، وجد كمبالي وزملاؤه في الحزب أن نجاح الثورة التونسية في الإطاحة ببن علي، وما تلاها من نجاح للثورة المصرية في الحشد وإرباك حسابات النظام، قد تقود في حالة استقدام الآليات نفسها لنجاح مماثل أو قريب في السودان.
عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك والمدونات السودانية جاءت الدعوة ل«ثورة 30 يناير». طالب شباب الحزب وعدد من آمنوا بالفكرة وشباب «ممن ملّوا تكلس الأحزاب» سكان الأحياء بالخروج في مظاهرات تطالب بإسقاط نظام البشير، لتسارع حركتي التغيير الآن وجرفنا (التي ألفت العمل السياسي قبل ما يقرب من عام ونصف) إلى المشاركة في الدعوة والحشد، لينجح اليوم نجاحًا محدودًا يصفه كمبالي بقوله: «لم ينجح اليوم في تحقيق أهدافه قي إسقاط النظام/ وهذا يعد فشلاً. ولم ينجح في إحداث حشد يقلق النظام كمًا، وقد يعد هذا أيضًا فشل. لكن الحقيقة أن اليوم نجح في إقلاق النظام فعلاً. فلأول مرة منذ سنوات يخرج شباب ونساء ورجال سودانيون لا ينتمون للحركة الطلابية ولا العمالية، وغير مسيسين تمامًا، ليواجهوا رصاص وقنابل الأمن وهم مهيئين نفسيًا تمامًا لما هم مقبلين عليه من عنف. لقد عاود السودانيون كسر حاجو الخوف وسقطت هيبة نظام الحركة الإسلامية الحاكم في هذا اليوم».
رفعت الحركة ثمانية مطالب في وثيقتها «ترتيبات الإعداد للثورة السودانية» من بينها: «إسقاط نظام عمر البشير وزبانيته، انشاء حكومة وحدة وطنية تتولي عمل مؤتمر دستوري جامع وبرنامج إجماع وطني يستوعب قضايا كافة الولايات السودانية وتتولى عقد انتخابات نزيهة خلال عام واحد، وقف العنف ضد المواطنين السودانيين في دارفور وكافة ربوع الوطن، محاسبة المسئولين عن جرائم العمف والفساد، إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات».
كان الوضع شبيه بالأيام الأولى للثورة في مصر. فعلى فيس بوك توجد نشرة واضحة بأماكن الخروج للتظاهر ومواعيد التجمع. وفي المقابل، كان الأمن ينتظر وكان الناس يعرفون بانتظاره. ورغم ذلك تحمس آلاف منهم للخروج في مدن عدة.
اتساع النطاق الجغرافي للاستجابة للدعوة، رغم قلة عدد المستجيبين بالمقارنة بمصر وتونس، لم تحبط الداعين من شباب 30 يناير والحركات الأخرى. يقول كمبالي: «لم يكن هذا وقت الإحباط. نحن أدركنا أننا تحت مظلة مصر. كان الناس يخرجون من أعمالهم ويهرعون إلى البيوت لمتابعة ما يحدث في ميدان التحرير. كانت قلوب السودانيين معلقة بالميدان وتنتظر النصر مثل المصريين تمامًا. وهذا يعني أن العمل المستقبلي سيؤتي ثمارًا. الاهتمام بما حدث في مصر، وما شهدناه في السودان يوم 30 يناير، أكدا أن السودانيين متعطشون للتغيير وينتظرون لحظة تحققه».
استمر شباب ثلاثين يناير في العمل من خلال أحزابهم المشهرة رسميًا وتلك غير المشهرة، بالإضافة لحركات التغيير الشابة التي ينتمون إليها على مدار العام ونصف العام المنقضي. كانوا يعلمون أن هناك شيئًا ما سيحدث. فالغضب مستمر في الاحتشاد.
ومع انفصال الجنوب وبدء التراجع الاقتصادي، بدت فرصة التغيير قريبة. يقول كمبالي: «الاختناقات الاقتصادية لا تفجر وحدها الثورات في السودان. فقد تكررت هذه الاختناقات في 2008، فلجأ النظام لزيادة الضرائب وتقليل الدعم، لتنهض مظاهرات انضمت إليها الأحزاب الرسمية، وانتهت بمفاوضات حصلت من خلالها تلك الاحزاب على حقائب وزارية ولم ينتفض الشعب وقتها. هذه المرة الأمر مختلف. فالشعب خرج للشارع ليردد بوضوح «ياخرطوم ثوري ثوري ضد الحكم الدكتاتوري»، وصار نداء «الشعب يريد إسقاط النظام» يتردد في الشارع وخارج الجامعة. هذه المرة الأمر مختلف، والأمل يجد ما يسانده».
يقول كمبالي في مدونته «دفاتر 30 يناير» بتاريخ 31 مارس 2011: «إننى أدّعى أن 30 يناير لم تكن مجرّد إحتجاجات معزولة قام بها شباب متحمّسون، بل كانت رسالة قوية وواضحة للمواطنين السودانيين فى كل مكان كما هى للطغمة الشمولية الحاكمة، مفادها أن جيلاً جديداً قد أمسك بزمام المبادرة وتجاوز كل الأشكال القديمة للعمل والأنماط القديمة من الأفكار. لقد فتحنا فى 30 يناير – من جديد – بوابة كبيرة للأمل مشرعة فى وجه الظلمة واليأس. فهنيئاً لشعبنا بفجرٍ طال إنتظاره، وليعلم الطغاة أن ساعتهم قد أزفت».
«التغيير الآن»: الهدف هو إسقاط النظام
محمد عبدالرازق أبو بكر غير متزوج، ولا يهتم كثيرًا بإخفاء شخصيته رغم التهديد الدائم بالتعرض للاعتقال. ولأنه غير متزوج، فقد قبل بترحيب بالغ أن يكون متحدثًا إعلاميًا باسم حركة «التغيير الآن» التي يختصها جهاز الأمن الوطني والمخابرات السوداني بنصيب وافر من المطاردات والاعتقالات.
تشكلت الحركة في بدايات يناير من عام 2010، أي بعد ثلاثة أشهر فقط من تكوين حركة «جرفنا». وقد أعلنت من البداية أن هدفها هو إسقاط النظام.
ساهمت الحركة منذ بدايتها في العمل على إسقاط نظام البشير عبر صندوق الانتخابات، وشاركت في دعم «ياسر عرمان»، مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان للرئاسة والمنافس الاقوى للبشير في انتخابات 2010.
تقول «ت. م» عضو الحركة للمصري اليوم: «ككثير من الشباب أصبنا بالإحباط لما شهدته الانتخابات من صفقات. ولكن تاريخ شباب الحركة في العمل السياسي قبل تكوين «التغيير الآن» جعلنا نستجمع قوانا سريعًا. فمن المفهوم أن البشير ونظامه لن يتركا الحكم بسهولة ولن يسمحا بما يعتبره البشير «خروجًا مهينًا» عبر صندوق الانتخاب».
شاركت الحركة في الجهود الشابة للتغيير التي استمرت منذ ذلك الوقت مستعينة بما يصفه محمد أبو بكر ب«التركيبة العنقودية غير المركزية للعمل». فالحركة لا تعتمد على كوادر ثابتة، بل تبادر لدعم المواطنين الراغبين في التوعية بقضاياهم في مختلف أنحاء السودان، وتسهم في الربط بينهم ليعرف أبناء دارفور وأبناء شرق السودان وجنوب كردفان والنيل الأزرق وجبال النوبة، الذين يعاني كل منهم مشكلة نوعية مختلفة مع النظام، أن السبب في مشكلاتهم هو نظام البشير نفسه، وأنه هو العدو الوحيد، ولا ينبغي أن يكون أبناء السودان أعداء لبعضهم البعض.
هذه الفكرة البسيطة أسهمت في خلق شبكة عمل ترتبط بنفسها تلقائيًا بعيدًا عن أية أجسام تنظيمية مركزية، لتكون حركة التغيير الآن كما تصفها «ت. م» جسم يساعد على «التشبيك والعمل المشترك بين أبناء السودان لكنه لا قيادة له ولا دائرة مركزية»، فقط شباب يتطوعون للتنسيق والمساعدة، «وهو ما جعل النظام يدرك خطورة هذه الحركة ويطارد كوادرها بشكل خاص».
تقدم الحركة نفسها في بيانها التأسيسي بفقرة تعريفية طويلة تقول فيها: «نحن مجموعات من أبناء وبنات السودان منحدرين من كافة أقاليمه، مدنه، أريافه، بواديه، أديانه، أعراقه، تياراته وإثنياته المختلفة. التقينا من قبل في فصول الدراسة، ميادين كرة الدافوري، ورش العمل، و سقالات الطلبة. تشاركنا حلم العمل الشريف بعيدًا عن شبح البطالة، ونبش الهم اليومي لحال الوطن المائل في أحيائنا الصغيرة ومدننا وقرانا الفقيرة. مرة أخري إندمجنا تواصلاً مستفيدون من آخر ما أحدثته ثورة المعلومات والإتصالات في التواصل الإجتماعي».
وعلى عكس الحركات الشابة الأخرى تعلن «التغيير الآن» بوضوح أنه مع تحقق مطلبها الرئيس بإسقاط نظام المشير عمر البشير وحكومة الإنقاذ الإسلامية، ستتوجه كوادر الحركة لتأسيس حزب سياسي معلن يسهم في تحقيق آمال أبناء الحركة من مختلف الأقاليم السودانية بتحقيق الوحدة الوطنية المبنية على أسس المساواة والمواطنة.
ومع بداية الانتفاضة الشعبية الحالية في السودان نشطت المجموعات الجغرافية التي تتشكل منها «التغيير الآن» في الخرطوم وأم درمان وأحيائهما، وفي دارفور وعطبرة والغطارف، لتخرج مظاهرات بدأت صغيرة ومحدودة، لكن سرعان ما انضم إليها الآلاف، لتصبح الجهود الصغيرة للحشد للتظاهر التي قام بها شباب «التغيير الآن» و«جرفنا» و«30 يناير» في الأحياء، نقاط تفجر لمظاهرات شعبية صارت تخرج دون ترتيب أو إعداد مسبق، يوجهها غضب الشعب مما يراه فقرًا وفسادًا، ويحكمها مطلب لا تمسه أية مساومات «لإسقاط النظام».
المصري اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.