تحت هجير شمس الخرطوم الحارقة وفي شهر الصيام يجلس العم "موسى" وهو يتوسد قطعة من "كرتون" على البوابة الجنوبية لمسجد الخرطوم العتيق، ويستظل بأخرى عساها تقيه وهج الشمس، رص أمامه على الأرض بعناية قطع مساويك الاراك، في انتظار الزبائن ففي رمضان يكثر الاقبال عليها حيث يعتبر موسما رائجا لبيعها خاصة والبعض يتخوف من استخدام معجون الأسنان خشية أن يكون سببا في إفطاره. سألت العم "موسى" عن سعر المسواك فأجابني وقد تهلل وجهه بعد أن أعياه الجلوس تحت وهج الشمس الحارقة ، وأشار الى حزمتين من مساويكه " هنا ب 50قرشا وهنا ب جنيه" واتضح لي من سرعة جوابه ،ان حال السوق ليس كما يشتهي، وعندما سألته عن سبب غلاء المساويك؟، همهم قليلا وقال موجها حديثه لجاره "عليك الله اسأل عمك علي عن الاسعار"، واضاف " ياولدي اي حاجة في البلد دي أصبحت غالية". أردت تجاوز نقطة الاسعار قليلا في حديثي مع العم موسى ، الا أنه أراد أن يوصل لي رسالة محددة مفادها ان رفع الدعم الحكومي عن المحروقات والوقود أثر حتى على تجار المساويك بقوله : قبل فترة كنا نشتري الحزمة بخمسين جنيها , الا ان اسعارها تضاعفت هذا العام وأصبحت بمائة جنيه ويقولون إن تكلفة الترحيل ارتفعت. سألت العم موسى عن المناطق التي تأتي منها مساويك الاراك للخرطوم فقال: من شرق السودان وشمال كردفان في غرب السودان، ويتساءل هو أيضا عن السر وراء عدم الاقبال هذا العام على المساويك ثم يردف قائلا : والله السنة دي السوق ضعيف جدا !! .. وعن فوائد مسواك الاراك يقول عم موسى ان له فوائد عظيمة، فهو مطهر للفم وأوصى به الرسول الكريم . واستخدم الاراك في السواك منذ قديم الزمان وقبل استكشاف الفرشاة والمعجون بسنوات عديدة حيث جاءت لتسحب البساط عنه، غير ان فوائد مسواك الاراك تبقى كما اشار العلماء يتمثل بعض منها في ازالة الروائح الكريهة وتحسين إحساس التذوق بالاضافة إلى تقوية اللثة وتنشيط الدورة الدموية، وقد استخدمه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام. فقد ورد في الاثر ان الامام علي دخل على زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبصر في فمها عود أراك ( مسواك ) فأراد أن يلاطفها فأخذ المسواك من فمها ووضعه بين عينيه وقال: حظيت ياعود الأراك بثغرها ... أما خفت ياعود الأراك أراك لو كنت من أهل القتال قتلتك ... ما فاز مني ياسِواك سواك . البيان