عمان – فوجئت الأوساط المالية بإعلان عائلة عبد الحميد شومان استقالتها الجماعية من مجموعة البنك العربي، إحدى أكبر المجموعات المصرفية في الشرق الأوسط. وبدأت الأوساط تداول اسم رجل الأعمال الأردني صبيح المصري على انه سيكون رئيس مجلس الإدارة الجديد. وبعد انتشار خبر الاستقالة أو الانسحاب كما يحلو للبعض تسمية ما حدث، سرعان ما بدأ المحللون بنبش أبعاد هذه الاستقالة التي قد تكون لها تداعيات كبيرة على عدد كبير من المؤسسات المالية في المنطقة. وتوالت قراءات ما حدث بين أقطاب حملة الأسهم والسيناريوهات التي يمكن أن تتمخض عنها هذه الاستقالة. وقدم عبد الحميد شومان الاستقالة الجماعية للعائلة، في رسالة بعث بها إلى موظفي البنك العربي الخميس، أشار فيها إلى خلافات مع الرئيس التنفيذي وعدد من أعضاء مجلس الإدارة حول أسلوب إدارة البنك. وأوضح أن الأزمة بدأت حين نقل "ملاحظات عدد من مسؤولي البنك الذين قاموا، بكل جرأة وموضوعية، ببيان عدد من الأمور والقضايا الهامة التي قد ينجم عنها نتائج لا تصب في مصلحة البنك ولا تحقق أي تقدم أو تطور في سياسات وإجراءات العمل ولا في نتائج البنك المالية" على حد تعبير الرسالة. وقال شومان "تفاجأت وأصبت بخيبة أمل كبيرة حين تبين لي أن الأشخاص المناط بهم حماية مصالح البنك... كانوا هم نفس الأشخاص الذين لم يعيروا (الملاحظات) أي اهتمام، حيث لم يقم المدير العام التنفيذي بمناقشة هذه الملاحظات أو بيان وجهة نظره تجاهها، الأمر الذي دعاني إلى دعوة المجلس للاجتماع، لتدارس هذه الملاحظات وموقف المدير العام التنفيذي منها". وتابع موجها كلامه إلى موظفي البنك، لقد "جوبهت بردة الفعل ذاتها من نائب الرئيس ومجلس الإدارة... وعلى الرغم من أنكم قمتم بأخذ زمام المبادرة وتحملتم مسؤولياتكم بتبيان تلك الملاحظات الهامة، إلا أنني أجد نفسي مضطرا لإخباركم أن مديركم العام التنفيذي ومجلس الإدارة لم يقوموا بتحمل أعباء مسؤولياتهم القانونية بما يحمي ويحقق مصلحة البنك". وأوضح شومان أنه لا يستطيع "الاستمرار بالبقاء كجزء من مجلس الإدارة الذي يدير ظهره لموظفي البنك فيما يتعلق بمواضيع قد يكون من شأنها الإضرار بالبنك... ولا أستطيع الإبقاء على أي رابط مع هذه المجموعة التي لا تقيم وزنا لمصلحة البنك والمصلحة العامة". وعلى الطرف الآخر أفادت تسريبات أن عددا من كبار حملة الأسهم لم يساندوا عبدالحميد شومان، بعد نزاع دام شهرا مع المدير التنفيذي نعمة الصباغ. ونُسب إلى أحد كبار حملة الأسهم قوله هذا الاسبوع، بعد اجتماعه ب عبدالحميد شومان، "قررنا عدم دعم السيد شومان، بعد أن اشتكى الرئيس التنفيذي من تدخلاته في القرارات التنفيذية للبنك". ويأتي هذا التطور المثير بعد بيانات قوية أظهرت نموا كبيرا في أرباح البنك العربي في النصف الأول من العام الحالي. فقد حقق ارباحاً صافية بلغت أكثر من 360 مليون دولار أميركي، مرتفعة بنسبة 10 في المائة عما كانت عليه في النصف الأول من العام الماضي. ولا تدخل الاستقالة حيز التنفيذ لحين اجتماع مجلس الإدارة ليبت في أمر قبولها أو رفضها. ويرجح مراقبون أن تضع هذه الاستقالة نهاية لقيادة عائلة شومان للبنك العربي، الذي أسسه جدها، الذي يحمل أيضا اسم عبد الحميد شومان عام 1930. وذكرت مصادر مطلعة أن عائلة شومان لم يعد لها القول الفصل في البنك، وأن ميزان القوى أصبح يميل لتحالفات جديدة بين صبيح المصري نائب رئيس مجلس الإدارة وسعد الحريري، الذي تملك عائلته نحو 20 بالمئة من أسهم البنك. وأضافت المصادر أن هذا التحالف قرر منذ حين الإطاحة بشومان، وتوقعت أن يتولى رئاسة مجلس الإدارة صبيح المصري المدعوم بسعد الحريري وبعض اللوبيات الأخرى. ويذهب محللون إلى أن سبب الأزمة يعود إلى القرارات الفردية، التي كان يتخذها عبد الحميد شومان في إدارة المجموعة، التي تملك المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي السعودية نحو 15.5 في المائة من أسهمها. وكان شومان قد قام مؤخرا بتعين محافظ البنك المركزي الأردني السابق فارس شرف ليكونا إلى جانبه في معركته الداخلية. وقد دفع ذلك المحور الآخر للتعجيل بالاطاحة به، استباقا لأي هجوم يمكن أن يشنه عليهم. ويشير مراقبون الى أن الخلافات قد تكون لها صلة بدور البنك بهيكلة قروض لتمويل استثمارات كبيرة في قطاع العقارات في الأردن، وأن بعض تلك المشاريع تعود لعائلة الحريري. ويرى مسؤولون في البنك العربي أن المعركة قد تكون في بدايتها، ويرجعون ذلك إلى التأييد الواسع الذي تحظى به عائلة شومان بين موظفي البنك. وتداولت أوساط الحديث عن اعتصامات يجري تنظيمها أمام مقر إدارة البنك، احتجاجا على استقالة شومان، وللمطالبة بعدم تولي أحد من عائلة الحريري رئاسة مجلس الادارة. وهبط سهم البنك العربي بعد نبأ استقالة شومان بشكل حاد ليغلق متراجعا بنسبة 3.38 بالمئة، ويرى البعض في ذلك أن الأسواق تعتقد أن غيابه يمكن أن يضر البنك العربي. ويُعد عبد الحميد شومان أكبر وأهم شخصية اقتصادية في الأردن وفلسطين. يذكر أن للبنك حضور كبير في 30 بلدا، لديه فيها أكثر من 500 فرع.