كشف رئيس المفوضية القومية للخدمة القضائية جلال الدين محمد عثمان عن جرائم القتل العمد التي شهدتها البلاد في العام الماضي والتي بلغت 800 قضية كانت أعلاها في العاصمة وتلتها ولاية البحر الأحمر التي حلت ثانية في مفاجأة أثارت دهشة مواطني الولاية الذين لم يكونوا يتوقعوا أن ترتفع فيها جرائم القتل العمد، وذلك للاستقرار الذي يميزها بالاضافة الي ترابط نسيجها الاجتماعي وعدم وجود مسوغات منطقية وأسباب موضوعية تؤدي الي انتشار جرائم القتل العمد التي لم تكن مألوفة من قبل . ويقول محمد جعفر سكرتير اتحاد الكرة وأحد قادة المجتمع ببورتسودان ان ولاية البحر الأحمر تختلف عن كل الولايات الأخرى بانصهار كل أهلها في بوتقة واحدة شكلت مجتمعا مترابطا يسود بين منسوبيه الاحترام المتبادل، وحتي ان حدثت خلافات وهي بالتأكيد لا يخلو منها مجتمع تجد الحل ولا يذهب الخصوم بعيدا في خلافاتهم ،وأضاف : وأيضا نجد أن انسانها يمتاز بصفات وقيم كثيرة تفرده علي غيره وأبرزها روح التسامح التي تحول بينه والوقوع في الجرائم الكبرى كالقتل العمد ،وفي تقديري أن أرقام الجهاز القضائي توضح حقيقة أن هناك ظاهرة تستحق أن نقف عندها كثيرا وذلك لان ولاية البحر الأحمر تمتاز بخلاف صفات انسانها بالوضع الاقتصادي الجيد ويتوفر فيها الأمن والأمان وهناك وجود مكثف للشرطة في كل أنحائها ،ومنطق الأشياء يشير الي أن الولاية يجب الا تشهد مثل هذه الجرائم ،وحدوثها بالأرقام التي وضحها تقرير القضاء يعني أن واجب المجتمع والجهات الرسمية والأمنية يحتم دراسة الأمر من كل جوانبه لبحث أسبابه ووضع العلاج . من جانبه أرجع الأستاذ ابراهيم موسى ضرار مدير كلية الأمير عثمان دقنة أسباب انتشار ظاهرة القتل العمد بالولاية الي تفشي الفقر وشعور الكثيرين بالظلم الذي حاق بهم من جانب الدولة والذي يدفعهم لارتكاب الجرائم ،وأضاف: المدن الكبرى بالولاية وتحديدا بورتسودان شهدت مؤخرا ظاهرة نزوح من داخل وخارج الولاية وهذا الأمر قاد الي البطالة التي تؤدي بدورها الي خروج الانسان المحبط عن القانون في لحظة غضب فيرتكب جريمة قتل ماكان ينبغي ان يقع فيها ان كان وضعه المادي جيدا ،وبصفة عامة فان الظلم والفقر والتهميش من الأسباب المباشرة لانتشار جرائم القتل في الولاية ولابد من ايجاد علاج لمثل هذه الظواهر عبر العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر والجهل . ويقول الفريق شرطة عثمان فقراي ، ان جرائم القتل في ولاية البحر الأحمر فيما مضي كانت محدودة الي أبعد الحدود ولم تكن مألوفة واذا وقعت جريمة كان يهتز لها المجتمع بأثره، وقال انها كانت محصورة في الخلافات القبلية ، وأضاف ، مؤخرا شهدت الولاية تحولات كبيرة بداعي الهجرة من داخل وخارج السودان ودخول الثقافات المختلفة أدي الي تغير في السلوك فانتشرت الجريمة بسبب البطالة والمخدرات والخمر والعنف والانفعال السريع بسبب المؤثرات العقلية والنفسية لتفرز هذا الواقع الغريب والشاذ الذي لم يكن موجودا من قبل . وطالب فقراي الدولة بوضع مثل هذه الظواهر نصب اهتمامها وذلك لأنها تهدد المجتمع وتنذر بمستقبل قاتم ،وقال ان الدولة للأسف تضع مثل هذه القضايا في أخر اهتماماتها وينصب تفكيرها وجهدها بعيدا عن قضايا المجتمع. قد يعتقد البعض ان الأمر ليس بهذه الخطورة وقد تشير السلطات بالولاية الي ان جرائم القتل التي حدثت في العام الماضي لا ترقي الي مستوي الظاهرة التي تحتاج لدراسة ،ولكن تبقي الحقيقة أن هناك ثمة أمر خطأ جعل ازهاق الأرواح في الولاية هو الحل لحسم الخلافات التي كانت تحسم فيما مضي بالتسامح ،وحتي لا تصبح هذه الظاهرة مثل كرة الثلج يجب ان تجد اهتماما من حكومة الولاية والجهات الأمنية. صديق رمضان: