مع انتهاء التعاون قريبا بين الرئيس الأميركي باراك اوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون استسلما خلال آخر رحلة مشتركة لهما في آسيا خلال الأيام الماضية لمشاعر الحنين الى السنوات الحافلة بالأحداث والاضطرابات التي قضياها يعملان معا. وبقيت وزيرة الخارجية التي تستعد لترك منصبها والانسحاب من الحياة العامة كما تؤكد، ملازمة للرئيس ولم تفارقه البتة خلال جولتهما على جنوب شرق آسيا التي شملت تايلند وبورما وكمبوديا. وعند وصولهما الى رانغون الاثنين الماضي في زيارة تاريخية كانت الأولى لرئيس اميركي اثناء أداء مهامه، نزلا جنبا الى جنب درج الطائرة الرئاسية اير فورس وان ثم بعد ست ساعات صعداه معا للتوجه الى بنوم بنه. فقد قرر اوباما بحسب ما قالت أوساطه أن يجعل من هذه الرحلة الأولى الى الخارج منذ إعادة انتخابه جولة تشهد على مشاعر الصداقة التي يكنها لكلينتون بعدما تواجه معها في مبارزة شرسة خلال الانتخابات التمهيدية الديموقراطية للفوز بترشيح الحزب لانتخابات 2008. ولاحظ الجميع كيف أنه يلف ذراعه حول ظهرها حين يسيران معا او كيف خصها بالتكريم حين دعاها من بين الحضور فيما كان واقفا على شرفة منزل زعيمة المعارضة البورمية اونغ سان سو تشي. وأوضح بن رودس مساعد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض أن «ما عبر عنه الرئيس وما هو مقتنع به هو أنها لم تكتف بانجاز عمل رائع كوزيرة للخارجية، بل انهما أصبحا اكثر من شريكين، أصبحا صديقين مقربين». وأضاف «انها صداقة يثمنها عاليا جدا ويود الحفاظ عليها». وقضت كلينتون كامل الرحلة بين رانغون وبنوم بنه في مكتب الطائرة الرئيسية، وقال رودز إنهما امضيا الوقت «يتذكران السنوات الأربع الماضية». لكنه تابع «مثلما قاله الرئيس، لم يكن الأمر يقتصر على السنوات الأربع الأخيرة، فهما عاشا معا أمورا كثيرة على مدى خمس او ست سنوات». من جهتها، علقت كلينتون ردا على سؤال حول هذه الرحلة الأخيرة مع اوباما انها كانت «رائعة» لكنها كانت أيضا تحمل طعما «حلوا مرا، ومليئة بالحنين، كلها أمور يمكن توقعها». وكان اوباما أثار الكثير من الشكوك داخل فريقه حين اختارها لمنصب وزيرة الخارجية بعد الصراع بينهما لنيل الترشيح الديموقراطي للبيت الأبيض، لكن كلينتون أيدت مفهومه القاضي بتشكيل «فريق من الخصوم» واستخدمت النفوذ الذي جمعته كسيدة أولى ثم عضو في مجلس الشيوخ لتتولى ديبلوماسية البلاد بمهارة. وان كان البعض يرى من الصعب أن تنسب اليها نجاحات ديبلوماسية لافتة اذ ظل اوباما يمسك بحزم بزمام السياسة الخارجية، فالحقيقة أنها نجحت في غالب الأحيان في احداث وقع كبير. وبموازاة تحسن علاقاته مع وزيرة خارجيته، فإن اوباما تقرب ايضا من زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون الذي قدم له دعما علنيا كبيرا في سبتمبر خلال حملة اعادة انتخابه وشن حملة بلا هوادة ضد خصمه الجمهوري ميت رومني. وقال في هذا الصدد «وضعت صوتي في خدمة رئيسي»، في موقف يتميز كليا عن الغضب الذي أبداه قبل سنوات حين قضى اوباما على أحلام هيلاري كلينتون الرئاسية. وفي سياق الشأن الأميركي، نددت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس التي غالبا ما يطرح اسمها لخلافة هيلاري كلينتون على رأس وزارة الخارجية، أمس الأول بالهجمات التي «لا أساس لها» التي تعرضت لها مؤخرا من قبل الجمهوريين بعد تصريحاتها اثر الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي. وكانت رايس أعلنت في 16 سبتمبر امام قنوات التلفزيون الأميركية ان هجوم بنغازي «لم يكن بالضرورة اعتداء ارهابيا» بل كان نتيجة «تظاهرة عفوية انتهت بشكل سيئ»، وهو ما أقرت الادارة الأميركية لاحقا بأنه تفسير خاطئ للأحداث. وأثار تصريحها غضب الجمهوريين الذين يشتبهون ضمنا بأن الادارة حاولت اخفاء الطابع الارهابي للهجوم لغايات سياسية. وبعث نحو مائة عضو في مجلس النواب الأميركي رسالة الى الرئيس باراك اوباما لثنيه عن تعيين سوزان رايس خلفا لهيلاري كلينتون على رأس وزارة الخارجية، معتبرين انها ضللت الأميركيين حول هجوم بنغازي.