تظهر بيانات جديدة فوائد كبيرة لوقف استهلاك اللحم الأحمر أو الإقلاع عنه تمامًا واستبداله ببروتينات صحية. اطلعوا على التفاصيل ولا تترددوا في اتباع النصائح. س؟ فضلاً عن زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون وغيره من مشاكل صحية، يمكن للحم الأحمر أن يؤدي إلى الموت المبكر. كانت هذه الرسالة الواضحة التي توصل إليها بحث أخير تناول بيانات دراستين متواصلتين تجريهما منذ عقود كلية الصحة العامة في هارفارد وتشملان ممرضات واختصاصيين آخرين في حقل الصحة. فيبدو أن عبارة «استهلاك اللحم الصحي» قد تحوّلت إلى قول شائع يحمل تناقضات كثيرة. الدكتور فرانك هو أحد أبرز العلماء في هذه الدراسة وبروفسور متخصص في التغذية في كلية الصحة العامة في جامعة هارفارد، يقول في هذا الشأن: «تقدّم هذه الدراسة دليلاً واضحًا على أن تناول اللحم الأحمر بانتظام، خصوصًا اللحم المعالج، يساهم إلى حد كبير في الموت المبكر». كيف يجب أن نتفاعل مع هذا الاكتشاف الخطير؟ كم من اللحم يجب أن نتناول؟ وإن امتنعنا عن أكل اللحم الأحمر، بأي أنواع من البروتين يجب أن نستبدله؟ علاقة واضحة في هذه الدراسة التي نُشرت في 9 أبريل 2012 في Archives of Internal Medicine، تحقق فريق من باحثي هارفارد من الروابط الإحصائية بين استهلاك اللحم وسبب الوفاة. شملت هذه الدراسة نحو 84 ألف امرأة من دراسة صحة الممرضات و38 ألف رجل من دراسة الاختصاصيين العاملين في حقل الصحة التي تلتها. تبين أن مَن تناول كمية أكبر من اللحم في هذه الدراسة كانوا أكثر عرضة للموت في سن مبكرة أو للموت نتيجة مرض قلبي وعائي أو سرطان. كذلك كان هؤلاء أعلى وزنًا، أقل ممارسة للرياضة، وأكثر ميلًا إلى التدخين، مقارنة بالأشخاص الأصحاء في هذه الدراسة. ولكن حتى عندما ألغى الباحثون التأثيرات السلبية لنمط الحياة غير الصحي، ظلت العلاقة واضحة بين الوفاة واللحم. نتائج الدراسة بعد 28 سنة، توفي نحو 24 ألف شخص في هاتين الدراستين بسبب مرض قلبي أو سرطان ما. فما هي كمية اللحم التي تناولوها خلال حياتهم؟ وأي نوع من اللحوم؟ طلب العلماء من المشاركين في الدراسة أن يقدّروا عدد حصص اللحم التي يتناولونها. شملت اللحوم الحمراء غير المعالجة البقر، الغنم، والهامبرغر بحصص تعادل 85 غرامًا أو بحجم ورق اللعب. أما اللحوم المعالجة، فتتضمن الهوت دوغ، النقانق، البولونيا (نوع من المرتديلا)، وغيرها من أطعمة معالجة. تشكّل شريحة من هذه اللحوم الباردة حصة. أوضحت الدراسة أن كل حصة إضافية يومية من اللحم الأحمر تزيد خطر الموت بنحو 13%، ويرتفع هذا الخطر بنحو 20% إن كانت الحصة معالجة، كما في أطعمة مثل الهوت دوغ واللحوم الباردة. ماذا تعني زيادة 13% في «خطر الموت» (لكل حصة إضافية من اللحم الأحمر غير المعالج) للفرد؟ يقترح الدكتور والتر ويلت، عالم بارز في الدراسة ورئيس قسمَي الغذاء وعلم الأمراض في كلية الصحة في جامعة هارفارد، الطريقة التالية للنظر إلى نتائج الدراسة: «إن كان الشخص في الستين من عمره ويُحتمل أن يموت خلال السنوات الخمس والعشرين التالية، تزيد إضافة حصة يوميًّا خطر وفاته خلال هذه الفترة إلى 57%. أما إذا تناول حصتين يوميًّا، فيصبح الخطر 63%». بكلمات أخرى، يختلف تأثير الطعام غير الصحي باختلاف الفترة التي تبدأ فيها. تُظهر الدراسة أن تناول اللحم الأحمر يحمل ضريبة تزيد خطر الوفاة. لكن الحد من استهلاك اللحم الأحمر يعود أيضًا بفوائد على الشخص. فتناول أقل من نصف حصة (42.5 غرامًا) من اللحم الأحمر يوميًّا قد يحول دون الموت المبكر لواحد من كل عشرة رجال في الدراسة. خيارات صحية تشير الدراسة إلى فائدة أكبر إذا استبدلت اللحم بالحصص ذاتها من مصادر بروتين صحية، مثل السمك، الطيور، الجوزيات، الخضار، مشتقات الحليب القليلة الدسم، والحبوب الكامل. كانت النتيجة تراجع خطر الموت المبكر بنحو 7% إذا استبدلت اللحم بالسمك، 14% إذا استبدلته بالطيور، و19% بالجوزيات. ومجدداً يؤكد الدكتور ويلت أن خطر الموت يتراجع بوضوح عند اعتماد هذه البدائل. يذكر: «إذا كان الشخص يواجه خطر الموت بنسبة 50% خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة واستبدل حصة من اللحم الأحمر يوميًّا بالدجاج، يتراجع الخطر إلى نحو 42% أو إلى نحو 40% إذا استبدله بالجوزيات». قد يكون من الحكمة أن تحاول خفض استهلاكك اللحم الأحمر، إن لم تكن قد بدأت بعد. على الصعيد الفردي، قد يكون من الصعب توقع الفوائد بالتحديد، لكن يمكنك التأكد من أن الحد من تناول اللحم الأحمر، خصوصًا المعالج منه، سيعود عليك بفوائد كبيرة. يقول ويلت: «يُشبه اتخاذ قرارات مماثلة المراهنة على حصان فائز. صحيح أن الرهان قد لا يكون مضمونًا، إلا أنك تختار الحصان الأفضل». ولا شك في أنك ستكتشف أنك تستطيع الاستغناء عن اللحم.