تونس - ألغى الرئيس التونسي منصف المرزوقي زيارتين كانتا مقررتين هذا الاسبوع الى كل من بلغاريا وبولندا بسبب "الوضع الحساس" في تونس وهي على وشك أن تشهد اضرابا عاما هو الاول منذ 34 عاما حدده الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر اتحاد نقابي في البلاد) مبدئيا ليوم الخميس. وقالت الرئاسة في بيان الثلاثاء "بسبب الوضع الحساس الذي تمر به البلاد، وتصاعد التجاذبات السياسية، ولمتابعة المساعي من أجل تخفيف حدة الاحتقان بين الأطراف الوطنية، فقد قرر رئيس الجمهورية إلغاء زيارتيه الرسميتين لكل من بلغاريا وبولونيا المبرمجتين أيام 13 و 14 و 15 كانون الأول/ديسمبر 2012". وأضافت "سيتم ضبط مواعيد أخرى (للزيارتين) مع الدولتين الصديقتين بالطرق الديبلوماسية". ويواجه الرئيس التونسي المكبل بقانون للسلطات يمنحه صلاحيات تصرف قليلة، في مواجهة حكومة النهضة حليفه الرئيس في الحكم، أزمة سياسية واجتماعية تعصف ببلاده. ويسعى المرزوقي لمعالجة خلافات عميقة بين حزب النهضة الحاكم الفعلي في تونس، وعدد من معارضيه السياسيين وفي منظمات المجتمع المدني. وفي الرابع من ديسمبر/كانون الأول قرر الاتحاد التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية عمالية في تونس الدخول في اضراب اعام ردا على تعرض مقره الرئيسي في العاصمة تونس الى هجوم في الرابع من الشهر الحالي نفذه مئات من المحسوبين على "الرابطة الوطنية لحماية الثورة" وهي جمعية غير حكومية تقول المعارضة انها "ميليشيات" تابعة لحركة النهضة. ودفع إعلان الإضراب تونس إلى حالة من الاحتقان لم تشهدها منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين. وحاول الرئيس التونسي أن يتدخل بين الطرفين المتخاصمين لكن إصرار كل جهة على موقفها، ما يزال يعرقل الوصول إلى إلغاء الاضراب الذي يقول عنه خبراء اقتصاديون إنه يهدد بتعميق ازمة اقتصادية واجتماعية مستفحلة أصلا في تونس. ولم يسبق للاتحاد العام التونسي للشغل ان اعلن الاضراب الوطني العام الا مرتين، الاولى في 26 كانون الثاني/يناير 1978 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وترافق مع احداث دامية وقمع شديد من السلطات. اما المرة الثانية فكانت دعوة للاضراب العام لساعتين فقط يوم 12 كانون الثاني/يناير 2011 قبل يومين من سقوط نظام زين العابدين بن علي. وبينما كان الرئيس التونسي يحاول يمنة ويسرة لإثناء اتحاد التونسي عن موقفه، طالعه نبأ الهجوم الذي طال أحد القيادات الأمنية التونسية في منطقة فريانة التابعة لمحافظة القصرين على الحدود التونسيةالجزائرية. والاثنين قتل عنصر بالحرس الوطني يدعى أنيس الجلاصي (27 عاما)، وأصيب أربعة آخرون بجراح خلال مواجهات مع مجموعة مسلحة بمعتمدية فريانة الجبلية من ولاية القصرين قرب الحدود مع الجزائر. وقال التلفزيون الرسمي التونسي ان حالة احد المصابين "خطيرة". وبعد مرور أكثر من 48 ساعة على وقوع الحادث فشلت قوات الأمن والجيش التونسيين في القاء القبض على المهاجمين الذي يعتقد انهم من التيار السلفي الجهادي المتشدد. وقال المرزوقي إن وفاة انيس الجلاصي هي مأساة لتونس، مستدركا انها ستكون مأساة مضاعافة إذا ما تبين أن قاتليه هم من المتشددين التونسيين. وما تزال هوية المهاجمين مجهولة. وقال الامن التونسي الثلاثاء إنه عثر على بطاقة هوية جزائرية وشريحة هاتف محمول تونسي وبقايا اطعمة في مخيم اقامته غرب تونس المجموعة المسلحة التي قتلت عنصر الحرس الوطني (الدرك) التونسي. وقال المصدر ان المخيم اقيم قرب بلدة درناية بمعتمدية فريانة الجبلية من ولاية القصرين القريبة من حدود الجزائر وان وحدات خاصة من الامن والجيش التونسيين باشرت تمشيط المنطقة بحثا عن المسلحين. واضاف انه تم اغلاق 220 كيلومترا من حدود تونس المشتركة مع الجزائر باستثناء معبر "بوشبكة" بمعتمدية فريانة الذي أخضع لاجراءات مراقبة مشددة. وقالت وزارة الداخلية ان "عملية تطويق وتمشيط المنطقة (التي جرت فيها المواجهات) متواصلة للقبض على عناصر المجموعة المسلحة". ولم تعط الوزارة اي تفاصيل عن عدد افراد المجموعة وانتماءاتهم او الوجهة التي قدموا منها وتلك التي كانوا يقصدونها. لكن مصدرا امنيا قال ان حارس شركة للتنقيب عن النفط ابلغ مركز الحرس الوطني انه شاهد خمسة "ملتحين" اشتبه في امرهم قرب بلدة بوشبكة التي تقع على بعد كيلومترين من الحدود الجزائرية. والسبت الماضي اعتقلت الشرطة سلفيين في بلدة فرنانة بولاية جندوبة (شمال غرب) القريبة من الحدود الجزائرية وصادرت منهما اسلحة ومتفجرات ومخدرات وخرائط وازياء عسكرية. والجمعة الماضي، قال الرئيس التونسي منصف المرزوقي في مقابلة نشرتها مجلة "وورلد توداي" البريطانية "وصلت كميات من الاسلحة التي كانت بحوزة نظام (العقيد الليبي الراحل) معمر القذافي الى الاسلاميين ليس فقط في ليبيا، بل ايضا في الجزائروتونس".