تبدأ السبت مراسم الاحتفالات الرسمية بتنصيب الرئيس الأمريكي باراك أوباما لولاية رئاسية ثانية, حيث تنطلق الاحتفالات التي سوف تستمر ثلاثة أيام, بافتتاح ميشيل أوباما, قرينة الرئيس, وجيل, قرينة نائب الرئيس جو بايدن, حفلة موسيقية خاصة بالأطفال من أنحاء الولاياتالمتحدة. أما الحفل الرسمي الخاص بأداء اليمين الدستورية, فقد قررت اللجنة الرئاسية المسئولة عن حفل التنصيب, أنه سوف يكون يوم الاثنين الموافق 21 يناير, بدلا من الأحد 20 يناير الذي يوافق الراحة الأسبوعية بالولاياتالمتحدة, ويتوافق يوم 21 يناير مع الاحتفال بذكرى ميلاد زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج. وينص الدستور الاتحادي على أن الرئيس المنتخب يبدأ تسلم مهام منصبه عقب حفل أداء اليمين يوم 20 يناير, ولذا فسوف يقوم أوباما بالجلوس رسميا في هذا اليوم في القاعة الزرقاء بالبيت الأبيض وسط تغطية إعلامية, بينما يخطط نائبه, جو بايدن, بتسلم مهامه في قاعدة بحرية أمريكية. وتبدو أجواء الاحتفالات بتنصيب أوباما هذه المرة مختلفة بشكل كبير عن تلك الاحتفالات الأسطورية والتاريخية خلال مراسم تنصيبه للولاية الرئاسية الأولى في 20 يناير 2009, والتي مثلت حدثا غير مسبوق في تاريخ تنصيب الرؤساء الأمريكيين, حيث شارك حينذاك 2 مليون مواطن أمريكي في تلك الاحتفالات, وامتلأت فنادق واشنطن قبل شهرين من موعد الحفل, بينما يتوقع أن يحضر حفل التنصيب يوم الاثنين المقبل ما بين 600 إلى 800 ألف شخص, ولا تزال هناك العديد من الغرف الشاغرة في فنادق واشنطن حتى الآن. وكانت اللجنة الرئاسية المسئولة عن حفل التنصيب قد أعلنت أن مدة الاحتفالات ستكون ثلاثة أيام بدلا من أربعة, وسوف تقتصر الحفلات الغنائية الراقصة الرسمية على حفلتين فقط, بدلا من عشر حفلات أقيمت في عام 2009. ووفقا لرأي مايك كورنفيلد, أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون, فإن حفل تنصيب أوباما لولايته الثانية "لن يكون حدثا تاريخيا مثلما كان في عام 2009, فالحدث كان استثنائيا..كان أوباما أول رئيس أسود من أصول أفريقية يصل لسدة الحكم في البيت الأبيض, وكانت وعوده وخطاباته تبعث روح الأمل في التغيير بعد أكبر أزمة اقتصادية ومالية تعرفها الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي..أما اليوم فإننا أمام تأكيد بقاء أوباما في الرئاسة, والحفل بوجه عام يكون استثنائيا بشكل أكبر في حالة تغيير الرئيس, كما أن أوباما أصبح وجها مألوفا, عاصره الناس أربع سنوات, وربما يشاهدوه اليوم وقد أصبح سياسيا مختلفا يسعى للغة خطاب جديدة لتفادي حالة الانقسام الموجودة بين أكبر حزبين في الولاياتالمتحدة, بل يقول البعض إن أوباما أصبح سياسيا مختلفا الآن..أين هو التاريخ الذي كان يمكن أن يصنعه؟" ويبرز عامل آخر ربما يجعل حفل التنصيب هذه المرة مختلفا إذا ما قورن بعام 2009, يختص بالتبرعات المقدمة للحفل; فقد اشتهر أوباما بتحطيم كل الأرقام القياسية الخاصة بالتبرعات السياسية في تاريخ الولاياتالمتحدة, إذ جمعت حملتاه الانتخابيتان الرئاسيتان في عامي 2008 و2012 حوالي 4ر1 مليار دولار, وهو ما لم يحدث لأي مرشح للرئاسة. وكان حفل تنصيبه في 20 يناير 2009 هو الأعلى تكلفة في تاريخ تنصيب الرؤساء, إذ أنفق على هذا الحفل حوالي 160 مليون دولار, مقابل 60 مليون دولار تم إنفاقها في حفل تنصيب جورج دبليو بوش في عام 2005, و33 مليون دولار في حفل تنصيب بيل كلينتون في ولايته الأولى في عام 1993. من جانب آخر , لا يتوقع أن يأتي جديد في خطاب التنصيب, فعادة ما يكون خطاب الولاية الثانية احتفاليا, في تقليد يعود للرئيس توماس جيفرسون في عام 1805, حيث يعيد الرئيس في هذا الخطاب التأكيد على تعهدات إدارته, ويذكر التحديات التي سوف تواجهها إدارته خلال الولاية الثانية. يقول ستيف كريجيان, رئيس اللجنة الرئاسية الخاصة بحفل التنصيب, "لا يعني أن الاحتفالات ستكون أصغر أنها سوف تكون أقل روعة وتميزا". وذكر أن "الجديد في حفل التنصيب لعام 2013 هو اختيار ستة أفراد من قيادات المجتمع من عامة الناس لحضور الاحتفال والجلوس في المقاعد الأمامية, وذلك بسبب دورهم في إعادة انتخاب أوباما". تجدر الإشارة إلى أن هناك 550 فرد يعملون في هذه اللجنة, وهناك 1300 من القوات المسلحة يشاركون في عملية تأمين هذه الاحتفالات, من بينهم الشرطة السرية, وتبلغ تكلفة تأمين الاحتفالات وحدها أكثر من 10 مليون دولار تم جمعها من المانحين, بينما خصصت لجنة الكونجرس المسئولة عن حفلات تنصيب الرؤساء حوالي 5ر1 مليون دولار لحفل أداء اليمين الدستورية. وتسيطر على أجواء الاحتفالات كذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها الولاياتالمتحدة, والتي يبدو أن أكثر المواطنين الأمريكيين لا يعتقدون أن وعود أوباما في التغيير قد تمكنت من معالجة أوجه الخلل الاقتصادي خلال ولايته الأولى; إذ لا يزال معدل البطالة يصل إلى حوالي 8%, أي أن إدارة أوباما لم تتمكن من تحريك نسبة البطالة لمستويات أقل عن تلك التي كانت سائدة في عهد بوش. وعلى الرغم من إدارة أوباما تدخلت لإنقاذ بعض البنوك الكبرى ودعم خدمات عديدة للمواطن الأمريكي, فإن ذلك أدى إلى ارتفاع دراماتيكي في الدين الفيدرالي العام منذ تولي أوباما الرئاسة, والذي يبلغ الآن 2ر16 تريليون دولار, بنسبة زيادة بلغت 52%, كما ارتفع حجم الدين الأمريكي العام ليصل إلى 3ر11 تريليون دولار بنسبة زيادة تبلغ 79%. وقد أدى استمرار ارتفاع معدلات البطالة وتناقص إجمالي دخل الأسرة الأمريكية إلى أن يصل عدد الأمريكيين الذين يعيشون عند حد الفقر حوالي 2ر46 مليون أمريكي وفقا لبيانات الحكومة الفيدرالية; وهو ما يعني زيادة عدد الفقراء 4ر6 مليون منذ عام 2008..أي أن نسبة عدد القراء الأمريكيين الفقراء تجاوزت 15% في العام الماضي مقارنة بحوالي 2ر13% في عام 2008.