قال أحدهم ينصح صديقه دع عنك هذه الطيبة فان زمنها قد مضى الى غير رجعة تحولت المسكينة الى مجرد طفلة هائمة بوجهها على الطرقات تبحث عن من يأخذ بيدها فلاتجد أمامها إلا يداً تخرج بها من ظلمة الى ظلمة ، قال لقد توزع دم الطيبة بين القبائل وأصبح ظلمها حقاً مشاعاً في زمن أراد لها ان توضع السكين على جيدها الابيض ،وأن يطلق عليها الاثم لأنها أصرت أن يكون لها وجه القدسية في معبد بعيد وقال ان الطيبة وجدت سداً من القبح يعترض سبيلها لأنها اعلنت الثورة على الرافضين أن تكون السماء وطناً للطيبين وقال أن احد القدامى من الشعراء اعلن حكمة مشهورة يقول فيها «أن لم تكن ذئباً أكلت الذئاب» وأنا اتفق معه في هذه المقولة حيث تحول هذا الزمان الى مصيدة ضخمة من الانياب لا تصطاد إلا من حمل وجهاً طيباً ومشى به بين الناس. * قيل أن الناقة لو تعرض وليدها إلى حريق لم يجد منه نجاة ظلت في مكانها بقربه تتقاسم معه الموت احتراقاً لحظة بلحظة ترى ماذا عن الانسان الذي يهاجر بالسنوات بعيداً عن وطنه دون ان يتذكر ان هناك طفلاً له غادره في السنوات الاولى من عمره لم يتذكره خلالها إلا بالرسائل فقط ليصبح بذلك والداً له بالاسم ربما اذا تصادف ان مّر به في طريق نظر اليه كأنه مجرد طيف ليس اكثر ما اقسى الغربة وما اقسى أيامها التي حولت قلوب المغتربين الى قطعة من ارض لا تثمر إلا جراحاً غير قابلة للشفاء. * قال الاديب اللبنانى المعروف« جبران خليل جبران» ان اكثر ما يؤلمه ان يرى نمراً على سيرك متجول يتقافز على حلبة العرض هنا وهناك والاطفال من حوله يتاضحكون وقال ان قلبه يكاد ان يتمزق وهو يرى اصحاب البطولات في خانة المنكسرين واضاف ان النمر بفمه المخلوع الاسنان وجسده المنهك من التخدير المتواصل يذكره بأولئك الثوار الذين يقبعون داخل السجون وسجانهم يقف على رأسهم بسياطه ينزل بها على اجسادهم كل ساعة ناسياً او متناسياً انهم سيصنعون له بأياديهم المكبلة بالاغلال يوماً مشنقة يتدلى منها رأسه في شارع عام. عسل شرقي جداً: نامت احزان عمرى غنى زمانى واتلاشت صعاب انا قبلك الايام قضيتها سراب يسلمنى لسراب بيك طويت من عمرى صفحة ماضى مكتوب بالعذاب يا اعز الناس حبايبك نحنا زيدنا قليل حنان العمر زادت غلاوتو معاك وصالحنى الزمان فنون