معيار التقدم في أي بلد أن تحقق التطور من عام لعام في كافة المجالات فكيف لنا كسودانيين أن نتراجع كل عام وبصورة تنذر بالأسوأ من عام لعام على كل مستوياتنا السياسية والرياضية والاقتصادية بل والمؤسف اجتماعياً الأمر الذي يطرح السؤال الخطير: كيف ستكون إذن نهاياتنا ونحن ندمن الهبوط من سمة لأخرى في كل المجالات حتى أصبحنا ندمن التحسر والتباكي على ما كنا عليه من عام لعام في كافة المجالات فأين تكمن العلة : هل في قلة إمكانات وثروات الوطن وقدراته في كافة المجالات حتى لم تعد تسعنا، أم فينا نحن الذين ندمن الفشل في توظيف الإمكانات رغم أننا من أكثر دول العالم ثروات في كافة مجالاتها. لست هنا بصدد التفصيل في تناول هبوطنا اقتصادياً واجتماعياً وإنما أقصر نفسي في القضية الرياضية بحكم أنني معني تحديداً في هذه المساحة بتناول الهبوط الرياضي. بلا شك أن ما يعنيني هنا في المجال الرياضي أننا بدلاً من أن نحرز المزيد والأفضل من نتائج لماضينا الأطول كمؤسسين للكرة الأفريقية والعربية على مستوى الأندية والمنتخبات الوطنية فإننا ظللنا الأفشل من سنة لأخرى منذ عام 91 بل والأكثر فشلاً من عام لآخر على كل المستويات الفنية والإدارية. إنها حقاً قضية جديرة بالاهتمام والدراسة تحنم علينا أن ندرس بعلمية السر في أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا على كل المستويات بينما المنطق والعلم يقول أن الحاضر هو الأفضل إنجازاً من الماضي وإلا أصبحت حالة تستحق الدراسة فعلى مستوى المنتخب الوطني فإننا منذ منتصف السبعينات خارج منظومة التنافس بل والأسوأ في التصفيات على كل المستويات وأما على مستوى الأندية فالحقيقة المرة تواضع إنجازاتنا التاريخية التي لم تتعدى أكثر من إحراز المريخ لبطولة الدرجة الثانية مرة واحدة وقبل أكثر من ربع قرن حيث أصبحنا خارج المنافسات لما يقرب الثلاثين عاماً الأمر الذي يعني تواضع نتائجنا في بطولتي المنتخبات والأندية، الأمر الذي يستوجب منا دراسة هذه الظاهرة الغريبة لنقف على الأسباب الموضوعية والعلمية لتراجع مستوانا ونتائجنا على كل المستويات، فكيف لنا أن تكون نتائجنا رغم تواضعها على كل المستويات أن تكون الأفضل في ماضينا والأفشل في حاضرنا رغم أننا أصبحنا الأعلى ضجيجاً إعلامياً. ولكم هو غريب أن لا يقف تدنينا في المستوى وتواضع نتائجنا في الملعب وحده. وعلى مستوى أندبتنا ومنتخباتنا فقط فإن تدنينا امتد إلى مستوى الإدارة حيث لم يعد وجودنا على المستوى الإداري يتعدى عضوية اللجان التنفيذية على المستوى القاري مع أننا تربعنا أعلى المستويات الإدارية ليس على المستوى القاري وحده وإنما على المستوى العالمي حيث اعتلى رحمة الله عليهما الدكتور عبدالحليم محمد والرائد زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر أعلى المراكز في الاتحادات القارية والدولية بل وعلى مستوى اللجنة الأولمبية الدولية حتى انتهى رصيدنا التاريخي بأن يقتصر وجودنا وبصفة مؤقتة على عضوية البروف شداد ومجدي شمس الدين في عضوية اللجان التنفيذة وكلاهما فشل في أن يبقى فيها أو يتتطور لأعلى والذي انتهى بغيابنا عن أي موقع قاري أو دولي رغم أننا من مؤسسي الكرة الأفريقية والعربية. ولكم هو مؤسف أن يكون غيابنا على كل المستويات إدارياً وفنياً على هذا المستوى المتدني الذي نشهده اليوم لدولة هي المؤسسة والمستضيفة لتكوين الاتحاد الأفريقي ليصبح السودان هو الأسوأ والأضعف مكانة ورصيداً بين الدول الأربع المكونة للاتحاد الأفريقي مقارنة بمصر وجنوب أفريقيا وإثيوبيا، ولعل الأخطر من هذا أننا كنا نضاهي مصر وننازعها في سيادة الكرة الأفريقية عند نشأة الاتحاد الأفريقي تاريخياً حتى غاب السودان نهائياً عن ذاكرة الكرة الأفريقية على كل المستويات منتخبات وأندية وإداريين رغم أنه أصبح الأكثر صخباً وضجة إعلامية على المستوى الأفريقي والعربي لنصبح أبطال أفريقيا والعرب على الورق وكافة أجهزة الهرج الإعلامي إذاعات وقنوات فضائية وصحف وصفحات رياضية تفوق كل الدول الأفريقية والعربية مجتمعة ولازلنا نعاند ونعيش تحت هذا الوهم ونرفض نصب صيوان العزاء لمن لم يعد له وجود على كل المستويات قارياً وعربياً. (ياخوانا ما نفضها سيرة قائمة على الوهم ونحن الأفشل قارياً وعربياً).