بدأت الفيفا الطرق بقوة على بوابات الرياضة السودانية معلنة التدخل من اجل حماية اهلية وديمقراطية الحركةالرياضية وكرة القدم على وجه التحديد في اعقاب تداعيات انتهاء انتخابات الاتحاد والتي فاز بها معتصم جعفر بعد ان قبلت المفوضية الطعن المقدم من رئيس اتحاد الكاملين ضد شداد وابعدته من الترشح وفقا للمادة( 16 الفقرة3) تكون دورة العمل لعضوية مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة دورتين متتاليتين كحد أقصى في الهيئة الواحدة والمنصب الواحد ،وأي عضو يحقق للسودان موقعاً قارياً أو دولياً تعتمده الوزارة يمنح الحق في الترشح لدورة أخرى ويبدو للناظر لتلك المادة بأنها تحتوي على عنصرين رئيسيين: أولاً: العمل في عضوية مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة (والاتحاد الرياضي السوداني لكرة القدم أحدهم) محكوم كحد أقصى بدورتين متتاليتين في الهيئة الواحدة والمنصب الواحد وجاء هذا التحديد قاطعاً لا جدال فيه كما ورد في عريضة الطاعن ثانياً: يمنح أي عضو يحقق للسودان موقعاً قارياً أو دولياً الحق في الترشح لدورة أخرى شريطة اعتماده من الوزارة وهذا العنصر كما يبدو له شقان (أولهما) يحقق الموقع القاري أو الدولي (وثانيهما) أن تعتمده الوزارة ولعدم تطابق هذه المعايير لدى شداد تم قبول الطعن المقدم فيه من قبل الوزارة وصعد معتصم لسدة كرسي الاتحاد الا ان هذا الصعود ربما يكون صعودا نحو الهاوية للكرة السودانية بعد قرار الفيفا التي اصدرته بضرورة اعادة انتخابات الاتحاد السوداني في بحر اسبوعين والا انها ستضطر لتجميد نشاط البلاد في المحافل الخارجية رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ، الاعتراف بانتخابات اتحاد الكرة السوداني التي جرت الأسبوع الماضي لمخالفتها النظام الأساسي للاتحاد الدولي، وأمهل السودان حتى الخامس عشر من أغسطس الجاري لإعادة الانتخابات ، وإذا لم يستجب فإنه سيكون مضطرا لاتخاذ بعض العقوبات من بينها تجميد نشاط السودان الخارجي. من جهته، أكد رئيس اتحاد الكرة المنتخب الدكتور معتصم جعفر أنهم تسلموا خطابا من «فيفا» بهذا الشأن، وسيعقد اجتماع طارئ لاتحاد كرة القدم الجديد اليوم لمناقشة هذه التطورات، مشيرا إلى أن قرار «فيفا» لا يخص اتحاد الكرة وحده وإنما يهم أيضا وزارة الشباب والرياضة. وكان الدكتور كمال شداد رئيس الاتحاد السابق والذي ابعد عن السباق لرئاسة الاتحاد بعد أن تم الطعن فيه من قبل رئيس اتحاد الكاملين بعد قبول ترشيحه قد خاطب «فيفا» متظلما ، وقال في خطابه إن الحكومة حرمته من حقه في الترشح لاتحاد كرة القدم بقانون لا علاقة له بالنظام الأساسي للاتحاد. يذكر أن المفوضية الاتحادية استبعدت شداد من سباق الرئاسة بعد الطعن الذي قدم ضده بناء على المادة 16/3 من قانون هيئات الشباب والرياضية لسنة 2002 و ما قاله الدكتور معتصم جعفر فان قرار الفيفا هو مسؤولية الجميع ويتجاوز الاتحاد للدولة هو حديث يبدوا اكثر منطقية لان قرار الفيفا من شأنه ان يلغي بتبعات على مختلف الجوانب بما فيها الجهاز السياسي الذي ربما يكون لقرار الفيفا تأثيراته عليه ، فالامر سيعيد الجدل الذي لا ينتهي حول مدى مواءمة القوانين الداخلية للقوانين الدولية وهو امر لايمكن عزله عن طبيعة الواقع الدولي السائد والتي تمثل الفيفا احد تجلياته مما يجعل من الازمة مابين اتحاد الكرة والحكومة ممثلة في المفوضية ازمة عابرة للحدود ولوشئنا لنكن اكثر دقة ونقول الازمة مابين شداد والمفوضية ازمة ستكون لها مجموعة من التداعيات على المستوى المحلي، تداعيات تنطلق اساسا من خلال مواقف كل طرف من اطرافها ، فشداد الذي قدم شكوى للفيفا بمبرر تعرضه للظلم يبدو اكثر المستفيدين من القرار بحجة انه حقق انتصاراً في معركته التي لم تنته بعد ،بينما اعضاء الاتحاد الذين فازوا بالمقاعد وجدوا انفسهم في معادلة صعبة تتطلب التوفيق مابين سيادة قانون الدولة وفي نفس الوقت احترام النظام الاساسي للفيفا باعتباره مسؤولاً عن تنظيم النشاط الرياضي وكرة القدم بالعالم وخرج اجتماعهم الذي انعقد امس لمناقشة تداعيات القرار بضرورة قيادة حوار موضوعي مع الجهات المختلفة وخصوصا مع وزارة الشباب والرياضة باعتبارها الجهة المسؤولة في السودان. وقال مجدي شمس الدين سكرتير الاتحاد والناطق الرسمي باسمه ان الفيفا كلفتهم بايصال وجهة نظرها للحكومة السودانية وطالب مجدي بضرورة ايقاف التصعيد الاعلامي والتعامل بعقلانية مع الحدث وتداعياته على النشاط الرياضي الذي يجب ان يستمر. وقال ان موقف الفيفا واضح فانها لا تتعامل مع الحكومات وموقفها من المادة 16 انها ستتعامل بها اذا تم اجازتها من الجمعية العمومية للاتحاد لتكون متوافقة مع النظام الاساسي وليست من المجلس الوطني وقال مجدي ان حوارهم سيستمر مع الوزارة والفيفا لحل المشكلة. ومن جانبها قالت المفوضية ان دورها انتهى بمجرد اقامة الانتخابات وما يحدث الآن لا يعنيهم من بعيد او قريب وانها مسؤولة فقط عن تطبيق قانون هيئات الشباب والرياضة وهو القانون الذي تتمسك به وبأعلى الدرجات وزارة الشباب والرياضة والتي قال وزيرها انهم غير ملزمين بتنفيذ قرارات هيئة لا تحترم تشريعاتنا الداخلية في نبرة تحمل في داخلها سيناريو الاتجاه نحو التصعيد من قبل الوزارة وهو امر كان قد حذر منه مسبقا القانوني محمد الشيخ مدني والذي عاد ليكرره في الصحف امس قائلا ان الدخول في معارك ضد الفيفا سيدفع ثمنها السودان وفي اتجاهات متعددة وسيتأثر بها النشاط الرياضي واضاف ان الذين كانوا يستبعدون موقف الفيفا من الامر عليهم الاستعداد لمواجهات تداعيات قراراتهم الآن. فالفيفا تتعامل وفق نظامها الاساسي والذي يحرم التدخل في شؤون الاتحادات الوطنية من قبل حكومات البلدان المختلفة وهو امر تكررفي كثير من اتحادات الدول التي حاولت حكوماتها توجيه عملية الاختيار في داخلها كما حدث في الاتحاد العراقي وكان الفيفا قد علق عضوية الاتحاد العراقي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد قيام الشرطة العراقية بوضع يدها على مقر الاتحاد وبعد ان حلت الحكومة لجنته التنفيذية بدعوى علاقتها بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ونفس الامر كان قد حدث في نيجريا وجمد كذلك الفيفا نشاط الاتحاد الاثيوبي لنفس الاسباب وهو ما يعني ان الفيفا سيتخذ الخطوات اللازمة اتجاه الاتحاد السوداني لكرة القدم حسب ماورد في خطابه ولكن قبيل ذلك فان ثمة احتمالات تلغي بظلالها على القرار الذي يجب اتخاذه كلها تتعلق بالمادة 16 مسار الازمة وعملية تعديلها والتراجع عنها فان المادة وردت في قانون هيئات الشباب والرياضة الذي اجازه البرلمان وعليه فان تعديلها نفسه يتطلب قرارا تصدره السلطة التشريعية وهو امر يبدو صعبا في ظل الفترة الزمنية الضيقة التي منحها الفيفا للسودان لتوفيق اوضاعها وخصوصا ان السلطة التشريعية غير منعقدة في هذه الايام او بخيار آخر يتخذه رئيس الجمهورية مع الوضع في الاعتبار ان الرئيس المنتخب للاتحاد هو عضو في المؤتمر الوطني في نفس الوقت الذي يتمتع فيه بعضوية البرلمان وشداد نفسه يتمتع بعضوية مجلس الشورى في الحزب الحاكم ولكن الكثيرين يرون في الرجل انه مثير للازمات والصراعات ويحفظ الارشيف له ذلك فقد هاجم الحزب الحاكم في آخر مؤتمراته الصحفية وهي عوامل ربما تؤثر في القرار الذي يمكن ان يصدر من السلطة السيادية كما ان هنالك طريق آخر للخروج من الازمة طرحه المحامي مجدي شمس الدين يتعلق باجازة المادة 16 من قبل الجمعية العامة للاتحاد وهو نفسه طريق تقابله مجموعة من الاشواك تتعلق بمدى ولاء اعضاء الجمعية لشداد مما يجعل من الصعوبة بمكان تمرير هذه المادة عبر الجمعية. في ظل الوقائع الماثلة فان عملية التنبوء بمآلات الاحداث تبدو عملية بالغة الصعوبة في ظل تداخل الخيوط وتشابكها مابين كافة المكونات في حلبة الصراع الرياضي ذي الابعاد السياسية التي ربما تؤثر في مساره القادم الا ان ثمة مواضيع اخرى يجب وضعها في الاعتبار وهي التي تتعلق باستمرارية النشاط الرياضي في البلاد فثمة حدثين هامين الاول هو صعود الهلال لدوري المجموعات في بطولة الكونفدرالية وربط استمراره في البطولة بحل هذه الازمة وهو امر يعني دخول عوامل اخرى في الصراع هي خلفية هلال مريخ، فعدم صعود المريخ من شأنه ان يقلل من اهتمامه بهذا الامر الذي بدا واضحا في مناشدة جماهير الهلال للرئيس البشير بحل مشكلة الاتحاد واصدار قرار سيادي بالغاء المادة 16 واعادة الانتخابات مرة اخرى، والحدث الآخر يتعلق باستضافة السودان لبطولة الامم الافريقية للمحليين في العام القادم بالسودان مما يتطلب الاسراع بوضع حلول لهذه الازمة والا فقدت البلاد فرصتها في الاستضافة عليه فان الامر يحتاج لخارطة طريق تعالج الموضوع وتتجاوز به درجة التصعيد.