٭ نعم الفقر يعم أرجاء الحياة السودانية.. وقفت عند هذه الجملة الصغيرة الكبيرة (سيادة الفقر).. الصغيرة بعدد كلماتها الكبيرة في آثارها ومعناها.. وقفت عند معنى عذابات الفقر.. عذابات هذا الكم الهائل من المجتمع السوداني.. نعم الكم الغالب من سكان السودان.. فقد اضحت الغالبية العظمى من السودانيين تحت خط الفقر ،الاحصائيات تقول ان نسبة الفقر بلغت ال 96%. ٭ وسياسة التحرير الاقتصادي غير المقدور على اثارها السلبية هى السبب.. ونظرة عابرة للخارطة الاجتماعية تبرز هذه الحقيقة بوضوح ساطع.. اسطع من شمس الظهيرة في نهارات مايو القائظة. ٭ تلاشت طبقة كاملة خلال العشرين عاماً الماضية.. تلاشت الطبقة الوسطى.. طبقة الموظفين وصغار التجار والمهنيين والحرفيين وقطاع كبير من المزارعين كل هؤلاء داست عليهم سياسة التحرير وسحقت آمالهم في العيش الكريم.. وفي التعليم وفي الدواء وفي الوضع الاجتماعي المتميز. ٭ واصبحوا كلهم تحت رحمة جرعة الدواء وظل سكن باهظ الايجار في اطراف المدن.. ووجبة واحدة مكونة من فول (بوش) أو وجبتين على احسن الفروض.. هذا حال الغالبية العظمى من أهل السودان. ٭ وهناك طبقة اخرى طبقة ال 4% طبقة مترفة تتمتع بكل شيء العلاج في الخارج أو المستوصفات الخاصة.. والسكن المريح والتعليم المتيسر في الخارج أو الداخل.. الطعام الفاخر.. ولكنها الاقلية.. اقلية وارثة أو اقلية أثرت حديثاً في ظل التحرير والإصلاح الاقتصادي ومولوده الشرعي النشاط الطفيلي الذي يمتص من جسده العافية لتذهب الى جيوب أقلية تعمل في التهريب وغسيل الاموال والتهرب من الضرائب والاحتيال والغش. ٭ صحيح ان الحكومة تتحدث عن انخفاض التضخم وتتحدث عن صناديق الدعم وعن مشروعات الزكاة وعن التأمين الصحي وعن.. وعن.. وكلها مشروعات جميلة في كلمات طيبة ولكنها كلها لا تجدي ولا تغير الواقع المرير.. واقع الفقر الذي نعيشه حرماناً وقهراً وانكساراً.. واقع ينذرنا بمستقبل مظلم.. عندما يشب هذا الجيل ضعيف البنية قاصر الذكاء معتل الصحة قليل الحظ.. جيل (البوش) و(السخينة) و(مرقة ماجي) ولا حول ولا قوة إلا بالله القدير.. فقد شمخت سيادة الفقر وعممت كل الارجاء تأملوا الذي يحدث في المجتمع السوداني.. تأملوه جيداً وبعدها فكروا في الانتخابات ونتائجها. هذا مع تحياتي وشكري