٭ وقفت عند هذه الجملة: «كبد الحكومة من فولاذ» الجملة الصغيرة بعدد كلماتها الكبيرة في معناها.. تعني ان يتحول مكان الحنية والعطف الى معدن صلب.. كبد حكومتنا صار لا يرق تجاه رعاياها.. لا يتحرك امام عذابات هذا الكم الهائل من المجتمع السوداني.. نعم، الكم الغالب من سكان السودان، فقد اضحت الغالبية العظمى من السودانيين تحت خط الفقر.. بلغت ال 69%. ٭ وسياسة التحرير غير المقدور على آثارها السلبية هي السبب، ونظرة عابرة للخارطة الاجتماعية تبرز هذه الحقيقة بوضوح ساطع.. اسطع من شمس الظهيرة في نهارات صيف السودان الغائظة. ٭ تلاشت طبقة كاملة خلال العقدين الماضيين.. تلاشت الطبقة الوسطى.. طبقة اساتذة الجامعة زيدت مراحل التعليم.. والموظفون طلائع المتعلمين.. وصغار التجار والمهنيين والحرفيين وقطاع كبير من المزارعين كل هؤلاء داست عليهم سياسة التحرير وسحقت امتيازهم وقطعت تطلعاتهم في العيش الكريم وفي الدواء وفي الوضع الاجتماعي المتميز.. وضع استاذ الجامعة والموظف والتاجر والمزارع.. واصبحوا كلهم تحت رحمة جرعة الدواء وظل سكن باهظ الايجار في اطراف المدن.. ووجبة واحدة مكونة من فول او وجبتان على احسن الفروض.. هذا حال الغالبية العظمى من اهل السودان. ٭ وهناك طبقة ال «4%» طبقة مترفة.. تتمتع بكل شيء.. العلاج والسكن المريح والتعليم المتيسر والطعام الفاخر والعربات الفارهة.. ولكنها اقلية وارثة او اقلية اثرت حديثاً في ظل التحرير والاصلاح الاقتصادي والخصخصة وما يتبعها من نشاط طفيلي يمتص من جسد الاقتصاد الوطني العافية لتذهب الى جيوب اقلية تعمل في التهريب والتهرب من الضرائب وفي الاحتيال والغش. ٭ صحيح ان الحكومة تتحدث عن انخفاض التضخم وتتحدث عن صناديق الدعم وعن مشروعات الزكاة وعن التأمين الصحي وعن.. وعن.. وعن.. ولكن كلها لا تجدي ولا تغير الواقع المرير.. واقع الفقر الذي يعيشه المواطن السوداني حرمانا وقهراً وانكساراً.. واقع ينذر بمستقبل مظلم عندما يشب هذا الجيل ضعيف البنية مهدود الحيل قليل الحظ في التعليم والعلاج.. جيل البوش ومرقة ماجي والسخينة. ٭ كبرت امامي هذه الحقيقة وسقطت في هوة الاحباط واليأس وانا اتابع موجة الغلاء الصاعدة.. وموجة الغلاء التي اعجزت الكل من اللحاق بها.. وقف الكل ينظر الى كيلو اللحم بالثلاثين جنيها والى العجورة ام تلات جنيهات.. والزيت والدقيق وكل شيئ.. كل شيء. فقد تمكن الغلاء ودخل المزيد من الناس في هذا الشهر العظيم الى دائرة الانسحاق. ٭ كففت عن التفكير والتأمل وتأكد لي تماماً بأن حكومة الانقاذ تحول كبدها الى قطعة من حديد صلبة وقلبها صار قطعة من الزلط.. وما على المواطن السوداني الا ان يردد: «الشكوى لغير الله مذلة».. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. هذا مع تحياتي وشكري